ٍلِينتصر الوطن... رسالة إلى مدرسة دبلوماسية الاستعلاء والهزيمة

ٍلِينتصر الوطن... رسالة إلى مدرسة دبلوماسية الاستعلاء والهزيمة

تاريخ النشر : 21:16 - 2023/04/21

سيسجل التاريخ ان بلدا صغيرا اسمه تونس، بلد كبير كلما صارع الاستعلاء الغربي وروح الهزيمة الداخلية، سيسجل انه تحدى كل وحوش العصر وتحدى التوحش الكوني لسوق الإرهاب العالمية ولصندوق النقد الدولي ولم يرضخ لا للإرهاب ولا للفساد ولا للتطبيع ولا للتبعية، وانتصر.  أحيانا يكون الخيار في حد ذاته انتصارا. وأحيانا يأتي الانتصار من قلب الخيار حتى إذا كان خيار الضرورة، غير انه في ذات الحين إرادة انتصار. وإن مجرد التخلي في أحيان كثيرة انتصار واختيار للمبدأ لا للنتيجة الآنية المدمرة  في انتظار النتيجة الأفضل والانتصار بفرض الإرادة لا بالتخلي وبتغيير الطريق وبلوغ الغايات وتحقيق الأهداف رويدا رويدا لا بمجرد التخلي ولا بمجرد فرض الإرادة. 
وهنا الفارق بين التخلي والانتصار وبين الانتصار ومجرد تنازل الآخر التكتيكي ورضوخه من أجل مصلحته. وهنا الفارق بين الزمني الظرفي والتاريخي الذي يدوم، وبين اللاخيار والمناورة بما ليس في اليد وبين تعدد الخيارات الفعلي. 
سيسجل التاريخ ان ثالوث التخطيط والحوكمة وتطبيق القانون هي السبيل الأفضل لتحقيق السيادة والكرامة والتطوير. وما الانتظارات الشعبية من احداث تغيير نوعي قريب على مستوى السفراء والقناصل والولاة والمعتمدين والعمد وعلى مستوى الحركة القضائية ولاحقا المحكمة الدستورية، زائد مزيد هيكلة الحكومة وترميم بعض الثغرات وإحداث بعض التغييرات على مستوى المسؤوليات وعلى مستوى التسيير وتفادي التعثرات والمعرقلات، إلا دليل ثقة وأمل في الانتقال إلى الطور الديمقراطي التنموي المأمول. 
قد تستقر لهم الأوضاع وقد لا نحقق أيا من أهدافنا، هذا لسان حال بعض الأطراف الأجنبية وهذا سبب سوء تقديرها لما يجري في بلدنا وتكرر نفس الأخطاء السياسية والديبلوماسية التي يرتكبونها سافرة في شكل تدخلات خارجية عشوائية وعقيمة. والإجابة اننا ننظر إلى الأبعد من خلال تحقيق الاستقرار التدريجي نحو الاستقرار الاستراتيجي في بلدنا وليس لنظام بعينه، فاستقرار الأوضاع مصلحة وطنية لبلد شريك وليس لشخص أو لساحة عبث تابعة وهشة ويفترض أن يكون مصلحة مشتركة للشركاء إذا أحسنوا التقدير واقلعوا عن عاداتهم القديمة الفاشلة.
هذا ما يجب أن يفهمه الشركاء الأوروبيون ويجب أن يفهمه الأمريكان وغيرهم خاصة وان الاتجاهات الاستراتيجية لسنة 2023 راجحة نحو الصين ونحو اندونسيا ونحو الهند أكثر من فرنسا وألمانيا واليابان بحسب أهم دراسات الخارجية والسياسة الدولية وبحسب أهم تقديرات الدراسات الاقتصادية والبنوك الدولية لسنة 2024. وهم يعرفون ان مفهوم الاستقرار الاستراتيجي هذا مفهوم كبير ومعقد ولا يعفى منه أحد بما في ذلك أمريكا التي يمكن أن تؤدي فيها أوضاعها إلى "انهيار مدني حقيقي" بحسب توصيف صحيفة بوليتيكو الأمريكية وبسبب "تزايد خطر العنف السياسي والاضطراب" الذي قد يصل حد "إندلاع حرب أهلية جديدة" مع حلول الانتخابات الرئاسية بحسب نفس الصحيفة بتاريخ اليوم الجمعة 21 أفريل وبشهادة وتحذير مسؤولي الأمن القومي الأمريكي أنفسهم. 
انهم يفهمون من خلال التاريخ والجغرافيا والاقتصاد وسائر الشؤون الاستراتيجية التي تخيم على المنطقة والعالم ويفهمون بصفة مباشرة من خلال المخاطر المالية والمصرفية التي تحدق بهم والتي أعلن عنها البنك المركزي الأوروبي وظهرت مؤخرا في ألمانيا وغيرها وحتى المخاطر الإجتماعية والتحديات الأمنية على السلم الأهلية في أكثر من بلد أوروبي وما لذلك من تداعيات على عموم الشؤون السياسية والاقتصادية والجيوسياسية وغيرها.
نحن أيضا نستطيع أن نقول لن تستقر لكم الأوضاع كما تريدون أن تكون علاقتنا بكم قبل أن نحقق أهدافنا من العلاقة التي نريدها أن تتغير تدريجيا معكم. ولا فائدة في التفصيل، مع اننا في مرحلة وضوح وبندية واقعية متناسبة مع حقيقة أوضاعنا وعقباتها المالية الحادة وخاصة ماذا نريد وكيف نجيب عما يريدون بنفس الوضوح إذا أرادوا المصارحة والمكاشفة التامة دون مصادرة عدة أبعاد مصيرية ليس الوقت مناسبا ولا حق الشريك كافيا لبحثها كلها.
إن أغلب الظن ان كل مقدرات النجاح في صياغة علاقة متوازنة ومتجددة ممكنة. نعم نحن نتوجه استراتيجيا نحو خلق الثروة والتعويل على أنفسنا. نعم لدينا بدائلنا في الطاقات المتجددة وفي مقدراتنا الأخرى وهي حقنا، وحقنا كيفية التصرف فيها لمصلحتنا قبل أي كان، وفي الاستثمار وفي تنويع العلاقات وفي تفكيك اقتصاد الريع وهي أولويتنا التي ستأخذ طريقها إلى الإنجاز. ولكن أولويتنا أيضا تفكيك أسباب علاقات التبعية رويدا رويدا. ولدينا الحلول التشريعية والتنفيذية ولدينا نظرتنا في الاتفاقيات والشراكات والفرص المتاحة في الإقليم وفي العالم ولدينا منظور وطني في الاتصالات الاستراتيجية. غير ان الثمن يجب أن يكون عادلا ومراجعة المخاطر يجب أن تكون بتقاسم الأعباء وبناء الفرص الجديدة يجب أن يكون بمنطق تناسبية رابح - رابح. وهنا طريق انتصار تونس وطنا وشعبا.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

