مع الشروق: حتى نستفيد من. . . «صيدلية رمضان»
تاريخ النشر : 08:14 - 2020/04/24
بطعم خاص، وفِي ظروف خاصة جدا يبدأ اليوم شهر رمضان المعظم. أزمة فيروس كورونا المتواصلة تلقي بضلال ثقيلة على التونسيين وعلى جل شعوب العالم. ذلك أن هذا الفيروس اللعين يبث حالة رعب غير مسبوقة، علاوة على انه لخبط كل شيء في حياة المواطن. انطلاقا من المزاج والحالة النفسية السيئة ووصولا الى ظروف الحجر الصحي ومنع الجولان ليلا، مرورا بإغلاق المساجد وغياب صلاة التراويح هذا العام.
هذه الظروف فعلت فعلها في التونسيين. وهي بالتأكيد تعطي لرمضان هذا العام طابعا فريدا وطعما استثنائيا. ومع ذلك فإنّ هذه المعطيات ليست ولادة شر مطلق ولا مدعاة للتشاؤم. من رحم هذه الظروف الصعبة يمكن ان نجتهد قليلا لاشعال شموع الأمل والتأمل في كل الشوائب والادران التي علقت بسلوكاتنا. ومن ثم السعي الى التخلص منها حتى نعيد للصوم معانيه النبيلة واهدافه الحقيقية ومراميه البعيدة التي يهدف من ورائها المولى عز وجل الى تطهير نفوسنا وتنقيتها من كل ما يعلق بها من أدران ومن نوازع من قبيل الانانية والجشع واللهث وراء المادة والكسب السريع ولو بطرق غير شرعية يحرمها الدين ويحرمها القانون.
لقد ارتبط الشهر المعظم لدى الكثير من التونسيين ببعض المظاهر والقشور على حساب الجوهر والمرامي الحقيقية لهذه الفريضة. كما ارتبط لدى اخرين بالغش والاحتكار والترفيع في الأسعار والاندفاع الى السهر حتى مطلع الفجر والى القمار. وهذه سلوكات مشينة ويفترض ان يقلع عنها المسلم كامل ايام العام،لا ان يتهافت عليها ويصير عبدا لها في شهر الصيام. هذا الشهر الذي يفترض ان يساعدنا بقداسته وبمضامينه وبأبعاده الروحية على ان نطهر أنفسنا وارواحنا وان نخلصها من كل الشوائب المفسدة للصوم والجالبة للآثام ولغضب المولى عز وجل.
وإذا كان علاج فيروس كورونا الذي يجهد العلماء والمختصون عبر العالم في البحث عنه ما زال يحتاج بعض الوقت، فان علاج أنفسنا وتطهير ارواحنا مسألة في المتناول وبإمكان كل فرد تحقيقه الان ودون إبطاء. وهي مهمة لا يتطلب تنفيذها بنجاح وقتا ولا أموالا ولا مخابر ولا تجهيزات. بل يتطلب فقط التوجه بعزيمة صادقة وبروح مؤمنة الى "صيدلية رمضان" وللحصول منها على المفاتيح والادوية الحقيقية التي تطهر نفوسنا وتزكيها وتساعدها على الشفاء من أمرض مزمنة ومن أعراض خبيثة ظلت تلازم الكثيرين منا في شهر الصوم وعلى مدار العام. وهي مفاتيح وادوية لا تتطلب منا اموالا ولا مستشفيات ولا جحافل من الأطباء والممرضين. إنّها تتطلب منا فقط عودة صادقة الى المعاني الحقيقية للصوم بما هو تسليم للخالق وبما هو تضحية وصبر وتأهيل على مغالبة النفس وكبح الشهوات... وبما هو إقبال على التضامن الفعلي وتخلص من آفات الجشع والأنانية.. وهي فيروسات مفسدة للصوم، مضرة بالايمان، عابثة بإنسانية الانسان.
وبما ان الضارة قد تكون احيانا نافعة، فإن التحولات التي فرضتها مقاومة كورونا على نمط حياتنا تعطينا في المقابل فسحة من الزمن لنخلو الى أنفسنا ولنتأمل في ما حولنا . وكذلك لنستخلص الدروس والعبر من هذه المِحنة التي تمر بها البشرية والتي لم تنفع معها الجيوش الجرارة ولا حاملات الطائرات ولا كل عناوين القوة المادية. ومتى وقف كل مواطن ومواطنة امام المرأة وحاول بصدق وبجدية ان يحاسب نفسه ويرسم لنفسه طريق الصوم الحقيقي والمقبول والإخلاص لوجه الله والواجب لمجازاته، فإننا سنكون قد استفدنا من هذه المِحنة لنخرج منها أفرادا ومجتمعا وشعبا أقوى وأشد عزيمة على كسب الرهانات والمعارك القادمة،وهي كثيرة ومعقدة.
رمضان كريم وصوم مقبول لكافة قراء الشروق ولأبناء شعبنا وللشعوب العربية والإسلامية قاطبة. وكل عام والجميع بألف خير.

