دعوة لتوخي الواقعية الوطنية وإحداث الرئيس لهبة استكشافية شعبية لمعالم الطريق

دعوة لتوخي الواقعية الوطنية وإحداث الرئيس لهبة استكشافية شعبية لمعالم الطريق

تاريخ النشر : 16:45 - 2021/11/07

تكثر القلاقل وتتواصل حول المسار السياسي الذي تقطعه تونس وتسير إليه دونما إدراك شعبي فعلي وعملي شامل لروح هذا المسار رغم حقيقة تأييد غالبية التونسيين له انطلاقا من لحظة 25 جويلية. ذلك ان بقية المشوار، ومع الضجيج الكثيف من كل اتجاه، ليست حقيقة مدركة في عقول غالبية الناس. وعلى ذلك يتعين على رئيس الجمهورية وفي غضون أيام حسب رأينا أن يستبق سبل الإيغال في إرباك الإدراك الشعبي العام وأن يفتتح مرحلة جديدة من الهبة الاستكشافية الشعبية لما ينطوي عليه هذا المسار بالتزامن مع إطلاق الاستفتاء الإلكتروني حتى يعبر بدوره (أي الاستفتاء) عن هبة شعبية استفتائية واعية تمام الوعي بواجبها الوطني وبالأهداف المرجوة. ونقترح أن لا يكون ذلك عن طريق كلمة مسجلة أو مباشرة على وسائط التواصل الاجتماعي وإنما من خلال كلمة موجهة مباشرة إلى الشعب عبر الإعلام أو بالحضور الميداني المباشر. إننا لا نقصد بذلك حملة تفسيرية ثانية وإنما التأسيس لهبة توعوية فكرية.
 فبعد النجاح الانتخابي التمهيدي والنجاح الثوري التصحيحي في اتخاذ قرارات 25 جويلية وما بعدها، نعتقد انه آن أوان وضع لبنة النجاح التأسيسي والإصلاحي والبنائي الشامل انطلاقا من لحظة الاستفتاء. صحيح أن الانبثاث الفكري لهذا النوع من الفكر السياسي موجود في البلاد منذ ما قبل 2011 وصحيح أن المراكمة السياسية والنضالية أنجحت فلسفة ما بعد برلمان وحكومات 2011 و2014 و2019 لأنها لم تكرس موضوعيا سوى التخريب وصحيح أيضا أن الانغراس الجماهيري لقيادة هذه المرحلة الجديدة من تاريخ تونس موجود أيضا، غير أن أوضاع البلد كلها بما فيها ما كنا بصدده هشة حتى الآن ولن تستقر إلا بالخطى المطلوبة من الاستفتاء وما بعده إلى الانتخابات الجديدة وما بعدها.
 ونحن هنا لا نطالب الرئيس باملاء ما يجب على الناس بل العكس تماما أي تأكيد الحاجة إلى هذا المسار وخاصة الخطوات التي سوف تليه بالعناوين العامة وفتح باب الاقتراح والاختيار حتى يتسنى بعد ذلك تحديد أهم الاتجاهات والعودة للشعب من أجل الحسم بينها. يتمثل الهدف الأول من هذا المقترح في إضفاء طابع الضرورة الوطنية القصوى على هذا الاستحقاق ووضع عموم شعبنا أمام مسؤوليته التاريخية بكل حرية وبكل جدية. ويتمثل الهدف الثاني في رفع درجة الاستعداد الشعبي للمشاركة التاريخية الكبرى في لحظة الحسم الاستفتائي والانتخابي وبرؤية تامة العلنية والوضوح باعتبار أن ذلك ليس بالضرورة تاما ومرتسما في أذهان غالبية الناس، ولا نتحدث هنا عن وضوح الأمور عند فئة واسعة من المتمرسين الحاملين لهذا المشروع وإنما عن كل المساندين من كل فئات الشعب. فيما يتمثل الهدف الثالث في غلق نهائي لنوافذ التشكيك والتضليل واللعب على ذبذبة الرأي العام ودفع وابل من الضباب المصطنع في أفق التونسيين. وأخيرا، وكهدف رابع، اتخاذ قرار التشاور في نتائج الاستفتاء بين الذين سيسهرون على