لامتصاص خطورة تداعيات كورونا على الاقتصاد العالمي الكيروزين المجاني هو الحل لتجنب الافلاس المؤكد
تاريخ النشر : 17:32 - 2020/06/04
في الوقت الذي يتزايد فيه منسوب خوف الناس من الاصابة بفيروس كورونا وتتزايد فيه الهواجس الصحية فان خطرا اخر للفيروس سيكون اوسع انتشارا واشد ضررا من الفيروس ذاته ألا وهو تداعيات التصدي لكورونا على الاقتصاد العالمي وطبعا على الاقتصاد التونسي الذي انحشر في عنق الزجاجة منذ مدة وتتفاقم مصاعبه من يوم لاخر.
في خضم التفكير في انجع الحلول لامتصاص الاثار الخطيرة المنتظرة على الاقتصاد العالمي وتراجع نسب النمو وارتفاع نسب البطالة والتضخم وغير ذلك من الافات الاقتصادية قدم الخبير العالمي في الطاقة عماد الدرويش من خلال هذا المقال الذي خص به "الشروق اون لاين" الحل وهو دعم الدول لوقود الطائرات بنسبة مائة بالمائة ليستعيد النقل الجوي عافيته ... وفي ثنايا هذا المقال ستجدون التفسير المقنع لما يبدو مخالفا للمنطق باقتراح دعم الكيروزين بنسبة مائة بالمائة في وقت تبحث فيه الدول عن دعم مواردها وترشيد نفقاتها لا الترفيع فيها .. قراءة شيقة واستفادة مؤكدة واليكم المقال:
تونس بلد صغير يقع قبالة البحر الأبيض المتوسط بين جنوب فرنسا وإيطاليا وأفريقيا مع جيرانها الليبيين والجزائريين تمثل مفترق طرق الحضارات مع 3000 سنة من التاريخ الروماني والفينيقي كما ان لها موقعا تجاريا استراتيجيا هاما تمر اليوم بأزمة اقتصادية خطيرة مع إغلاق 800 فندق فيها ومليون عاطل إضافي عن العمل. حتى أنا، خبير النفط والغاز الدولي الذي يسافر حول العالم لتقديم الاستشارات أجبرت على إيقاف النشاط لمدة 3 أشهر. ليسجل دفتر الفواتير الخاص بي 0 دولار.
في 20 أفريل 2020 انخفض خام غرب تكساس الوسيط إلى -37 دولارًا للبرميل. الأسبوع الماضي، كان سعر الغاز في أوروبا يقترب من صفر دولار. تفسر هذه الأرقام بانخفاض الاستهلاك العالمي في خضم هذا الحجر الصحي الكوني ووقف الحركة الجوية التي أوقفت محركات جميع الطائرات.
الكيروزين المنتج الأساسي للطائرات، هو بالتأكيد الداعم للاقتصادات العالمية الذي يعيش حالة ركود. نحن ننتج ونستهلك مليون طن يوميا لتمكين جميع الطائرات من التحليق. السعر الحالي للكيروزين حوالي 250 دولارا للطن. يتم استهلاك 250 مليون دولار كل يوم. إذا ملأنا جميع خزانات العالم بالآلاف من المطارات حول العالم وفقًا لآلية متفق عليها، تتمثل في جمع الدعم العالمي البالغ 8 مليارات للاقتصاد العالمي، فسوف نسمح لجميع الطائرات بالتحليق بنسبة 50٪ أقل من opex، لأن الكيروزين يمثل حوالي 30 إلى 50 ٪ من تكاليف العمليات لشركات الطيران.
سيسمح الكيروزين المجاني أيضًا برحلات 50٪ من الركاب كما يتم دعم "المسافة الهوائية" بحركة الهواء في المقصورة التي تكون تقنيًا من الأعلى إلى الأسفل فقط وبالتالي نحن بأمان في الجو.
