من الإبادة الصاخبة المكثفة إلى الإبادة الباردة عبر ومضات تدميرية

من الإبادة الصاخبة المكثفة إلى الإبادة الباردة عبر ومضات تدميرية

تاريخ النشر : 00:40 - 2025/10/15

هذا إحتمال ممكن جدا، إذ كل ما يريدونه استسلام مقابل ما يسمى سلام. السلام بالإبادة والإبادة من أجل السلام واستخدام الأسلحة الرائعة بشكل رائع والتغني بجمال البي تو والبي 52 كما لو انها آلهة تدمير تنزل من السماء سريعة ودقيقة وجميلة كأنما رولان بارت (مع الإعتذار الشديد منه ومن مستقبلياته أثناء تقريضه للستروين DS 19 ).
هذه بعض مفردات كبير الحمام في مؤتمر الحمام. هكذا تحدثت الحمامة التي تقود الحمام وأردفت اليوم بالقول انها ستنزع السلاح بسرعة وبعنف ربما. هل مثل هكذا سينما صهيو- أمريكية تستحق دراما حربية أو ميثولوجيا عسكرية خاصة! أولم يروا ذلك! هل مثل هكذا هذر دموي يستعدي التذكير مجددا بسيناريو وحوار الثنائي الصهيو-امريكي! ألم يقل المدعو ما كان قاله مجرم الحرب بيريز فيما يسمى احتلاليا "الشرق الأوسط الجديد" وما قاله مجرم الحرب نتنياهو في "مكان تحت الشمس"! أليست  هي العقيدة الصهيونية نفسها: العقل صهيو-أمريكي والثروة والعبيد على من يسمون أنفسهم عربا ومسلمين والقطاف والخراج لهم! ألم يقل البارحة في الكنيست: "المال والقوة والذكاء الاصطناعي": هذا هو "صانع السلام"! أليست المجاميع التي أثثت الزيجة روافع دوافع وحوافز وحواضن للنظام الصهيو-امريكي القاتل! 
متى وجد سلام دون إحترام؟ هل من أمان بلا سلاح؟ متى كانت كرامة دون سيادة؟ هل من بناء في ظل الإحتلال وهل من تعمير دون تحرير؟
الإجابات معروفة. وهدف إقامة إدارة مؤقتة تحت الوصاية، على الأقصى، مع منطقة عازلة احتلالية واضح. والتلاعب في ما خص الأسرى وإدخال المستلزمات واضح. والمرحلة المقبلة بعنوان نزع السلاح واضحة (مع انها النقطة الحادية عشرة فيما يسمى خطة) وتدمير الأنفاق (مع ان آخر تقرير لمجتمع الاستخبارات الأمريكي يقول ان ما يناهز 25 في المائة منها يستوجب سنوات).. 
السلاح مقابل الغذاء إذن، السلاح مقابل مسح الغبار ومحو الحطام وتنظيف الركام، السلاح مقابل الإحتلال إذن، فإما السلاح وإما الإبادة. أليس ما يسمى السلام بالقوة حياة بالموت أو موتا بالحياة؟ 
على أي حال يجب أن نذكر بسرعة، كما قبل أيام، ان أخطر ما في هذه الحرب جانب الحرب الخوارزمية في طبيعتها (بعيدا عن توصيفات العلوم الاجتماعية المطبقة على التكنولوجيا) وجانب الشراكة في القوة والتدمير بين الطرفين الرئيسيين في النظام الصهيو-امريكي العالمي. وحيث تقوم عقيدة الذكاء الاصطناعي العسكري على ثالوث السرعة والدقة والفتك ويكون العنصر البشري عبارة عن مجرد "ختم مطاطي" بلا سياسة ولا قيم ولا تفكير ولا ديبلوماسية في عملية قتل آلي بلا هوادة ولا نهاية، فإن المزيد من سلاسل توليد وإنتاج الأهداف المعدة للتدمير من بشر وحجر كشربة ماء بالنسبة إليهم. وما يجري في لبنان منذ ما يقارب السنة رغم ادعاء الضمانات وما يسمى وقف الأعمال العدائية أكبر شاهد. 
وبما ان آلة القتل هذه لم تعد تهتم بالجودة وإنما بالكمية (ولذلك كانت إبادة جماعية) فإن "التركيز أصبح على الضرر وليس على الدقة" كما قال يوما المدعو هاغاري الذي كان يتحدث بإسم قوات العدو، وإن المتوقع واضح.
يقبل نظام لافندر مثلا معدل خطأ يصل إلى 10 في المائة. ويقوم على تخفيف وتحرير قواعد الاشتباك حيث لا مشكل مثلا في أن يصل عدد الضحايا المدنيين في كل هدف صغير (مقاتل من المقاومة) ما بين  15 إلى 20 مدنيا وأكثر من 100 مدني مقابل قائد كبير، فما بالك بالأنفاق والسلاح.
على أي حال نحن حيال من لا يملك ومن لا يستحق مجددا. لا يتحقق السلام بأسراب الحمام وإنما بزوال الكيان ونزع الإعتراف عن الإحتلال مهما طال الزمان وعظمت التضحيات. مفهوم السلام من مفهوم التحرير وليس من مفهوم الاحتلال. لا لزوم إلا للسلاح ولا إلتزام إلا بالسلاح. يتوجب علينا أن نبقى على العهد مع المقاومة بكل أشكالها ومع المقاومة المسلحة خاصة، فمفهومنا للتحرير حقنا الأصيل الذي لا يمكن لأحد في العالم أن يمليه علينا، لا أمريكا ولا توابعها في المنطقة وفي العالم ولا بعض الفلسطينيين أيضا. وإن نزع الاعتراف عن العدو، مجددا، وتفكيك الصهيونية بوصلتنا حتى يزول هذا الكيان المؤقت وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. وهذا الموقف أيضا لا يتأثر ولن يتأثر بأي وضع داخلي اليوم وغدا وبعد جيل.

 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

«في كل خريف، تعود ذكرى الجلاء لتفتح باب الذاكرة الوطنية التونسية على مشهد كثيف الرمزية: انسحاب آخ
07:00 - 2025/10/15
د. محمد الصادق بوعلاق دكتور مهندس، باحث في مجال الفكر الإسلامي
07:00 - 2025/10/15
في كل صباح، تستيقظ قابس على رائحة لا تشبه البحر، ولا تشبه الحياة.
07:00 - 2025/10/15
د. محمد الصادق بوعلاق دكتور مهندس، باحث في مجال الفكر الإسلامي
07:00 - 2025/10/14
حتى لو انتهت مفاوضات المرحلة الأولى من «خطة ترامب» إلى نتائج منظورة ، وجرى تبادل الأسرى والانسحاب
07:00 - 2025/10/13
بقلم الكاتب: محمد المهدي عجيلي (قاض من الرتبة الأولى 
07:00 - 2025/10/13
مع اقتراب موعد مناقشة قانون المالية لسنة 2026، تبرز فرصة تاريخية لتونس: جعل هذه السنة نقطة انعطاف
07:00 - 2025/10/13
زعموا أنه كان  في غابة يُقال لها "حَشْحوشْ"  أسدٌ يُدعى "العَمْروصيٌّ" و فيلٌ يُدعى "البُرْواقٌ".
07:00 - 2025/10/13