يتّصِف التحوّل العالميّ في مجال الطاقة بزيادة متسارعة في توليد الطاقة المتجدِّدة، واستبدال ناقلات الطاقة، وانتشار التكنولوجيا التي تَستخدِم الطاقة بكفاءة، والكهربة الواسعة النطاق، وأنظمة الطاقة الأكثر مرونة، وذلك وفقا لدراسة حول "دور المعادن والمواد الخام في دعم التحوّل في مجال الطاقة في المنطقة العربية" نشرتها مؤخرا لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "إسكوا".
وتعتَمد تكنولوجيا الطاقة المتجدِّدة، مثل توربينات الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية، بكثافةٍ على الموارد المعدنية، حسب المنظمة الأممية ولذلك فإنّ التحوّل إلى نظام طاقة أنظف من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاعٍ كبيرٍ في الطلب على المعادن والمواد الخام والفلزات، التي يُشار إليها أحياناً باسم "المعادن/الفلزات الأساسيّة للتحوّل في مجال الطاقة" أو "المواد الخام البالغة الأهمية". وتبحث الدراسة الأممية في دور المعادن والمواد الخام في دعم التحوّل في مجال الطاقة في المنطقة العربية، وتركِّز على الفلزات (الحديدية وغير الحديدية)، والمعادن الصناعية، والتعدين المستدام، وسلاسل القيمة المعدنية.
ولا ريب حسب "الاسكوا" في أن المنطقة العربية قادرة على الاضطلاع بدور قيادي، وأنّ عليها أن تتمتَّع ببيئة للتشغيل فيها من الاتساق والموثوقية ما يجذب الاستثمارات الرأسمالية الطويلة الأجل. ويرتبط رأس المال المخصَّص للتنقيب عن المعادن وتطوير المناجم بشكلٍ متزايدٍ بالأداء البيئي والاجتماعي وأداء الحوكمة، وبالتالي يتطلّب من الحكومات وضع استراتيجية بيئية واجتماعية، واستراتيجية حوكمة، واضحتين، ومتكاملتين. وتشكِّل الشراكة بين القطاعين العام والخاص السبيل المهمّ لإنشاء سلسلة توريد للمعادن البالغة الأهميّة، في حين أنّ التعاون الإقليمي يتيح تسريع استخدام تكنولوجيات التعدين الأنظف.
يذكر ان الاسكوا سبق لها ان نظمت، على مستوى عملها على دراسة سبل تطوير الصناعات الاستخراجيّة كمحرّك للتنمية المستدامة في المنطقة العربيّة، وفي إطار عمل المنتدى الدولي للطاقة من أجل التنمية المستدامة، اجتماع فريق خبراء لجمع الآراء حول دور المعادن والمواد الخام في تحقيق التحوّل في مجال الطاقة جرت في سياقه مناقشة التحديات الرئيسية والفرص المحتملة لتطوير قطاع تعدين مستدام في المنطقة العربية.
وخلص الخبراء الى اعتبار المنطقة العربية غنية بالموارد وتنتج العديد من المعادن مثل المعادن الحديدية والمعادن غير الحديدية والمعادن الصناعية والمعادن الثمينة وذلك في سياق يسعى فيه العالم إلى تحقيق أهداف انبعاثات غاز الاحتباس الحراري إلى مستوى الصفر، مما يؤدي إلى ازدياد الطلب على المعادن الحرجة مثل الكوبالت والمنغنيز والليثيوم والجرافيت والنيكل والنحاس بما يصل إلى 4 مرات خلال العقدين المقبلين وذلك بسبب الزيادة في نشر تقنيات الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية الكهروضوئية وتوربينات الرياح والمركبات الكهربائية وشبكة الكهرباء.
كما يمكن للمنطقة العربية أن تلعب دورًا قياديًا في تطوير المعادن الحرجة بحيث يجب أن تتمتع ببيئة تشغيلية متسقة وموثوقة لجذب الاستثمارات الرأسمالية طويلة الأجل.