كل شيء مرتبط بالنقل الجوي: الصناعة، السياحة، تجارة المنتجات الطازجة، الأدوية، الصناعات الترفيهية ... هل هذا نظري؟ هل يمكننا تطبيقه عمليًا في المجال؟ نعم وبدون شك. نحن بحاجة إلى التزام كل الفاعلين. في الاقتصاديات المفتوحة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تمتلك المصافي شركات كبيرة، يمكننا تعويض مساهمتها المجانية بالكيروزين من مجمعات الضرائب الخاصة بها. بالنسبة للمصافي التي تديرها الحكومات، مثل معظم البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن قرارا بسيطا من الحكومات يكفي لتزويد جميع مطاراتها بإنتاجها الخاص من الكيروزين، والذي يمثل ما يقارب عن 8 ٪ من مجموع منتجاتها المكررة، لفترة قصيرة، بضعة أشهر، حتى تقتل اللقاحات أو الأقراص الفيروس.
هناك دائما المرة الأولى كما يقولون ... يجب أن يبدأ شخص ما وسيتبعه الآخرون. السيد ترامب، البنك الدولي، السيدة لا غارد، السيد شي جين بينغ، السيد آبي "صديقنا إيمانويل"، املؤوا المطارات بطريقة أو بأخرى وسيحلق الاقتصاد العالمي من جديد!
يعتبر النقل الجوي حجر الزاوية للاقتصاد العالمي والمركز العصبي للحياة على هذا الكوكب. وذلك بأبعاده المتمثلة في حركة الأشخاص والمتغيرات السياحية وتأثيره على صناعات الطيران المنتشرة حول العالم وتأثيره على البيئة الترفيهية وانعكاساته على المنتجات المصنعة والمواد الخام وأخيراً آثاره على التبادل بين الثقافات والتنمية البشرية.
سوف يغير Covid-19 بالتأكيد الرموز والسلوك. وإذا أراد العالم تجنب الجمع بين هذه الأزمة الصحية والأزمة الاقتصادية، فإن الأمر متروك لوزير مالية العالم الجديد للحصول على رؤية عالمية ومتعددة الأبعاد للأزمة المزدوجة في وضع النقل الجوي باعتباره منصة انطلاق للاقتصاديات العالمية.
إن دعم النقل الجوي لإنعاش اقتصاديات العالم ليس مجرّد أمر هام. بل هو واقع ضروري في ضوء الروابط الوثيقة التي لا تنفصم بين هذا القطاع وجميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى. إذْ يبدو أنه البديل الوحيد القابل للتطبيق والذي سيمكن من حماية العالم من الإفلاس الذي لا مفر منه. فالنفط الخام الذي يشهد أدنى مستوى له بانحداره إلى أقل من 35 دولارًا للبرميل في شهر أفريل وسعر الغاز الذي يقترب من الصفر اليوم في أوروبا لم يكفيا لإعادة تشغيل كوكب يغط في سبات عميق واقتصاديات بصدد الموت.
ينبغي لوزير مالية العالم أن يستخدم مقاربة المصفوفة عن طريق حساب استهلاك الكيروزين (وقود الطائرات) العالمي في اليوم المقدر بمليون طن وضربه في 240 دولارا للطن، لتقييم احتياجات العالم من الكيروزين في اليوم الواحد والتي تصل إلى 250 مليون دولار شاملة الرسوم.
مصفوفة وزير مالية العالم الجديد يجب أن تجعل النقل الجوي الدينامو المركزي لإنقاذ والحفاظ على جميع الأنشطة ذات الصلة، مثل السياحة والتي ترتكز بنسبة 50 ٪ على الجو والترفيه وصناعات الطيران والخدمات الهندسية وصناعة المواد الغذائية والصناعات الهيدروكربونية والصناعات الثقافية والصناعات الترفيهية والتجارة الدولية والشحن الجوي للبضائع.
إن إنشاء صندوق عالمي بقيمة 100 مليار دولار يمتد على مدى عام كحد أقصى أو حتى اكتشاف اللقاح أو عقار مضاد لـ Covid 19، يكون هدفه دعم الكيروزين المجاني، سيخرج جميع اقتصادات العالم من حالة الغيبوبة وسيجمع بين جهود القوى السبع في العالم من أجل خروج موحد ومتظافر ومفيد. وفوق كل ذلك ستكون التكلفة أقل بكثير من تكلفة الأزمة لو تقدمت قوى العالم في نظام مشتت لدعم اقتصادياتها بشكل فردي .. وبالتالي، ووفقًا لتقرير مؤسسة بروجل (Bruegel) البحثية، قامت فرنسا، على سبيل المثال، بتعبئة 622 مليار يورو أي أكثر من ¼ ناتجها الداخلي الخام خلال العام الماضي من أجل خطة الإنقاذ الخاصة بها مع 57 مليار مساعدة مباشرة (البطالة وإجراءات الصحة والتضامن) و288 مليار تأجيل الرسوم والسداد وأخيراً 388 مليار دولار كضمانات القروض المصرفية.
