ما هو واجب حكومة الجلاء الدستوري والسياسي والاقتصادي؟ رسالة إلى رئاسة الجمهورية

ما هو واجب حكومة الجلاء الدستوري والسياسي والاقتصادي؟ رسالة إلى رئاسة الجمهورية

تاريخ النشر : 19:48 - 2021/09/28

يقوم نظام حكم الجمهورية الثالثة بلا شك وفي المنطلق على قاعدة تنفيذية تقوم بدورها على قاعدة استثنائية فلسفية ودستورية وقانونية وسياسية وأخلاقية (ايطيقية بالأحرى) وهي قاعدة القرارية Le décisionnisme لا على قاعدة المعيارية الخاوية. 
ولذلك يشيع خطأ كبير في فهم أحكام 22 سبتمبر أو الأمر الرئاسي عدد 117 ويسود سوء فهم وسوء توصيف وربما إرادة تضليل وتزييف مفادها وجود أحكام غير ملزمة وغير ذات صبغة تنفيذية وبلا ضمانات وما إلى هنالك.
إن الغرض من هذه المقالة، وحيث لا يمكننا أن نتحدث عن كل ما هو ممكن الاقتراح تحت سؤال "ماهو واجب؟" وخاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، هو بالأحرى بيان قاعدة التغيير الاقتصادي والاجتماعي المستوجب والواجب قراريا أي دستوريا وقانونيا وسياسيا فضلا عن الاقتصادي والاجتماعي المرتبط والمحايث أو الملازم لنفس المسار وإن كان لاحقا، علما وان تأليف روح الفكرة الواردة في العنوان ليس جديدا لا في جهدنا ولا في صياغتها وإنما حانت اللحظة. 
وهنا نتوجه مباشرة إلى رئيس الجمهورية وهي أول مرة نتوجه فيها إليه بعد 25 جويلية، والتوجه لا يعني التقدم بمطالب أو ادعاء لفت الانتباه وإنما مرافقة فكرية وسياسية وإعلامية للاتجاه التاريخي والشعبي كما فعلنا خصوصا على صحيفة الشروق منذ 25 جويلية وحتى الآن وبشكل شبه يومي. 
إن ما تصبو إليه غالبية التونسيين الاجتماعية بالأساس (وهي مقاربة مفهومية نعتمدها من سنوات) ليس دولة القانون والمؤسسات بمعناها التقليدي الذي قد لا يكون شيئا ولا الاعتماد على الدولة كمجرد أجهزة وحسب وهذا أيضا قد لا يفيد في شيء ولا كاريزما الشخص وغير ذلك من مدارس واتجاهات ومفاهيم قد تكون عكس الإرادة العامة الجماعية وهي إرادة غالبية الشعب. 
وعلى ذلك نحن حولنا حالة الاستثناء والفلسفة القرارية إلى فكرة الشعب كقوة تأسيسية دائمة وهي فكرة ثورية قديمة طبعا، وأسسنا عليها طرحنا الديمقراطي العميق لكل من الاستثناء والقرار وخلصناهما من ترسبات الليبرالية المتوحشة الملونة المعادية للتغيير والإنقاذ. ولذا فإن الدرع الاقتصادي والاجتماعي هو الذي سوف يصبح مباشرة بعد انطلاق عمل الحكومة قلب الدرع الشعبي الواسع الحامي للمسار الجديد. 
لقد كافحنا وغيرنا بالفكر والساعد منذ المحاولات الأولى لصياغة دستور جديد مباشرة بعد جانفي 2011، كافحنا مثلا من أجل التأسيس لحق الشغل في دستور 2014 (ونشرها ذلك في شهر مارس 2011) والذي أردناه دستور شعب، بل دستور شهداء، حتى اننا نشرنا محاولات توطئة ومحاولات مبادىء دستورية ومحاولات مبادىء فوق دستورية أهملت جميعها بطبيعة الحال. ونعتقد انه آن الآن الأوان. واجتهدنا بكد متواصل من أجل تضمين مبادئ أو أحكام أو فصول دستورية تضمن الانتقال إلى نظام اقتصادي جديد ومشروع تنمية وطني سيادي جديد دون جدوى. 
هذا ونشرنا على موقع الحوار المتمدن مثلا في تاريخ 6 جانفي 2014 تحت عنوان "دستور غوغل - ويكيبيديا أم دستور الشهداء؟"، ماهو واجب كما يلي: "- توفير الشغل الكريم لطالبه (حق انساني أساسي واجتماعي واقتصادي) - تمتيع أوسع طبقة من المواطنين بخدمات الطب الاجتماعي الفعال - تجريم النزول تحت خط الفقر - إقرار عائد المواطنة والحياة لكل من لا يستطيع العمل. 
