ملاحظات حول الطلقة الأخيرة على جبهة مقاومة التطبيع في تونس

ملاحظات حول الطلقة الأخيرة على جبهة مقاومة التطبيع في تونس

تاريخ النشر : 15:28 - 2020/12/15

يتحتم علينا مرة أخرى أن نعيد طرح بعض ما طرحناه سابقا ونحين ما وصلت إليه الأمور:
1-إن جرائم التطبيع مع العدو الصهيوني متواصلة في تونس في واقع تواطؤ تام لشق وعجز تام لشق آخر من السلطات الرسمية وصمت واضح من مؤسسات الحكم واستقالة تامة من المنظمات والجمعيات والأحزاب، بما في ذلك القضاة والمحامين، ما عدا بيانات التنديد طبعا، من هذا أو ذاك. 2- لقد باتت جماهير شعبنا معزولة تماما عن شارع خامل بالكامل وعن قوى وطنية في حالة جزر محير. وأصبحت تتجرع على مدار الساعة مرارة اختطاف بلدنا وقراره وهويته الوطنية وخياره الاستراتيجي ومرارة تهاوي الأنظمة العربية تحت الحذاء الصهيوني دون فعل ولا رد فعل في واقع اغتصاب إرادة شعبنا من طرف شبكة عملاء الصهيونية الذين يوغلون في صهينة تونس بلا حسيب ولا رقيب، ما يعني إسقاط الحاجز النفسي الرافض للتطبيع مع مرور الوقت واخضاع التونسيين وتدمير وعيهم.
3- بلوغ مستوى غير مسبوق بالمرة من تراكم مخاطر وتهديدات أمننا القومي كما ونوعا خاصة ببلوغ الطوق الصهيو-أميركي على منطقتنا منتهاه من الأطلسي إلى المتوسط ومن المغرب إلى الصحراء الغربية وحدود الجزائر إلى موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وليبيا إلى السودان ومصر. هذا عدا عن القرن الافريقي والخليج وسواهما. كما وبلوغ شبكة عملاء العدو الصهوني في الداخل حدا متقدما جدا من التغلغل في كل مستويات الدولة والمجتمع وخنق نظام الحكم الرسمي بكل سيناريوهات الإسقاط الممكنة. 
4-بلوغ معضلة التطبيع في تونس درجة معقدة مرتبطة بشؤون الدولة الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والتربوية والثقافية ومرحلة متقدمة من الارتباط بشؤون الحكم وسياسات الدولة.
5- تواصل تشتيت "الرأي العام" عن طريق احاطة قضايا الشعب الأساسية بالجهويات والقطاعويات والقضايا الفردية والمصطنعة وتحويل الحق إلى باطل وتكريس العمل داخل الفوضى تلاعبا بالوعي العام وادارة للإدراك والفهم بما في ذلك فهم الطبقة الحاكمة وضلوعها في دفع البلاد في اتجاهات لا تحمد عقباها وسلوك الطبقة السياسية المعارضة المشارك في هذه السياقات بوعي حينا ودون وعي حينا آخر. 
6- ترنح جزء من منظومة الحكم في دوامة العجز والتوهان والتخاذل، ما ينبئ، وبالمعطيات لا بالتحليلات، عن وصول البلد مرحلة مقايضة الخبز والجرايات بالسقوط في أحضان العدو عن طريق طرح سيناريو الوعد بإسقاط الديون أو بعضها والوعد بالاستثمارات مقابل تغيير النظام السياسي والمحافظة على ما يسمى الديمقراطية الشكلية وتسليم الوطن والدولة والشعب لموجة الاندماج مع العدو الصهيوني، وإن لم يكن ذلك بإعلان العلاقة الرسمية فعلى الأقل بمواصلة جرائم التطبيع المتواترة والصمت حيال القضية وحيال وتيرة التطبيع الحالي والسماح بتوسيعها والاحجام عن الموقف التونسي في المستويات المحلية والاقليمية والدولية. 
7-إن الطلقة الأخيرة قبل هز البلاد بفاجعة موالاة العدو الصهيوني يجب أن تكون استباقية، وإن كان تقديرنا انها تأخرت  وقبل الدخول في مرحلة تكون بمثابة مرحلة لا حكم أو مرحلة مؤقتة وانتقالية يتم بعدها استبعاد كل نفس ممانع استبعادا تاما واستباحة إرادة الشعب استباحة تامة وشامتة ولها كلفة باهظة على الوعي والمصير وفي عصر أو مباشرة بعد عصر من صوتت له الغالبية (وهو ما يحصل فعلا في عصره من جرائم تطبيع فظيع)، صوتت من أجل وطنية تونس وعروبة فلسطين وتحريرها وتحرير المنطقة من الاستعمار. ومن ثم يكون ذلك بتمهيد الأمر لمن ينفذ آخر مراحل العزل الاستراتيجي لتونس في محيطها وفي عالم الاستعمار التقليدي إذا لم تركع.
8- إن كل محاولة في هدر الوقت واضاعة الفرص وتحويل وجهة الضرورة والهدف وسط غياب أي هوامش متاحة وفي العبث والتلاعب والمناورة وعدم التصويب صوب الإمكانية الواقعية والدستورية الوحيدة المتبقية، وهي من صلاحيات الرئاسة وفي باب اتخاذ قرار تدبير قانوني استثنائي بمقتضى الفصل 80 وليس مبادرة تشريعية رئاسية موجهة إلى البرلمان ولا لائحة أو مبادرة تشريعية برلمانية من كتل البرلمان، ستكون جرما إضافيا بمثابة الاستعراض الفولكلوري والطلقة في الهواء وتسجيل الأهداف الوهمية التي لن يرى الشعب فيها أي مصداقية وستكون مساهمة في إسقاط رمزية المناعة الشكلية لتونس وادانة للطبقة الحاكمة برمتها أو مجرد هدف سياسي لتسقيط جانب من الطبقة الحاكمة وادانتها أمام الرأي العام والكل يعرف مسبقا ان البرلمان لن يجرم التطبيع وان التظاهر في غير موضعه أو الثرثرة البرلمانية في غير موضعها (وموضعها قصر الرئاسة وليس أي شارع ولا أمام الحكومة ولا أمام البرلمان)، لن تزيد الشعب إلا احباطا وتراجعا ولن تزيد تونس إلا ضعفا وسقوطا ولن تزيد الوضع إلا خدمة لاستراتيجيات وتكتيكات العدو. وبعبارات أوضح، لن يكون ذلك سوى تخلصا من الكرة ومجرد منكافة وإلقاء للمسؤولية على العبث وسيكون ذلك سلوكا تخريبيا  غير مبدئي وغير ذي مغزى سياسي.
هذا ونتمنى من كل قلوبنا أن يكذبنا الواقع وأن يكذبنا البرلمان وأن تكذبنا كل القوى السياسية. وهذا أصلا لأن التطبيع جار به العمل بطبعه وهذا لأن الطبخة طبخت والكل سيحاول التبرؤ كسبا للوقت المقبل.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