فيما تتمثل خطط الإنقاذ الإيطالية والبريطانية، على سبيل المثال، في تخصيص 21٪ من الناتج الداخلي الخام، بينما تقارب النسبة في إسبانيا 12٪، فيما خصصت ألمانيا 2000 مليار أي 60٪ من ناتجها الداخلي الخام. أما المراتب الأولى فتعود إلى اليابان التي أنفقت 1.1 تريليون دولار والولايات المتحدة التي عبأت 3 تريليون لدعم اقتصادياتها.
هذا النهج الجماعي المتجانس ومتعدد الأبعاد هو خطة إنقاذ غير مكلفة مقارنة بالجهود الفردية للقوى العالمية المختلفة. إذْ سيؤدي إنشاء صندوق دعم الكيروزين العالمي إلى تنشيط الحركة الجوية وسيكون له تأثير إيجابي على جميع الأنشطة الأخرى ذات الصلة.
ملء الطائرات بنسبة 50٪ من الركاب مع الامتثال للبروتوكولات الصحية والاستفادة من نظام تدوير الهواء الرأسي الذي يلغي خطر التلوث (تدوير الهواء فقط من الأعلى إلى الأسفل كما هو موضح في الرسم البياني المرفق) ودعم الكيروزين المجاني، هذه الخطوات التي ستكون دعامة هذا الصندوق العالمي لإنقاذ اقتصاديات العالم وحياة الملايين من الرجال المعرضين لخطر البطالة والفقر.
مع السعر الإيجابي الحالي البالغ 250 دولارًا للطن من الكيروزين، يجب على وزير مالية العالم أن يتوقع ويصدر إعانة مجانية للكيروزين في جميع المطارات حول العالم والتي يجب إعادة فتحها للاستفادة من هذا السعر الجذاب مع الاتفاق على المحافظة عليه (التحوط) حتى تجد مكة حجاجها وباريس سياحها والبندقية عشاقها وفيجاس لاعبيها ودبي تجارها ولندن محبي السهر ومدريد شعراءها وجربة حنينها.
يمكن تكرار هذا النهج الجماعي والعالمي على نطاق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ستأخذ جميع البلدان على عاتقها مسؤولية توفير استهلاك الكيروزين لجميع شركات الطيران التي ستهبط على مدارجها. وبمعدل 3 أطنان من الكيروزين لمدة ساعة واحدة من رحلة طائرة إيرباص A 320، فإن إنتاج دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يقدر بـ 100 الف طن من الكيروزين يوميًا، سيضمن 30 الف ساعة طيران لشركات الطيران التي تعمل في المنطقة وبالتالي تضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انتعاشًا اقتصاديًا في المنطقة بأكملها وفي دبي لاستضافة "معرض وورد" (Word Expo) الخاص بها خلال عام 2021.
يمكن لتونس، الوجهة السياحية والتصنيعية والجسر بين أفريقيا وأوروبا، تبنّي نهج الدعم وبالتالي توفير الكيروزين المجاني لجميع الشركات التي تهبط في مطاراتها لتنشيط جميع قطاعاتها. النشاط والحفاظ على الوظائف وتقليل عواقب Covid-19 بأقل تكلفة. بمعدل 250 دولارًا للطن من الكيروزين بما في ذلك التكاليف ستكون التكلفة السنوية في حدود 62 مليون دولار مقابل 250.000 طن من الكيروزين سنويًا أو بالكاد 2٪ من الناتج الداخلي الخام وهو تقريباً ميزانية التسويق والترويج لوزارة السياحة .
المصفوفة جريئة ومنقذة، إذْ يمكنها أن تجعل تونس، هذه الدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، متقدّمة ورائدة من خلال الرهان على الحركة الجوية كدينامو انتعاش عالمي متعدد القطاعات ومتعدد الأبعاد.

