مع الشروق : كيان مختل ومنبوذ

مع الشروق : كيان مختل ومنبوذ

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/08/05

مع تغيّر المواقف العالمية وخاصة الغربية تجاه الابادة الجماعية الحاصلة في قطاع غزة منذ 22 شهرا، بات الكيان الصهيوني "المختل" أماما عزلة دولية متصاعدة، وكيان منبوذ رسميا وخاصة شعبيا.
الجرائم الوحشية التي ارتكبها ويرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، تجاوزت كل الحدود والخطوط الحمراء، إذ تفنّن الاحتلال في طرق القتل والتدمير والتهجير والتجويع دون حسيب او رقيب.
وفي العصر الحديث، لم يحدث أن قامت دولة او كيان او حتى ميليشيات مسلّحة متطرّفة في اي نزاع ما، بهذا الكم من القتل الوحشي والتجويع، وهو ما يظهر ان الكيان الصهيوني ليس مجرّد كيان محتل بل هو كيان مختل، ليس في ايديولوجيته الدينية التي بنى عليه وهمه في الاراضي المحتلة وإنما أيضا في بقاءه وفي توسّعه الجنوني القائم فقط على الدم.
ومع عقدة "الهولكوست" بالنسبة للغرب، وجد الكيان الصهيوني ملاذا آمنا وغطاء سياسيا وعسكريا واعلاميا لجرائمه الوحشية منذ نشأته عام 1948، فهو الكيان الوحيد على الكرة الارضية الذي يحقّ له فعل أي شيء دون أدنى محاسبة تحت مسمى "الدفاع عن النفس".
الدمغجة على "الهولوكست" والمظلومية والتفوّق والشعب المختار، التي أعمت بصيرة العالم الغربي لعقود طويلة، انهارت فجأة تحت هول الابادة الجارية في قطاع غزة، وداستها أرجل الشعوب الحرة الثائرة في الشوارع الغربية.
نعم يمكن القول اليوم ان الشعوب وحتى الساسة الغربيين، تحرّروا من عقدة "الهولوكست" بفضل "طوفان الاقصى" الذي عرّ الكيان الصهيوني وارهابه وتطرّفه و وحشيته في قتل الأطفال والنساء والشيوخ.
وكان واضحا ان غضب الشارع الغربي هو من أجبر ساسة الغرب على تعديل مواقفهم وخاصة على احياء ضمائرهم الميتة والمرتهنة للوبي الصهيوني في العواصم الغربية مسلوبة الإرادة.
هذا الامر، اضافة الى الجرائم الوحشية المرتكبة يوميا في القطاع، دفع الدول الغربية الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعلى رأسهم فرنسا التي هدمت "السد" الذي كان يحمي الكيان الصهيوني ويبرّر ويشجّع إرهابه وابادته للفلسطينيين.
عقدة "الهولوكوست" تآكلت، وقبل ان تتحرّر فلسطين نفسها تحرّرت الشعوب والبلدان الغربية من السطوة الصهيونية على العقول وعلى القرارات وعلى الاعلام، وهذا في حدّ ذاته تحوّل عظيم.
والكيان الصهيوني اليوم، بات منبوذا، وحتى وإن كان لا يزال تحت بعض الحماية الرسمية الغربية، فإنّه خسر نهائيا مواقف وقناعات الشعوب الغربية التي استفاقت من غفوتها وانتصرت للحق الفلسطيني.
هذا التحوّل الكبير، يعود رأسا لأحداث السابع من أكتوبر حيث كانت القضية الفلسطينية في حاجة ماسة الى مثل هذه الصدمة القوية، حتى تستعيد مكانتها ويكتشف العالم مدى زيف ووحشية الاحتلال الصهيوني.
قد لا تكون النتائج آنية، ولكن الأكيد ان الكيان الصهيوني تمّ تعريته تماما واسقاط كل رواياته وهذيانه، وهو اليوم محلّ ازدراء، في المقابل بات الحق الفلسطيني على رأس الأولويات والتغيير قادم لا محالة.
بدرالدّين السّيّاري
 

تعليقات الفيسبوك