مع الشروق : مؤتمر «حلّ الدولتين» والسلام المنشود

مع الشروق : مؤتمر «حلّ الدولتين» والسلام المنشود

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/29

في خطوة غير مسبوقة وبمبادرة تقودها السعودية وفرنسا، تبدأ اليوم في نيويورك الامريكية أشغال مؤتمر "حل الدولتين" والذي يمتدّ على يومين، في مسعى لدفع عملية السلام عبر الاعتراف بدولة فلسطينية.
على مدار الاسابيع والاشهر الماضية وبسبب الابادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزّة من طرف الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية، شهدت الشوارع ودوائر القرار الغربية مراجعات كبرى في اتجاهين، الأوّل هو الكف عن الدعم الأعمى للاحتلال والثاني السعي نحو تحريك عملية السلام المتآكلة عبر مزيد الاعتراف بدولة فلسطينية.
حرب الابادة المتواصلة منذ أكثر من 22 شهرا، نجحت في مقابل هذه المأساة المروّعة في تعرية وحشية الكيان الصهيوني وسردية المظلومية المبنيّة على المحرقة النازية التي حدثت لليهود في الحرب العالمية الثانية.
كان الكيان الصهيوني يعتقد ان المحرقة النازية التي "أسر" وكبّل بها العالم الغربي، تتيح له القتل والتدمير والتهجير متى ما أراد وبلا حدود ودون حسيب او رقيب وبغطاء دولي قانوني وسياسي واعلامي وحتى شعبي.
وأكثر ما يحسب لعملية "طوفان الاقصى" أنّها عرّت الكيان الصهيوني وأسقطت عنه رواية المظلومية، والأهم من ذلك كله أنها حرّرت الشعوب والحكومات الغربية على حد سواء من عبء التبعيّة والخضوع والخنوع للكيان الصهيوني ورفع الدعم السياسي والقانوني والاعلامي عنه.
ظهر ذلك جليا في "ثورة" الشارع الغربي ضدّ الاحتلال الاسرائيلي للأراضي المحتلة ونشأة جيل جديد ،متحرّر من قبضة الدمغجة القائمة على حق الكيان الصهيوني في الدفاع عن نفسه، وأن الأرض التي يحتلّها هي أرضه الموعودة وله كل الحق فيها حتى وإن أباد شعبا كاملا.
المواطن الغربي اليوم تشبّع بفصول الصراع في الأراضي المحتلة، وأصبح يفهم طبيعة الصراع جيّدا وخلفيته التي لم تبدأ بعملية السابع من أكتوبر ولا بسبب توجّهات حركة "حماس"، وهذا الأمر هو الذي دفع الدول الأوروبية الى إعادة حساباتها.
اسبانيا تحديدا كانت السباقة في هذا المضمار، وشعبها الذي ثار وملأ شوارع البلاد طيلة الأشهر الماضية، دفع بحكومة بلاده الى التماهي معه وأخذ مواقف سياسية غير مسبوقة رفقة دول اوروبية أخرى عبر الاعتراف بدولة فلسطينية.
الآن جاء الدور على فرنسا الدولة الوازنة في التكتّل الأوروبي، لتعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطينية، وأخذ زمام المبادرة في عقد مؤتمر "حل الدولتين" المنعقد بنيويورك والذي سيشهد مشاركة واسعة مع عزم 6 دول أخرى على الاحتذاء بقرار باريس.
مؤتمر حل الدولتين هو لحظة حاسمة وتاريخية وهو أيضا بمثابة الصدمة الكهربائية لجسد النظام العالمي الحالي الذي يرقد في الانعاش، والذي سمح وساهم في ابادة شعب على أرضه تحت تأثير الصهيونية العالمية.
إنصاف الشعب الفلسطيني بمنحه دولة على حدود الرابع من جوان 1967، هو حق تاريخي وقانوني وأخلاقي، وليس منّة او عملية سياسية لمصالح معيّنة وضدّ طرف بعينه وهو الكيان الصهيوني المحتل.
لطالما أثبتت الاحداث والوقائع منذ نشأة الكيان الصهيوني عام 1948، أن السلام ومهما توحّش وتفوّق الكيان المحتل عسكريا، يمرّ رأسا عبر منح حقوق الشعوب الفلسطيني ودون ذلك هو عبث ما بعده عبث.
كما أثبتت الوقائع أن لا سلام ولا أمان او استقرار في المنطقة العربية والشرق الاوسط دون قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967 ووفق المبادرة السعودية المطروحة في قمة دمشق عام 2002.
بدرالدّين السّيّاري
 

تعليقات الفيسبوك