في الوقت الذي يتزايد فيه منسوب خوف الناس من الاصابة بفيروس كورونا وتتزايد فيه الهواجس الصحية فان خطرا اخر للفيروس سيكون اوسع انتشارا واشد ضررا من الفيروس ذاته ألا وهو تداعيات التصدي لكورونا على الاقتصاد العالمي وطبعا على الاقتصاد التونسي الذي انحشر في عنق الزجاجة منذ مدة وتتفاقم مصاعبه من يوم لاخر.
في خضم التفكير في انجع الحلول لامتصاص الاثار الخطيرة المنتظرة على الاقتصاد العالمي وتراجع نسب النمو وارتفاع نسب البطالة والتضخم وغير ذلك من الافات الاقتصادية قدم الخبير العالمي في الطاقة عماد الدرويش من خلال هذا المقال الذي خص به "الشروق اون لاين" الحل وهو دعم الدول لوقود الطائرات بنسبة مائة بالمائة ليستعيد النقل الجوي عافيته ... وفي ثنايا هذا المقال ستجدون التفسير المقنع لما يبدو مخالفا للمنطق باقتراح دعم الكيروزين بنسبة مائة بالمائة في وقت تبحث فيه الدول عن دعم مواردها وترشيد نفقاتها لا الترفيع فيها .. قراءة شيقة واستفادة مؤكدة واليكم المقال:
تونس بلد صغير يقع قبالة البحر الأبيض المتوسط بين جنوب فرنسا وإيطاليا وأفريقيا مع جيرانها الليبيين والجزائريين تمثل مفترق طرق الحضارات مع 3000 سنة من التاريخ الروماني والفينيقي كما ان لها موقعا تجاريا استراتيجيا هاما تمر اليوم بأزمة اقتصادية خطيرة مع إغلاق 800 فندق فيها ومليون عاطل إضافي عن العمل. حتى أنا، خبير النفط والغاز الدولي الذي يسافر حول العالم لتقديم الاستشارات أجبرت على إيقاف النشاط لمدة 3 أشهر. ليسجل دفتر الفواتير الخاص بي 0 دولار.
في 20 أفريل 2020 انخفض خام غرب تكساس الوسيط إلى -37 دولارًا للبرميل. الأسبوع الماضي، كان سعر الغاز في أوروبا يقترب من صفر دولار. تفسر هذه الأرقام بانخفاض الاستهلاك العالمي في خضم هذا الحجر الصحي الكوني ووقف الحركة الجوية التي أوقفت محركات جميع الطائرات.
الكيروزين المنتج الأساسي للطائرات، هو بالتأكيد الداعم للاقتصادات العالمية الذي يعيش حالة ركود. نحن ننتج ونستهلك مليون طن يوميا لتمكين جميع الطائرات من التحليق. السعر الحالي للكيروزين حوالي 250 دولارا للطن. يتم استهلاك 250 مليون دولار كل يوم. إذا ملأنا جميع خزانات العالم بالآلاف من المطارات حول العالم وفقًا لآلية متفق عليها، تتمثل في جمع الدعم العالمي البالغ 8 مليارات للاقتصاد العالمي، فسوف نسمح لجميع الطائرات بالتحليق بنسبة 50٪ أقل من opex، لأن الكيروزين يمثل حوالي 30 إلى 50 ٪ من تكاليف العمليات لشركات الطيران.
سيسمح الكيروزين المجاني أيضًا برحلات 50٪ من الركاب كما يتم دعم "المسافة الهوائية" بحركة الهواء في المقصورة التي تكون تقنيًا من الأعلى إلى الأسفل فقط وبالتالي نحن بأمان في الجو.