التأليف وبين الذين لديهم رؤية ويعتقدون أن المرحلة الأولى من الاستفتاء غير كافية، ولا بأس هنا من الاستماع والتداول وعرض النتائج المذكورة ومحاولة التقريب بينها فيما يتعلق حصرا بالنظام الانتخابي والنظام السياسي وباقي الإصلاحات والتعديلات حتى يتسنى الاشتراك بين عموم الشعب وعموم قواه التي تحافظ على وضع قانوني سليم ووضع تنظيمي وشعبي حريص على التغيير الإيجابي وقناعات وطنية لا تشوبها شوائب الارتباط بالتبعية والإرهاب والفساد والتطبيع والتجويع ولا حتى نوازع سلطوية ومواقعية ومشهدية ضيقة ومعلومة المكاسب وغير نزيهة وغير منتجة. وبشرط احترام التمشي الذي أعلنت عنه رئاسة الجمهورية والمساهمة فيه والكف عن تمليك الذات حقوق مميزة زائدة عن حقوق بقية قوى الشعب وتحريف وجهة الحوار الشعبي عبر الاستفتاء وتحويله إلى طاولة جماعية لحوار فوقي مزيف مرة أخرى من وراء ظهر غالبية المشاركين إلكترونيا والكف عن ادعاءات الحوارات التقاسمية والتوافقية المغشوشة والمشهدية الوجاهية في حين ان أي استفتاء كان وأي انتخابات كانت يتم فيهما التوجه مباشرة إلى الشعب بقرار وإعلان من السلطة الشرعية القائمة مع إمكانية التشاور الضمني في بعض التفاصيل وبعيدا عن أشكال الحوارات التي لا أصل لها.
 ويمكن التوجه أيضا، وهذا ما يجري، إلى التحاور مع الحكومة في خصوص الملفات الاقتصادية والاجتماعية في مسار مختلف ومنفصل عن المسار السياسي سالف الذكر أعلاه. إننا هنا نطالب رئاسة الجمهورية بالتحرك الآن في الوقت المطلوب لتفادي مراكمة المسارات الموازية والتي تهدف إلى فرض وضعيات أخرى كواقع إرباك قد يتطور إلى إفساد للوضع العام وانهاك لعموم المواطنين وهدر للوقت والجهود في إدارة أفعال مرتبطة بالضرورة بالتنطع الداخلي وبالتوجيه الخارجي ومشرعة لابوابه بهدف تعطيل المحاسبة وتكريس الافلات من العقاب والتشويش على الإصلاح وعرقلة الإنقاذ المالي والاقتصادي والاجتماعي ولعب دور الضحية بتشويه الأهداف والمآلات وهي أمور تعمل عليها جهات عديدة إما يائسة ومعادية وإما مدعية ومنتفخة أكثر من اللزوم بما ليس لها. 
هذا هو جوهر ما اعتبرناه واقعية وطنية ضد كل ادعاء واقعية هي في الأصل واقعية تبعية ووقوع في التسليم للخارج وانبطاح طوعي من أجل وكالته مقابل سلطة ما. وهذا هو باب إنجاح الاستفتاء الإلكتروني الذي يقوي الديمقراطية الحقيقية ويعزز الحوار الحقيقي مع الشعب ويطور الثقافة الوطنية الديمقراطية النافعة والصالحة ويساعد على التأسيس لاقتدار الدولة عموما ومقدرة الحكومة خصوصا ومناعة وسلامة النموذج الوطني السيادي والمقاوم لكل تدخل ولكل استقواء أولا وأخيرا. فشتان بين الجماعة الديمقراطية المزعومة والمجتمع الديمقراطي الفعلي وبين الحرية الموهومة بقوانين السوق وبين الحرية بقوانين الدولة وبين شمولية الأقلية الفاسدة وديمقراطية الأغلبية تحت سقف سيادة العدالة والقانون وشتان بين تحصين حياة الشعب وتحصن جماعة الحكم في وجه حقوق الشعب المهدورة.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03
إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22