تونس أنقذت نفسها من الطوفان: حرفاء صندوق النقد يسقطون في مستنقع الإفلاس

تونس أنقذت نفسها من الطوفان: حرفاء صندوق النقد يسقطون في مستنقع الإفلاس

تاريخ النشر : 14:11 - 2024/02/09

 تكشف المنعرجات المدوية في سائر أنحاء العالم صواب الخيارات التونسية الرافضة  لإملاءات صندوق النقد الدولي التي تمثل طريقا مفتوحا نحو الإفلاس. 

 تحتاج الحكومة المصرية إلى 39 مليار دولار بشكل عاجل لوقف انهيار العملة المحلية «الجنيه» الذي أدى إلى موجة تضخم عاتية أفرزت أسعارا خيالية لدرجة أن الشارع المصري أصبح يتندر بسعر علبة السمن الذي وصل إلى 1000 جنيه. 

وفيما تراجع سعر الصرف الرسمي منذ أواسط العام المنقضي من 18 إلى 40 جنيها للدولار الواحد نشطت سوق الصرف الموازية بشكل مكثف خلال الأسابيع الأخيرة بسبب اللهفة على الدولار الأمريكي الذي وصل سعره إلى 70 جنيها. 

 ومن جهتها دخلت الأرجنتين إلى نفق مظلم بسبب التراكم السريع لبوادر الإنهيار المالي وتصاعد مخاوف الشارع من إصلاحات اقتصادية تزيد الأوضاع المعيشية تعقيدا بعد تجاوز التضخم عتبة 200 بالمائة . 

 وفي السياق ذاته فقدت الليرة التركية منذ بداية الصائفة الفارطة أكثر من نصف قيمتها وصعد التضخم المالي إلى 62 بالمائة فيما لا يلوح في الأفق أي بارقة أمل في توقف هذا النزيف الحاد. 

 وبالنتيجة يواجه حرفاء صندوق النقد الدولي أوضاعا متشابهة أعادت إلى الواجهة الضحايا السابقين لهذا الصندوق على غرار اليونان التي أفلست تماما خلال العقد الأخير بسبب إملاءات صندوق النقد التي أفرغت الاقتصاد اليوناني من محتواه من خلال تهميش قطاعات الانتاج مقابل التحويل المفرط على الخدمات. 

 وللتاريخ كانت اليونان قد نجت بأعجوبة من تداعيات الانهيار المالي الذي تسبب فيه صندوق النقد الدولي من خلال الدخول في شراكة قوية مع الصين بعد أن أدركت أن الاتحاد الأوروبي يريد أن ينهش  لحمها حيث اشترط عليها التفريط في مدينتين سياحتين لمدة 99 عاما مقابل جدولة ديونها. 

 ومن ثمة  يكمن خطر صندوق النقد الدولي في إملاءاته التي تمثل وصفة جاهزة لتفليس وشراء الدول حيث يبيع لحرفائه الوهم من خلال ضمانات صورية لقيمة العملة ليأخذ في المقابل صلاحيات إدارة الخيارات الاقتصادية عبر حزمة من التدابير التي تدفع النظام الاقتصادي والمالي تدريجيا إلى حافة الانهيار. 

 وعلى هذا الأساس فإن مجرد القبول بمبدأ التعاون مع صندوق النقد الدولي من قبل أي دولة يعني التنازل عن السيادة والمقومات الأساسية للإسقرار لحساب أخطبوط المصالح الذي يسيطر على النظام المالي الدولي وتعود جذوره إلى محطات مفصلية تاريخية معروفة منها تقنين  المجتمعات الأوروبية لـ «الربى» تزامنا مع تفكك الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر ثم في العصر الحديث قيام البنك الفدرالي الأمريكي ببادرة من العائلات المالية اليهودية المعروفة مثل «روشفيلد». 

 وبالمحصلة فإن التداعيات المدمرة لإملاءات صندوق النقد الدولي تتنزل في نطاق ما يسمى «دين المال»  الذي يمثل غاية الهيمنة الصهيونية ويقوم على احتكار وظيفة طباعة الأوراق النقدية تتويجا لمراحل مترابطة من تطوير ممارسة «الربى» علما وأن تواتر التنكيل باليهود وطردهم من القرى والمدن الأوروبية في العصور الوسطى عندما كانت الديانة المسيحية موحدة كان بسبب تعاطيهم للربى الفاحش الذي حول المزارعين إلى عبيد على أرضهم. 

 والواضح أن الحساسية المفرطة التي تعاطت بها تونس خلال العامين الأخيرين مع صندوق النقد الدولي ومفهوم الإقتراض الخارجي يشكل عام تأسست على واقع ملموس يؤكد بكل وضوح أن هذا الصندوق مجرد واجهة لمزاد الدول حيث أن «الخصخصة»  على سبيل المثال التي تمثل أهم الشروط المعتادة لصندول النقد تعني بالنتيجة «خصخصة الدولة» لحساب رأس المال المتوحش الأجنبي والمحلي ومن ثمة ذوبان كل مقومات السيادة واستقلالية الخيارات الوطنية. 

 ومن ثمة فإن الطريق الصعب الذي انتهجته تونس من خلال التعويل على الذات وتوظيف الإمكانيات المتاحة في الداخل لإعادة بناء  الاستقرار الاقتصادي والمالي على أسس صلبة هو الطريق الصحيح الذي يصون المكتسبات الوطنية رغم ما يمكن أن يولده من ضغوطات تبقى في كل الأحوال أقل بكثير من الأوضاع الغامضة التي تواجهها البلدان المستسلمة للوصفة السحرية لصندوق النقد الدولي.

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

اظهر الاقتصاد التونسي، رغم دقة الوضع الاقتصادي الخارجي والداخلي، مرونة في التصدي لمختلف الصدمات ا
15:43 - 2025/10/25
 اظهر الاقتصاد التونسي، رغم دقة الوضع الاقتصادي الخارجي والداخلي، مرونة في التصدي لمختلف الصدمات
12:43 - 2025/10/25
سجلت المداخيل الجبائبة الى موفى أوت 2025 زيادة بنسبة 4ر6 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024  
13:30 - 2025/10/24
ذكرت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، في إجابة على سؤال كتابي لعدد من نواب البرلمان، أن لجنة
13:11 - 2025/10/24
سجل حجم الدين الخارجي للدولة انخفاضا ملحوظا من 66874 مليون دينار /م د/  سـنة 2023 إلى 62539 م د س
12:43 - 2025/10/23
من المتوقع ان تنخفض خدمة دين الدولة لسنة 2026  اي النفقات التي تدفعها الدولة لسداد ديونها من أصل
12:35 - 2025/10/23
تعد تونس مكانا رائعا للغوض في شمال افريقيا وفق ما اكده ناشر الادلة السياحية الاسترالي-لونلي بلانا
11:51 - 2025/10/23
كشفت وزارة الصناعة والمناجم والطاقة أن الشركة الايطالية التونسية لاستغلال النفط –سيتاب- بصدد تنفي
15:17 - 2025/10/22