كل شيء مرتبط بالنقل الجوي: الصناعة، السياحة، تجارة المنتجات الطازجة، الأدوية، الصناعات الترفيهية ... هل هذا نظري؟ هل يمكننا تطبيقه عمليًا في المجال؟ نعم وبدون شك. نحن بحاجة إلى التزام كل الفاعلين. في الاقتصاديات المفتوحة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تمتلك المصافي شركات كبيرة، يمكننا تعويض مساهمتها المجانية بالكيروزين من مجمعات الضرائب الخاصة بها. بالنسبة للمصافي التي تديرها الحكومات، مثل معظم البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن قرارا بسيطا من الحكومات يكفي لتزويد جميع مطاراتها بإنتاجها الخاص من الكيروزين، والذي يمثل ما يقارب عن 8 ٪ من مجموع منتجاتها المكررة، لفترة قصيرة، بضعة أشهر، حتى تقتل اللقاحات أو الأقراص الفيروس.
هناك دائما المرة الأولى كما يقولون ... يجب أن يبدأ شخص ما وسيتبعه الآخرون. السيد ترامب، البنك الدولي، السيدة لا غارد، السيد شي جين بينغ، السيد آبي "صديقنا إيمانويل"، املؤوا المطارات بطريقة أو بأخرى وسيحلق الاقتصاد العالمي من جديد!
يعتبر النقل الجوي حجر الزاوية للاقتصاد العالمي والمركز العصبي للحياة على هذا الكوكب. وذلك بأبعاده المتمثلة في حركة الأشخاص والمتغيرات السياحية وتأثيره على صناعات الطيران المنتشرة حول العالم وتأثيره على البيئة الترفيهية وانعكاساته على المنتجات المصنعة والمواد الخام وأخيراً آثاره على التبادل بين الثقافات والتنمية البشرية.
سوف يغير Covid-19 بالتأكيد الرموز والسلوك. وإذا أراد العالم تجنب الجمع بين هذه الأزمة الصحية والأزمة الاقتصادية، فإن الأمر متروك لوزير مالية العالم الجديد للحصول على رؤية عالمية ومتعددة الأبعاد للأزمة المزدوجة في وضع النقل الجوي باعتباره منصة انطلاق للاقتصاديات العالمية.
إن دعم النقل الجوي لإنعاش اقتصاديات العالم ليس مجرّد أمر هام. بل هو واقع ضروري في ضوء الروابط الوثيقة التي لا تنفصم بين هذا القطاع وجميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى. إذْ يبدو أنه البديل الوحيد القابل للتطبيق والذي سيمكن من حماية العالم من الإفلاس الذي لا مفر منه. فالنفط الخام الذي يشهد أدنى مستوى له بانحداره إلى أقل من 35 دولارًا للبرميل في شهر أفريل وسعر الغاز الذي يقترب من الصفر اليوم في أوروبا لم يكفيا لإعادة تشغيل كوكب يغط في سبات عميق واقتصاديات بصدد الموت.
ينبغي لوزير مالية العالم أن يستخدم مقاربة المصفوفة عن طريق حساب استهلاك الكيروزين (وقود الطائرات) العالمي في اليوم المقدر بمليون طن وضربه في 240 دولارا للطن، لتقييم احتياجات العالم من الكيروزين في اليوم الواحد والتي تصل إلى 250 مليون دولار شاملة الرسوم.
مصفوفة وزير مالية العالم الجديد يجب أن تجعل النقل الجوي الدينامو المركزي لإنقاذ والحفاظ على جميع الأنشطة ذات الصلة، مثل السياحة والتي ترتكز بنسبة 50 ٪ على الجو والترفيه وصناعات الطيران والخدمات الهندسية وصناعة المواد الغذائية والصناعات الهيدروكربونية والصناعات الثقافية والصناعات الترفيهية والتجارة الدولية والشحن الجوي للبضائع.
إن إنشاء صندوق عالمي بقيمة 100 مليار دولار يمتد على مدى عام كحد أقصى أو حتى اكتشاف اللقاح أو عقار مضاد لـ Covid 19، يكون هدفه دعم الكيروزين المجاني، سيخرج جميع اقتصادات العالم من حالة الغيبوبة وسيجمع بين جهود القوى السبع في العالم من أجل خروج موحد ومتظافر ومفيد. وفوق كل ذلك ستكون التكلفة أقل بكثير من تكلفة الأزمة لو تقدمت قوى العالم في نظام مشتت لدعم اقتصادياتها بشكل فردي .. وبالتالي، ووفقًا لتقرير مؤسسة بروجل (Bruegel) البحثية، قامت فرنسا، على سبيل المثال، بتعبئة 622 مليار يورو أي أكثر من ¼ ناتجها الداخلي الخام خلال العام الماضي من أجل خطة الإنقاذ الخاصة بها مع 57 مليار مساعدة مباشرة (البطالة وإجراءات الصحة والتضامن) و288 مليار تأجيل الرسوم والسداد وأخيراً 388 مليار دولار كضمانات القروض المصرفية.
