مع الشروق: مصداقية الدولة وهيبتها.. على المحك!

مع الشروق: مصداقية الدولة وهيبتها.. على المحك!

تاريخ النشر : 08:06 - 2020/04/28

الملاحظ لما يجري في الشارع التونسي هذه الأيام يلاحقه سؤال حارق يقول: هل نحن في حظر صحي شامل وعن أي حظر يتحدث المسؤولون في الدولة؟
فالشوارع في المدن وفي الأحياء الشعبية وفي الأسواق بالخصوص تعجّ بالحركة وتشهد اكتظاظا يوحي وكأننا في الأيام العادية قبل زمن الكورونا... ويوحي وكأننا لا نعيش فترة حجر صحي شامل مضاعف بمنع للجولان بداية من الثامنة ليلا حتى السادسة صباحا.


الأدهى من كل هذا أن تعمّد المواطن استباق أجهزة الدولة في الرفع الموجّه للحجر الصحي الشامل ومروره إلى الرفع الكامل والنهائي لهذا الحجر بات يتصرّف بمنتهى الفوضى وبمنتهى اللامبالاة وبمنتهى الازدراء بقرار حيوي يتعلق بالصحة العامة ويتعلق بسلامة الشعب بأسره.


سلوك شجّع الكثيرين من أصحاب المهن الصغرى على فتح محلاتهم (وإن كان بطريقة مواربة)... وهو ما يوحي وكأن النسق المعتاد للحياة قد رجع والحال أننا مازلنا رسميا في فترة الحجر ويفترض أن يتم احترامها...
ولعل ما يزيد الأمر خطورة هو الطريقة التي يتعمد بها المواطن خرق الحجر الصحي.. فهو يفعل ذلك بتلقائية غريبة وبعناد غير مفهوم وبازدراء كامل بسلامته وسلامة المجتمع، حيث تغيب في جل الحالات أدنى الاحتياطات المستوجبة من ارتداء للكمامة ومن تباعد اجتماعي واحترام التعليمات عدم التجمع والامتناع عن الاكتظاظ في الأسواق وأمام المحلات...
وهي سلوكات عجيبة وغير مفهومة...  ويزيدها عجبا وغرابة سلوك الأجهزة الرسمية واكتفاء الدولة بالفرجة وأحد قرارتها الهامة والمصيرية يمرّغ في التراب ويداس تحت وقع سلوكات وتصرفات رعناء ولا تمت للمواطنة ولاحترام القوانين والنظم بصلة...


واضح أن هذه السلوكات تضرب مصداقية الدولة ومصداقية قرارات الدولة وقرارات أجهزتها على المحك... فلماذا يصلح اتخاذ القرارات إذا كان المواطن لا يعبأ بها.. وإذا كانت الدولة إما عاجزة عن فرض احترامها وتطبيقها وإما لا مبالية بمصيرها؟ وإذا تعوّد المواطن ـ وهو متعود في الواقع منذ 2011 ـ على عدم احترام علوية القانون وعلى الازدراء بقرارات الدولة فمن يضمن أن يحترمها غدا حين تمر الأزمة  وحين يجدّ الجدّ وتحين ساعة اتخاذ قرارات مصيرية وجذرية لإنقاذ البلاد وإعادة الاقتصاد والمؤسسات وكل القطاعات إلى نسقها العادي؟


لقد تحدث رئيس الحكومة مؤخرا عن تضحيات مؤلمة لتحقيق الهدف الكبير المتمثل في إنقاذ البلاد... وهي تضحيات يجب أن يتفهم دواعيها وينخرط فيها كل تونسي وكل تونسية...
لأن الإنقاذ جماعي وشامل أوْ لا يكون، لكن توجه رئيس الحكومة وإن كان وجيها بل ومطلوبا سوف يصطدم بهذه العقلية المتسيّبة واللامبالية للمواطن...
هذه العقلية، التي أسقطت الحجر الصحي بالضربة القاضية تشكل تهديدا جديا لمصداقية الدولة ولمصداقية قراراتها المستقبلية لإنقاذ البلاد... والتفكير واجب من الآن في استيعاب الدروس اللازمة واستنباط طرق وآليات تفرض احترام قرارات الدولة وتعيد لها هيبتها... وتقيها شرور عقلية الفوضى والتسيب.

 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

"أحبها بلا ذاكرة" هو عنوان الرواية الخامسة في مسيرة الأمين السعيدي الادبية.
22:14 - 2025/06/09
نعيش هذه الأيام على وقع زخم نضالي طرح على نفسه القيام بحراك عالمي يهدف إلى كسر الحصار على غزة وفت
07:00 - 2025/06/09
صارت أسعار التنّ المصنّع والمعلّب في تونس مشطّة إلى حدّ بعيد مع جودة متدنيّة إذ ما يصبّر في هذه ا
07:00 - 2025/06/09
حين الإنجازات في الخمسين سنة الماضية كانت حاضرة في خطاب السيد عميد كلية الطب بصفاقس كما جاء على ل
07:00 - 2025/06/09
في الوقت الذي تتضاعف فيه الإبادة الوحشية الجماعية في غزة وحشية وعنجهية زادت الهم الفلسطيني غما عل
07:00 - 2025/06/09
(أحمد الشقيري أول ديكولونيالي عربي يجيب)
07:00 - 2025/06/09
منذ قيام الثورة لم تشهد المعتمدية حملات للنظافة بالمعنى الصحيح وهذا ما جعل الفضلات تتكدّس في كل ح
07:00 - 2025/06/09
صادفت العلاقات الاقتصادية بين تونس والجزائر بعض العقبات عند حصول الجزائر على الاستقلال فقد كانت ا
07:00 - 2025/06/05