مع الشروق.. تحسّن العرض في الأسواق ولكن...

مع الشروق.. تحسّن العرض في الأسواق ولكن...

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/03/02

بدأت تونس تتخلص تدريجيا من أزمة ندرة المواد الاستهلاكية الاساسية واضطراب توزيعها،  وعرفت الأسواق ارتفاعا مهما في التزويد بالنسبة لأغلب المواد ذات الاستهلاك الواسع، وعادت واجهات المحلات التجارية لتعرض أغلب السلع التي كانت مفقودة مثل الحليب والسكر والقهوة والأرز.. لكن العرض لم يصل الى مستوى الوفرة التي كانت. 
ولا شك أن هذه الوفرة النسبية، التي مازالت لهفة المستهلك تحدّ منها، تعود الى عدة أسباب منها وفرة الانتاج وخاصة بالنسبة للحليب الطازج ، وكذلك تسرّب الخوف الى قلوب المحتكرين والمضاربين بعد الحملات القويّة التي نفذتها أجهزة الرقابة وقوات الأمن والديوانة واستهدفت عديد المخازن المخفية والعشوائية وبداية تفكيك مخطّط تجويع الشعب واصطياد عديد " الحيتان الكبرى " التي انخرطت في مسار اخفاء السلع وخلق فوضى لدى المستهلكين لتأليبهم ضد السلطة الحاكمة وتوظيف حراكهم الاحتجاجي لاسقاط منظومة الحكم . 
ورغم هذا التحسّن الملحوظ في العرض، وبداية مسعى التحكم في مسالك التوزيع والترفيع في حجم المنتوجات التي تدخل أسواق الجملة ومحاولة التصدي للمسالك الموازية ومزيد مراقبة المخازن العشوائية وبيوت التبريد التي يعتمدها المحتكرون والمضاربون، فإن نسق الرقابة والردع مازال مطلوبا وبحاجة الى مزيد من الصرامة وخاصة تطبيق ترسانة التشريعات الثقيلة التي تم سنّها في فترة "كورونا" عبر المراسيم التي تم إصدارها . 
وقد يكون سلاح الغلق أحد أهم القرارات الموجعة التي يمكن أن تجعل التجار ، الكبار والصغار ووكلاء السوق يتراجعون عن التفكير في أساليب المضاربة والاحتكار وما ينجر عنها من اضطراب التوزيع وعرض المواد في الأسواق. 
ولا شك أن ولاة الجمهورية مطالبون كل في جهته بتفعيل سلاح غلق المحلات الصغرى والكبرى لضمان حسن تزويد الأسواق بالسلع والمواد الواسعة الاستهلاك لأن الغلق يضرب جيوب المحتكرين الذين يريدون بسلوكاتهم المشينة امتصاص دماء التونسيين وتجويعهم ، وليس هناك من سلاح موجع للمضاربين أفضل من تقليص مداخيلهم وأرباحهم لفترة طويلة والتشهير بذلك . 
ورغم جهود جهاز الرقابة الاقتصادية في رصد المخالفات والتجاوزات وكشف ألاعيب ومخططات المحتكرين والمضاربين فإن عقوباتهم بقيت " رحيمة " وسيطر عليها الاكتفاء برفع المخالفات وهي على كثرتها لم تنجح في السيطرة على مسالك التوزيع والرفع من نسق تزويد الأسواق والحفاظ على المقدرة الشرائية للمستهلك. 
وقد يكون على فرق المراقبة الاقتصادية الرفع من حجم اقتراحات الغلق والتفطن الى تغير التكتيكات التي يمارسها المضاربون للتهرب من أعين الرقابة وأيضا تفكيك الحاضنة الشعبية التي اكتسبها المحتكرون لحماية مصالحهم وتنفيذ مخططاتهم للسيطرة على مسالك التوزيع بكل حلقاته . 
والمطلوب اليوم وقبل ثلاثة أسابيع من انطلاق شهر رمضان المعظم تكثيف المراقبة ودعم جهاز الرقابة وطنيا وجهويا حتى تتوفر كل المواد المطلوبة وتكون أسعارها معقولة لا تضر المنتج ولا المستهلك. 
نجم الدين العكّاري 

تعليقات الفيسبوك