بطعم خاص، وفِي ظروف خاصة جدا يبدأ اليوم شهر رمضان المعظم. أزمة فيروس كورونا المتواصلة تلقي بضلال ثقيلة على التونسيين وعلى جل شعوب العالم. ذلك أن هذا الفيروس اللعين يبث حالة رعب غير مسبوقة، علاوة على انه لخبط كل شيء في حياة المواطن. انطلاقا من المزاج والحالة النفسية السيئة ووصولا الى ظروف الحجر الصحي ومنع الجولان ليلا، مرورا بإغلاق المساجد وغياب صلاة التراويح هذا العام.
هذه الظروف فعلت فعلها في التونسيين. وهي بالتأكيد تعطي لرمضان هذا العام طابعا فريدا وطعما استثنائيا. ومع ذلك فإنّ هذه المعطيات ليست ولادة شر مطلق ولا مدعاة للتشاؤم. من رحم هذه الظروف الصعبة يمكن ان نجتهد قليلا لاشعال شموع الأمل والتأمل في كل الشوائب والادران التي علقت بسلوكاتنا. ومن ثم السعي الى التخلص منها حتى نعيد للصوم معانيه النبيلة واهدافه الحقيقية ومراميه البعيدة التي يهدف من ورائها المولى عز وجل الى تطهير نفوسنا وتنقيتها من كل ما يعلق بها من أدران ومن نوازع من قبيل الانانية والجشع واللهث وراء المادة والكسب السريع ولو بطرق غير شرعية يحرمها الدين ويحرمها القانون.
لقد ارتبط الشهر المعظم لدى الكثير من التونسيين ببعض المظاهر والقشور على حساب الجوهر والمرامي الحقيقية لهذه الفريضة. كما ارتبط لدى اخرين بالغش والاحتكار والترفيع في الأسعار والاندفاع الى السهر حتى مطلع الفجر والى القمار. وهذه سلوكات مشينة ويفترض ان يقلع عنها المسلم كامل ايام العام،لا ان يتهافت عليها ويصير عبدا لها في شهر الصيام. هذا الشهر الذي يفترض ان يساعدنا بقداسته وبمضامينه وبأبعاده الروحية على ان نطهر أنفسنا وارواحنا وان نخلصها من كل الشوائب المفسدة للصوم والجالبة للآثام ولغضب المولى عز وجل.
وإذا كان علاج فيروس كورونا الذي يجهد العلماء والمختصون عبر العالم في البحث عنه ما زال يحتاج بعض الوقت، فان علاج أنفسنا وتطهير ارواحنا مسألة في المتناول وبإمكان كل فرد تحقيقه الان ودون إبطاء. وهي مهمة لا يتطلب تنفيذها بنجاح وقتا ولا أموالا ولا مخابر ولا تجهيزات. بل يتطلب فقط التوجه بعزيمة صادقة وبروح مؤمنة الى "صيدلية رمضان" وللحصول منها على المفاتيح والادوية الحقيقية التي تطهر نفوسنا وتزكيها وتساعدها على الشفاء من أمرض مزمنة ومن أعراض خبيثة ظلت تلازم الكثيرين منا في شهر الصوم وعلى مدار العام. وهي مفاتيح وادوية لا تتطلب منا اموالا ولا مستشفيات ولا جحافل من الأطباء والممرضين. إنّها تتطلب منا فقط عودة صادقة الى المعاني الحقيقية للصوم بما هو تسليم للخالق وبما هو تضحية وصبر وتأهيل على مغالبة النفس وكبح الشهوات... وبما هو إقبال على التضامن الفعلي وتخلص من آفات الجشع والأنانية.. وهي فيروسات مفسدة للصوم، مضرة بالايمان، عابثة بإنسانية الانسان.
وبما ان الضارة قد تكون احيانا نافعة، فإن التحولات التي فرضتها مقاومة كورونا على نمط حياتنا تعطينا في المقابل فسحة من الزمن لنخلو الى أنفسنا ولنتأمل في ما حولنا . وكذلك لنستخلص الدروس والعبر من هذه المِحنة التي تمر بها البشرية والتي لم تنفع معها الجيوش الجرارة ولا حاملات الطائرات ولا كل عناوين القوة المادية. ومتى وقف كل مواطن ومواطنة امام المرأة وحاول بصدق وبجدية ان يحاسب نفسه ويرسم لنفسه طريق الصوم الحقيقي والمقبول والإخلاص لوجه الله والواجب لمجازاته، فإننا سنكون قد استفدنا من هذه المِحنة لنخرج منها أفرادا ومجتمعا وشعبا أقوى وأشد عزيمة على كسب الرهانات والمعارك القادمة،وهي كثيرة ومعقدة.
رمضان كريم وصوم مقبول لكافة قراء الشروق ولأبناء شعبنا وللشعوب العربية والإسلامية قاطبة. وكل عام والجميع بألف خير.