مع الشروق : اعترافات مُربكة... وصمتٌ لا يُغتفر
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/08/04
منذ أشهر طويلة، وأشلاء غزة تُعرض بلا توقف على الشاشات.. أطفال يُسحبون من تحت الأنقاض تنقل الكاميرات أنفاسهم الأخيرة، والدمار يعلو فوق كل حجر، والمجازر تُبث مباشرة أمام عالم بلا ضمير. البيوت تُهدم على رؤوس ساكنيها الأبرياء، والجوع يمزق الامعاء في صور تتوالى حتى صارت اعتيادية.. ثم فجأة، بعد كل هذا الرعب، تتحرّك بعض العواصم الأوروبية وتقول بكل هدوء: "نعترف بدولة فلسطين".
إيرلندا سبقت الجميع بجرأة أخلاقية لافتة، تبعتها إسبانيا بخجل دبلوماسي. أما النرويج، فبدت كمن يتطهّر من ذنب تاريخي، واعترفت كأنها تغسل يدها من تواطؤ صامت.. فرنسا كعادتها وقفت في منتصف الطريق تتحدّث اليوم عن "اعتراف مرتقب"، لكنها في الآن ذاته تواصل تسليح الجلاد. أوروبا، في مشهد مربك، تعترف بعد أن عجزت عن عد الشهداء ، وكأن العالم احتاج كل هذا الموت كي يفتح عينيه ويقول: "نراكم يا أهل غزة الأبرياء " .
لكن ما معنى هذا الاعتراف ما لم تتبعه مواقف ؟ وما قيمته إن بقي الاحتلال يقتل، ويهدم، ويعتقل؟ وما وزنه إن لم يُتوج بخطوات جريئة: تجميد العلاقات، سحب السفراء، دعم التحقيقات الدولية، ووقف صفقات السلاح؟ بل محاسبة المجرمين لا مجاملتهم!
للأسف، تبدو بعض هذه الاعترافات محاولة لتبييض سجل داخلي، أو استجابة لصدمة الصور التي لم تعد قابلة للإخفاء ، فأوروبا لا تتحرّك من منطلق أخلاقي، بل من منطلق حسابي: حين تصير الجثث كثيرة، يصبح الصمت مكلفًا.. اعتراف ينتظر الموافقة الامريكية التي سارعت بانتقاد من تلفظ بالاعتراف ..
الأشد مرارة من تأخر الاعتراف الذي استهجنته امريكا، هو ذلك الصمت العربي المُريب، من الأخوة وابناء الخال .. من الذين ادّعوا يومًا القرب والدم واللغة والمصير.. لم نعد نُفاجأ حين تتكلم أوروبا، بل أصبحنا نُصدم حين تصمت العواصم التي ترفع شعارات القضية في العلن، ولا تحرّك ساكنًا في الواقع ..
من الأقرب اليوم لفلسطين؟ باريس أم ضمير العرب؟ أوسلو أم ذاكرة الأمة؟ فغزة لا تحتاج لاعتراف متأخر، بل إلى موقف يُوقف القتل والتجويع والتشريد ، ويمنع تدفق المال والسلاح إلى يد القاتل. القدس لا تُحرّر بالخطابات .
الاعتراف بفلسطين اليوم هو مرآة كاشفة: الغرب الذي يراوغ، والعرب الذين دخلوا في غيبوبة، والمجتمع الدولي الذي يتحرّك فقط حين يتعفّن الصمت.
نعم… لقد اعترفوا. لكنهم اعترفوا فقط… لأن الصمت صار شبهة، والسكوت جريمة.
راشد شعور
منذ أشهر طويلة، وأشلاء غزة تُعرض بلا توقف على الشاشات.. أطفال يُسحبون من تحت الأنقاض تنقل الكاميرات أنفاسهم الأخيرة، والدمار يعلو فوق كل حجر، والمجازر تُبث مباشرة أمام عالم بلا ضمير. البيوت تُهدم على رؤوس ساكنيها الأبرياء، والجوع يمزق الامعاء في صور تتوالى حتى صارت اعتيادية.. ثم فجأة، بعد كل هذا الرعب، تتحرّك بعض العواصم الأوروبية وتقول بكل هدوء: "نعترف بدولة فلسطين".
إيرلندا سبقت الجميع بجرأة أخلاقية لافتة، تبعتها إسبانيا بخجل دبلوماسي. أما النرويج، فبدت كمن يتطهّر من ذنب تاريخي، واعترفت كأنها تغسل يدها من تواطؤ صامت.. فرنسا كعادتها وقفت في منتصف الطريق تتحدّث اليوم عن "اعتراف مرتقب"، لكنها في الآن ذاته تواصل تسليح الجلاد. أوروبا، في مشهد مربك، تعترف بعد أن عجزت عن عد الشهداء ، وكأن العالم احتاج كل هذا الموت كي يفتح عينيه ويقول: "نراكم يا أهل غزة الأبرياء " .
لكن ما معنى هذا الاعتراف ما لم تتبعه مواقف ؟ وما قيمته إن بقي الاحتلال يقتل، ويهدم، ويعتقل؟ وما وزنه إن لم يُتوج بخطوات جريئة: تجميد العلاقات، سحب السفراء، دعم التحقيقات الدولية، ووقف صفقات السلاح؟ بل محاسبة المجرمين لا مجاملتهم!
للأسف، تبدو بعض هذه الاعترافات محاولة لتبييض سجل داخلي، أو استجابة لصدمة الصور التي لم تعد قابلة للإخفاء ، فأوروبا لا تتحرّك من منطلق أخلاقي، بل من منطلق حسابي: حين تصير الجثث كثيرة، يصبح الصمت مكلفًا.. اعتراف ينتظر الموافقة الامريكية التي سارعت بانتقاد من تلفظ بالاعتراف ..
الأشد مرارة من تأخر الاعتراف الذي استهجنته امريكا، هو ذلك الصمت العربي المُريب، من الأخوة وابناء الخال .. من الذين ادّعوا يومًا القرب والدم واللغة والمصير.. لم نعد نُفاجأ حين تتكلم أوروبا، بل أصبحنا نُصدم حين تصمت العواصم التي ترفع شعارات القضية في العلن، ولا تحرّك ساكنًا في الواقع ..
من الأقرب اليوم لفلسطين؟ باريس أم ضمير العرب؟ أوسلو أم ذاكرة الأمة؟ فغزة لا تحتاج لاعتراف متأخر، بل إلى موقف يُوقف القتل والتجويع والتشريد ، ويمنع تدفق المال والسلاح إلى يد القاتل. القدس لا تُحرّر بالخطابات .
الاعتراف بفلسطين اليوم هو مرآة كاشفة: الغرب الذي يراوغ، والعرب الذين دخلوا في غيبوبة، والمجتمع الدولي الذي يتحرّك فقط حين يتعفّن الصمت.
نعم… لقد اعترفوا. لكنهم اعترفوا فقط… لأن الصمت صار شبهة، والسكوت جريمة.
راشد شعور
