التونسيون متسامحون بالفطرة... سبل نبذ العنف وأسس البناء

التونسيون متسامحون بالفطرة... سبل نبذ العنف وأسس البناء

تاريخ النشر : 17:32 - 2025/05/09

تونس بلد معتدل في كل شيء. في طقسه و موقعه ودينه وهو محصّن ضد الكراهية و العنف و التعصّب .وتعدّ بلادنا من أقلّ البلدان عرقيات و طوائف .و كان لها الرّيادة في إلغاء الرقّ و القضاء على القبلية و الجهويات. والفضل في ذلك يعود إلى سياسة الدولة الواضحة حينها في تعميم التعليم و تحرير المرأة و التركيز على البناء و الفعل . المنعرج حدث منذ 2011 حينما تم تسميم العقول بالديمقراطية المغشوشة التي عصفت بالوحدة و أشعلت حروبا كلامية و حوادث عنف وإرهاب و ظهرت ثقافة الجماعة بدل الوطن و الإقطاعية النقابية بدل المؤسسة الوطنية .

يا فرحة ما تمّت...

لم يشهد التونسيون فترة من التضامن والتسامح وحبّ العلم كالتي شهدتها أيام الفترة من 14جانفي إلى 14فيفري حيث التف المواطنون مع بعضهم البعض و رفعت الأعلام التونسية دون سواها على أسطح المنازل و على السيارات .كما قام التونسيون بإنشاء لجان حماية الأحياء للتصدي لعمليات النهب .وكان التونسي يقتسم الخبز مع جاره . كما قامت الإدارة بدورها كاملا في إسداء الخدمات من ماء وكهرباء و صحة ولم يشعر الناس بالفراغ الأمني و السياسي حينها لأن الدولة كانت تدار بعقلية الإدارة و بتضامن المواطنين ووحدتهم

لكن هذه الفرحة لم تدم طويلا مع الأسف مع انقضاض السياسيين على الثورة و تمزيقها و تبخر أهدافها .و النتيجة كانت عشرية من الصراعات السياسية و من الخراب الذي أرجع البلاد عقودا الى الوراء .لكن الأخطر هو أنه ضرب الوحدة الوطنية في الصميم و زجّ بالبلاد في سياسة المحاور .وتحوّلت تلك اللحمة التي تحدثنا عليها بين المواطنين إلى فرقة و أنانية و عادت المقولة السيئة "أخطا راسي و أضرب" تحكم العلاقات بين الناس .بل تحوّل الأمر الى عنف يمارسه الكل ضد الكل و ارتفع منسوب الجريمة و المخدرات و بدأ كل شيء في الانهيار تقريبا بما فيها القيم الإنسانية التي كنا نفخر بها دوما. ومع إجراءات 25جويلية 2021 بدأت الدولة في استعادة هيبتها وحررت من المحاور بعد استعادة القرار الوطني كاملا و اليوم الواقع السياسي مستقرّ و كل المسارات الانتخابية أنجزت تقريبا فلم يعد ثمة داعي الى العنف الذي لايزال مستشريا على صفحات الفيس و المواقع الاجتماعية.

إغلاق محاكم الفيس بوك تتميز تونس ربما عن غيرها من الدول بأن لديها ناشطون على صفحات الفيسبوك من نوع خاص يمارسون العنف بأنواعه على صفحاتهم من تخوين و تجريم و تشفي بل إن هذا الفضاء تحوّل لدى التونسيين لساحات حرب تترجم مؤشر الحقد و الكراهية و الأنانية التي أصبحت تميز التونسيين .وهذا عبث لابدّ أن يتوقف ليس بقوّة القانون وحده و إنما بتغيير العقلية و استعادة ثقافة التسامح و التآزر و العمل التي كانت تميز التونسيين عن غيرهم من الشعوب العربية . فحربنا اليوم لايجب أن تكون أهلية على صفحات الفيس البوك و إنما يجب أن تكون حربا حقيقية توفرت لها الإرادة السياسية على الفساد و على الفقر و على الكسل و على ثقافة الربح السهل .

حربنا الحقيقية يجب أن تكون على التخلف و الجهل و على الذين يريدون شرّا بالبلاد في الداخل و الخارج .واختلافنا وجب أن يكون على ما ذكرنا و كيفية ربح هذه الحرب لا على سفاسف الأمور فقد تعب التونسيون من كل ما ذكرنا و يتم استنزاف طاقاتهم يوميا في معارك جانبية بتخطيط و خبث كبيرين من دعاة الفتنة من الذين يزعجهم أن تكون بلادنا ذات سيادة كاملة بعيدة عن الاملاءات الخارجية . دعاة الفتنة هؤلاء حكام الأمس لم يكن يوما يعنيهم الوطن بقدر ما كانت تعنيهم مصالحهم الخاصة و مصالح شركائهم وهم يعتبرون الوطن غنيمة . أما اليوم فالإرادة السياسية متوفرة و لابد من إرادة شعبية حقيقية تسندها ومتى توحّدت الاراداتان فان الرخاء قادم لا محالة و إن تأخر

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

على إثر المقال الذي ُنشر بجريدة "الشروق" التونسية يوم الثلاثاء 2025/4/29 وجاء تحت عنوان «لهذا غاد
07:00 - 2025/05/09
من خلال التمعن جيدا في الديبلوماسية العالمية يتبين أن الظوهر المتكررة في سياسات الأمم الأخرى تبيّ
07:00 - 2025/05/05
... أما إذا أخذنا أبرز المؤسسات الحركية للفكر الصوفي الروحي العالمي فسوف نفهم نفس الأمور.
07:00 - 2025/05/05
..قد لا أجانب الصّواب إذا قلت أنّ  اليهود لم يتعرّضوا بتاتا لأيّ إضطهاد من العرب ،بل كانوا جزءا م
07:00 - 2025/05/05
لا يخفى على كلّ التونسييّن أنّ تونس مرّت بسنوات جفاف طويلة جعلت مربيي المواشي يعتمدون كلّيا على ا
07:00 - 2025/05/05
تبدأ المذبحة الابراهيمية، مذبحة الاعتراف الإبراهيمي بالعدو، المسماة تطبيعا، بأسطورة ما يسمى أبوة
17:52 - 2025/05/04