من العاصمة الصينية بيكين، علا أمس، بمناسبة منتدى التعاون الصيني العربي، صوت القضية الفلسطينية في واحدة من أكبر التجمعات الإقليمية التي جمعت قادة دول عربية وعدد من الوفود الحكومية العربية بالرئيس الصيني وبحضور رئيس جامعة الدول العربية... ومن الصين، برز "البيان المشترك بين الصين والدول العربية بشأن القضية الفلسطينية" ضمن الوثائق الختامية الثلاثة التي انتهى إليها    المنتدى.. بيان عبّر عن "قلق الصين والدول العربية العميق إزاء الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع الذي طال أمده في قطاع غزة، مؤكدًا الإجماع على وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، وضمان الإغاثة الإنسانية، ومعارضة التهجير القسري ودعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وتسوية القضية على أساس "حلّ الدولتين". 
الرئيس قيس سعيّد جدّد في كلمته التأكيد على أن تونس التي ينشد شعبها العدل في الداخل ينشده أيضا على الصعيد العالمي، مُذكّرا بموقف تونس الثابت والراسخ المتعلق بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقه المسلوب في كل أرض فلسطين وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأشار سعيّد إلى أن المجتمع الانساني بدأ ينتفض في كل مكان ضد هذا العدوان وهذه الجرائم البشعة التي ترتكب كل يوم في حق شعب سُلب لا من أرضه فقط بل حتى من حقه في الحياة، داعيا المجتمع الدولي لأن يلحق بما ينادي به المجتمع الإنساني، الذي انطلق في التشكل كما لم يتشكّل من قبل.
وقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ مرة أخرى أن بلاده تدعم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، داعيا إلى وقف معاناة المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. كما أكد أن بيكين ستقدم مساعدات إضافية عاجلة بقيمة 3 ملايين دولار لوكالة "الأونروا" مضيفا ان الحرب لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، ولا يمكن للعدالة أن تظل غائبة للأبد. وأكد الرئيس الصيني  أن بلاده ستواصل تقديم الدعم بهدف تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية في غزة، فضلا عن دعم إعادة البناء بعد الحرب. كما جدّد دعمه لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، داعياً إلى عقد "مؤتمر سلام دولي أوسع نطاقاً وأكثر موثوقية وفعالية".
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المجتمع الدولي للتدخل لضمان عدم تهجير الفلسطينيين "قسرا" من قطاع غزة والعمل على النفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية للقطاع. وهو ما أكده أيضا الرئيس الإماراتي محمد بن زايد من خلال الدعوة أيضا إلى ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. كما شدد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على ضرورة تكثيف الجهود الديبلوماسية للاعتراف الدولي الكامل بفلسطين، ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة مع استعداد البحرين لاستضافة مؤتمر دولي للسلام حول دعم حقوق الفلسطينيين وقيام دولتهم الوطنية..
من العاصمة الصينية بيكين كان صوت القضية الفلسطينية عاليا وكانت معاناة الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة على رأس قائمة اهتمامات كبار المشاركين في المنتدى من الجانبين العربي والصيني. غير أن هذا الموقف العربي الصيني المشترك لن يكفي وحده ما لم يكن متبوعا بحرص حقيقي من المجموعة الدولية لوقف المأساة الإنسانية على أرض الواقع، وفي مقدمتها الدول الغربية والولايات المتحدة بوصفهما مساندا مباشرا وغير مباشر للكيان المحتل في ارتكاب مجازره المتواصلة منذ حوالي 8 أشهر.
كما يبقى أيضا في حاجة إلى "صفّ عربي" يكون أكثر تشددا وجديّة تجاه القضية ويدفع بكل الوسائل وبكل الطرق المتاحة نحو إدانة الكيان المحتل وإجباره على وقف حربه الوحشية والدفع من أجل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة في تقرير مصيره وفي إقامة دولته الوطنية. وعلى أهمية "بيان بيكين"، فإن الاكتفاء فقط بالبيانات المُندّدة وبالمواقف المناسباتية المشتركة لن يكون سوى تواصلا لبيانات ومواقف سابقة لم تنجح في كبح مجازر الآلة الحربية الوحشية داخل فلسطين المتواصلة منذ أكثر من 70 عاما..
فاضل الطياشي