في عيد العمال العالمي: تونس تحتاج قيادة استراتيجية تأسيسية من أجل دولة مسؤولية، دولة ضامنة وإنسانية

في عيد العمال العالمي: تونس تحتاج قيادة استراتيجية تأسيسية من أجل دولة مسؤولية، دولة ضامنة وإنسانية

تاريخ النشر : 20:12 - 2021/05/01

سيبدو حديثا نظريا إلى حد ما. ولكن مرض الهروب من النظر لحساب أفعال واقعية غير موجودة بالمرة أخطر و أتعس، وبالأحرى، يعرف أغلبنا واقعنا، ولكن قلة منا تهتم بإنتاج فهم متناسب مع مأزقنا الاستراتيجي والوجودي خاصة إذا ما تقهقر الوضع إلى ما هو أسوأ، وذلك أمر مرجح. وأيضا إبداع مفهوم قادر على إنقاذ منظومة العقل السائدة وأفق استراتيجي مفتوح لا مغلق نستطيع أن نرتب فيه نظرنا وعملنا ومستقبلنا.
لقد وصلنا فعلا إلى وضع دولة خائرة كي لا نقول دولة فاشلة؛ دولة تفتقد إلى عناصر القدرة الأساسية على القيام بوظائفها. فهي خائرة القوى، وأكثر من ذلك لا شيء يدل على أنها تعمل على استجماع قواها ولا على تحصيل القوة ولا على صناعة القوة.
لقد وصلنا حقيقة إلى حالة الدولة الخائبة؛ الخائبة في كل مساعيها لإقناع الناس بشرعيتها وبعملها من أجل تحقيق أدنى تطلعات الجماهير الشعبية مختلفة وحادة الحاجيات. فالخيبة خيبات، من حيث الاختراق والاستتباع ومن حيث التخلف ومن حيث التفقير ومن حيث البطالة ومن حيث التطبيع ومن حيث كل المرافق الحيوية الأساسية، هذا عدا عن عجزها عن تأمين القطاعات الإنتاجية الاستراتيجية التى لطالما حصنت وحصلت للتونسيين الحد الأدنى القابل للحياة، وإن بسياسات تابعة وفاسدة على مدى عقود. هاهنا نتحدث عن نظام الحكم لا عن مفهوم الدولة ولا عن الدولة بالمعنى الكبير.
بإمكان أي من أفراد غالبية الشعب المتضررة أن توصف بيسر دولتنا بالدولة الخربة بمعنى انها لا فقط لا تبني ولا تحمي ولا تطمئن وإنما أيضا لأنها فوق ذلك تنسف وتخرب وتقضي على الطموحات، وهنا الأمر كله أمر حكم. وقد يصل الإدراك العام إلى مستوى الشعور بتحول الدولة أو سياسات الدولة تدقيقا  إلى مصدر خطر وتهديد لحياة الجماعة الوطنية، وأكثر وأبعد من حدودنا معا. 
وعليه، فإنه لا مخرج لوطننا وشعبنا إلا بقيام الدولة من جديد لا مجرد مرور إلى جمهورية ثالثة فكرنا فيه على عجلة قبل أشهر طويلة. والدولة هنا ليست القهر التسلطي ولا آلة سلطة الحرب على البشر ولا وسيلة رأس المال لشرب دم الناس وإنما قدرة الحياة المنظمة للحياة والقوة المقاومة من أجل الحياة بأنبل ما فيها لا برذائل التصورات الليبرالية والليبرالية المتوحشة في كل وجوهها الحداثوية المزعومة والحداثوية المضادة المزعومة. والدولة القائمة، على نقيض الدولة الخائرة، هي ببساطة الدولة التي تنتظم داخلها حياة المواطنين بشكل سليم وناجع وتستطيع القيام بدورها كدولة موجودة ضامنة. والدولة الضامنة هنا ليست دولة التواكل والهوان الجماعي بل دولة المسؤولية العليا كدا فكدا لتوفير أسباب الحياة.
الدولة الضامنة، على أنقاض الدولة الخائبة، بل الدول كدولة لا يمكن أن تقوم وتكون وتستمر دون أن تكون دولة فاعلة. والدولة الفاعلة لا يمكن أن تكون دون أن تكون دولة عامرة، على نقيض الدولة الخربة. وبنفس القدر وبنفس المنطق لا دولة فاعلة دون دولة عارفة تستطيع أن تكون دولة سيدة، وبالتالي دولة قادرة مقتدرة بمعنى القرار وبمعنى ضمان الحق والعدل وقوة الدفاع والبقاء. ومن ثم تكون دولة مستقرة تتعمق قدرتها الحضارية والسياسية لتصبح دولة راسخة، ثم يحق الأمل في دولة قائدة رائدة. 
في الأبجدية، لا استراتيجية شاملة تنهض بهذه التطلعات أعلاه دون كفاءة ودون رؤية ودون رسالة ودون تخطيط يصنع التكامل والتعاون والفعالية وتنفيذ وتحقيق المهام. يحتاج ذلك بلا أدنى شك قيادة استراتيجية تأسيسية، ولا يمكن إلا أن تكون جماعية وقائمة على بناة الدولة الوطنية السيادية من منظمات راسخة ومن النخب الوطنية السيادية ذات الكفاءة والخبرة وذات الروح المتعلقة بالوطن والشعب زائد قوة العمل الوطني الحي ذاته من كل المنتجين وكذا تحويل المهدور المعطل إلى سبيل نجاة. ولا يمكن أن تكون من بنات الصدف وتقلبات الدهر ومجرد حصيلة ظروف وأهواء وأمزجة، بل تبنى بروية وعلى سنوات طويلة وداخل مؤسسات الدولة أو حتى من خارجها بصفة كفاحية عالية تحتاج رجالا وبعض الإمكانيات ويجب أن تبدأ ولا تنقطع. هذه القيادة الاستراتيجية التأسيسية لا يجب أن تدير حالة و تتألف في صيغة وقتية وإنما تقود مرحلة بل عصرا وتتالف في زمنية تدوم بتحقيق الأهداف والنتائج بشكل متواصل ومتوال ومتصل. ولذلك نسميها قيادة استراتيجية وتأسيسية.

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03
إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22