فيما تتمثل خطط الإنقاذ الإيطالية والبريطانية، على سبيل المثال، في تخصيص 21٪ من الناتج الداخلي الخام، بينما تقارب النسبة في إسبانيا 12٪، فيما خصصت ألمانيا 2000 مليار أي 60٪ من ناتجها الداخلي الخام. أما المراتب الأولى فتعود إلى اليابان التي أنفقت 1.1 تريليون دولار والولايات المتحدة التي عبأت 3 تريليون لدعم اقتصادياتها.
هذا النهج الجماعي المتجانس ومتعدد الأبعاد هو خطة إنقاذ غير مكلفة مقارنة بالجهود الفردية للقوى العالمية المختلفة. إذْ سيؤدي إنشاء صندوق دعم الكيروزين العالمي إلى تنشيط الحركة الجوية وسيكون له تأثير إيجابي على جميع الأنشطة الأخرى ذات الصلة.
ملء الطائرات بنسبة 50٪ من الركاب مع الامتثال للبروتوكولات الصحية والاستفادة من نظام تدوير الهواء الرأسي الذي يلغي خطر التلوث (تدوير الهواء فقط من الأعلى إلى الأسفل كما هو موضح في الرسم البياني المرفق) ودعم الكيروزين المجاني، هذه الخطوات التي ستكون دعامة هذا الصندوق العالمي لإنقاذ اقتصاديات العالم وحياة الملايين من الرجال المعرضين لخطر البطالة والفقر.
مع السعر الإيجابي الحالي البالغ 250 دولارًا للطن من الكيروزين، يجب على وزير مالية العالم أن يتوقع ويصدر إعانة مجانية للكيروزين في جميع المطارات حول العالم والتي يجب إعادة فتحها للاستفادة من هذا السعر الجذاب مع الاتفاق على المحافظة عليه (التحوط) حتى تجد مكة حجاجها وباريس سياحها والبندقية عشاقها وفيجاس لاعبيها ودبي تجارها ولندن محبي السهر ومدريد شعراءها وجربة حنينها.
يمكن تكرار هذا النهج الجماعي والعالمي على نطاق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث ستأخذ جميع البلدان على عاتقها مسؤولية توفير استهلاك الكيروزين لجميع شركات الطيران التي ستهبط على مدارجها. وبمعدل 3 أطنان من الكيروزين لمدة ساعة واحدة من رحلة طائرة إيرباص A 320، فإن إنتاج دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يقدر بـ 100 الف طن من الكيروزين يوميًا، سيضمن 30 الف ساعة طيران لشركات الطيران التي تعمل في المنطقة وبالتالي تضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انتعاشًا اقتصاديًا في المنطقة بأكملها وفي دبي لاستضافة "معرض وورد" (Word Expo) الخاص بها خلال عام 2021.
يمكن لتونس، الوجهة السياحية والتصنيعية والجسر بين أفريقيا وأوروبا، تبنّي نهج الدعم وبالتالي توفير الكيروزين المجاني لجميع الشركات التي تهبط في مطاراتها لتنشيط جميع قطاعاتها. النشاط والحفاظ على الوظائف وتقليل عواقب Covid-19 بأقل تكلفة. بمعدل 250 دولارًا للطن من الكيروزين بما في ذلك التكاليف ستكون التكلفة السنوية في حدود 62 مليون دولار مقابل 250.000 طن من الكيروزين سنويًا أو بالكاد 2٪ من الناتج الداخلي الخام وهو تقريباً ميزانية التسويق والترويج لوزارة السياحة .
المصفوفة جريئة ومنقذة، إذْ يمكنها أن تجعل تونس، هذه الدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، متقدّمة ورائدة من خلال الرهان على الحركة الجوية كدينامو انتعاش عالمي متعدد القطاعات ومتعدد الأبعاد.