في شهر أكتوبر: 2 أكتوبر تاريخ تحرير بيت المقدس أيام صلاح الدين الأيوبي.
16:12 - 2024/05/14
تعتبر مدينة المتلوي أوّل مدينة يصلها القطار ذلك أنّ السكّة الحديديّة مدّت إليها تحديدا يوم 19 أفر
09:29 - 2024/05/14
الجامعات الغربية تقول اليوم كلمتها من خلال الحراكات  الطالبية وليس غريباً أن تكون غزة التي تشهد أ
09:29 - 2024/05/14
استُكْمِلَ تنصيبُ المجلس الوطني للجهات والأقاليم بِمركزيته،  وأقاليمه،  وولاياته،  ومعتمديّاته،  
08:57 - 2024/05/13
قالها وزير الفلاحة مخاطبا فلاحا طلب منحه رخصة لحفر بئر فتعللت الادارة بانتظار اجتماع لجنة اسناد ا
08:57 - 2024/05/13
لقد استغل المرحوم علي البلهوان كل المناسبات (ابّان فترة الإستعمار) ليدعوا الناس إلى مواصلة النضال
08:57 - 2024/05/13
أعادت ملحمة «طوفان الأقصى» بعد مرور سبعة أشهر على انطلاقتها الاعتبار لمفاهيم التحرّر الوطني والعز
08:57 - 2024/05/13
نصبُوا خيامهم، ورفعوا أعلامهم، وأشهروا لافتاتهم بين تلافيف ساحات أعرق، وأشهر الجامعات الأمريكيّة،
08:57 - 2024/05/13