وبعد سنوات وقبل انتخابات 2019 وتحديدا في 4 ماي 2017 مثلا نشرنا على موقع شبكة باب المغاربة نصا بعنوان "متطلبات الوضع الحالي، استفتاء على الخيارات الإقتصادية الكبرى وعلى نظام الحكم" طالبنا فيه بالتفكير في ذات المعاني واختتمنا بالقول: " هذا ولا بد من تثبيت ثلاثة أهداف كبرى:
1-انطلاق قاعدة الحكم وبرامج الحكم ونظام الحكم من رأي الشعب الأغلبي تماشيا مع ما تراه الأغلبية مصلحة وطنية.
 2- انطلاق الحكم من وضوح رؤية لدى الناس حول التشكيلات والأسماء التي ستحكم ومشاريعها المفصلة قبل الانتخابات.
 3- انطلاق الحكم من بيئة دستورية وسياسية تامة المعالم وسليمة لا تحتمل العودة الدستورية والسياسية إلى ما قبل الانتخابات". ولم يعد ذلك المطلب الاقتصادي والاجتماعي بداهة يتطلب الاستفتاء وإنما القرار التنفيذي. ثم رأينا على صحيفة رأي اليوم الإلكترونية بتاريخ 1 أكتوبر 2017 وبعنوان" تونس، سوريا، فنزويلا، مجرد دساتير حريات أم خيار دستور اقتصادي استراتيجي"، رأينا أهمية وضرورة" ابداع النموذج الاقتصادي دستوريا وإحداث اطار قانوني جديد للثروات والاستثمارات والشراكات…الخ." 
وبنفس القصد وهو تغيير النظام الاقتصادي وبناء المشروع التنموي الوطني السيادي حتى ان الأمر وصل بنا حد اقتراح مجلس السيادة الاقتصادية ومحكمة السيادة وقطب الشؤون الاستراتيجية، ولا حياة دائما وأبدا لمن تنادي وإن بعد قرن، أسمعت لو ناديت ميتا. 
وأما في 20 جوان 2016 فنادينا المعارضة على موقع نواة تحت عنوان "دور المعارضة الآن"، نادينا بتشكيل "مجلس مراقبة وتنفيذ السياسات" والكفاح المستمر حتى التغيير وبكل التضحيات. ثم نادينا على موقع المحور العربي في "رسالة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل من أجل تغيير بحجم تقرير المصير"، نادينا بــ "- العمل على بذل قصارى العناية من أجل تركيز مشاريع التعديل والمؤسسات التالية: 
* الاستفتاء على الخيارات الاقتصادية والمالية الكبرى بعد الانتخابات في صيغة دستور اقتصادي مصغر. 
* الاستفتاء على مبادئ فوق دستورية عليا تتعلق بالعقيدة الوطنية السيادية والتحريرية. * تركيز مجلس أعلى للإصلاح الديني والتربوي يؤسس للوحدة والتعاون والترشيد وحفظ أركان الحضارة الإسلامية الرحمانية والإنسانية فوق كل اعتبار سياسي صغير وانتخابي ضيق.
 * تركيز مجلس وطني أعلى للشؤون الاستراتيجية وشؤون الحكم." وتبقى كل تلك أفكار ورؤى وأحلام تجوز لنا استعادتها في هذه اللحظة التاريخية المصيرية كروح عامة وليس بالضرورة كمتحققات وليس بالضرورة بالعناوين سالفة الذكر. ولكن، نحن حقا نعتقد بأن استئناف روح محمد على الحامي وفرحات حشاد والتليلي وبن صالح وغيرهم ممكنة على صيغ جديدة في مسارنا هذا وطنيا وتعاونيا وتضامنيا ومواطنيا وانسانيا وسياديا حتى تأتي لحظة تفعيل مجلس الحوار الاقتصادي والاجتماعي وربما تحويله إلى مجلس حوار استراتيجي منسجم مع عقل التخطيط الاستراتيجي للدولة الجديدة المأمولة من الأسفل ومن الأعلى وهو ما كان أيضا مدار تفكيرنا سنوات خلت على عدة صحف ومواقع.
 إنه عصر الحقوق الثورية الناجزة وإن بعد سنوات وليس بعد أشهر فقط، بل عصر الحقوق الاستراتيجية الشاملة. والله الموفق.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22
تصاعدت منذ انطلاق طوفان الأقصى وتيرة مواجهة الكيان الصهيوني من خارج فلسطين وأصبحت ظاهرة بارزة بصد
07:00 - 2024/04/21
لم يكن قصف القنصلية الايرانية في دمشق عملا عبثيا وانما عملا مخطط له هدفه خلط الاوراق اقليميا ودول
07:00 - 2024/04/21
-إذا كان الوعي من أعمال العقل،وإذا كان العقل يغلب عليه التشاؤم أحيانا،وهو يحلّل ويستقرئ ببرود وحي
09:16 - 2024/04/15