من خلال مسيرة الأمين السعيدي الأدبية نتبين أن للرواية تقنياتها الخاصة وأسلوبها المتفرد ولغتها الح
22:14 - 2025/07/29
لست أدري كيف ستكون البداية و إلى أي مدى يمكن أن تسعفني بندقيّتي التي لطالما عانقتني متى اشتقت أين
16:58 - 2025/07/29
في جنوب سوريا برز «سيدٌ»جديدٌ يأمُرُ ويُنْهِي، ويسرُقُ الأراضي، ويُقيمُ القواعد العسكرية، إنَه ال
07:00 - 2025/07/28
عندما كنت صغيرا وأبلغ من العمر 11 سنة أول منظمة انخرطت بها الكشافة التونسية بمدينة بن قردان تحت ق
07:00 - 2025/07/27
كنّا في هذا الوطن سكّانًا… لكنّنا، عجزنا عن التحوّل إلى مواطنين، تراجعنا إلى قاع السلم الحضاري، و
07:00 - 2025/07/26
بدأ شبح المجاعة يطل بوجهه القبيح على سكان قطاع غزة المحاصر ويفتك بأطفاله واحد تلو الآخر، وبات سكا
07:00 - 2025/07/26
من الكلمات الخالدة في تاريخ المقاومة ما قاله الزعيم الخالد للأمة العربية جمال عبدالناصر "أن المقا
07:00 - 2025/07/26