مع الشروق.. السودان بين قبضتي حميدتي والبرهان
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/04/18
لليوم الثالث على التوالي، تقبع السودان وشعبها رهينة لصراع السلطة المحموم بين الجنرالين عبدالفتاح للبرهان قائد الجيش السوداني ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات "الدعم السريع".
كان واضحا منذ البداية أي منذ إسقاط نظام الرئيس عمر البشير سنة 2019 وبتآمر من نفس الأطراف المتصارعة الآن، أن الصدام بين البرهان وحميدتي لن تطول وأن البلاد لا تحتمل وجود رأسين لقوتين عسكريتين في البلاد.
فالجنرال البرهان والفريق حميدتي لهما تاريخ طويل مشترك، و تعود العلاقة بينهما إلى العام 2003، أثناء التمرّد في إقليم دارفور وقت حكم الرئيس السابق عمر البشير، حيث كان دقلو يرأس مجموعة مسلحة تسمى "الجنجويد" والتي تُحارب حركاتٍ مُسلحةً أخرى في الإقليم، بينما كان البرهان يُنسّق عمليات الجيش في دارفور.
لكن انطلاقا من 2013 حيث تم الإعلان رسميا عن تأسيس قوات "الدعم السريع"، صعد نجم تاجر الإبل والذهب (حميدتي) وأصبح يحظى بمكانة خاصة عند الرئيس عمر البشير حتى نال 2017 الاستقلالية في عمل قواته مما منحه قيادة جيش مواز للجيش النظامي.
بعد ذلك وفي خضم المظاهرات الحاشدة التي عرفتها السودان ضدّ نظام البشير في 2019، توحّدت أطماع الرجلين وتعاونا فعلا ونجحا في الإطاحة بالنظام، ليتواصل التنسيق بينهما لاحقا حيث أطاحا مجدّدا بحكومة حمدوك في انقلاب أكتوبر 2021.
منذ ذاك التاريخ ورغم سيطرتهم الفعلية على كل شيء والاقتراب من توقيع اتفاق سياسي مع القوى المدنية، إلا أن الأطماع الداخلية والتحالفات الخارجية فرّقت طريق الجنرالين ووضعتهما في معادلة "إما أنا أو أنت".
فداخليا وصل الرجلان الى مرحلة صدام لا يمكن تجنّبها وأصبح هاجسهما هو إزاحة أحدهم للآخر لقناعتهم بما أن البلاد لا يمكن تسييرها برأسين لذلك كانت مسألة دمج قوات الدعم السريع في المؤسسة العسكرية القطرة التي أفاضت الكأس.
اضافة الى ذلك يعتبر حميدتي أن البرهان انقلب عليه بإرجاع رموز النظام السابق من الاسلاميين الى وظائف عليا في الدولة في تحالف صريح بينهما ضدّه، ولذلك أعلن ندمه عن اسقاط حكومة حمدوك في 2021.
أما على المستوى الخارجي فالمعروف عن الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) أن له علاقات كبيرة مع روسيا ورحّب في زيارة لموسكو العام الماضي بإقامة قاعدة عسكرية روسية على أراضي بلاده.
في المقابل يحظى قائد مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني عبد الفتاح البرهان بدعم أمريكي واسرائيلي وقد توصّل فعلا الكيان الصهيوني والسودان، خلال زيارة غير مسبوقة لوزير خارجية صهيوني للخرطوم، إلى "اتّفاق" على العمل من أجل إبرام "معاهدة سلام".
وفي ظلّ التعارض الداخلي والخارجي الصارخ في طموح ومصالح حلفاء الطرفين، لا يبدو أن الحوار هو الحل، حيث يصرّ الطرفان على الذهاب نحو الحسم العسكري الذي كلّف لحد الآن 100 قتيل مدني.
كما يبدو أن السودان ستدفع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ثمنا باهظا لأطماع أصدقاء الأمس أعداء اليوم في صراعهما نحو الانقضاض على السلطة، والخوف الأكبر أن تنزلق البلاد في أتون حرب أهلية لا قدّر الله.
بدرالدّين السّيّاري
لليوم الثالث على التوالي، تقبع السودان وشعبها رهينة لصراع السلطة المحموم بين الجنرالين عبدالفتاح للبرهان قائد الجيش السوداني ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات "الدعم السريع".
كان واضحا منذ البداية أي منذ إسقاط نظام الرئيس عمر البشير سنة 2019 وبتآمر من نفس الأطراف المتصارعة الآن، أن الصدام بين البرهان وحميدتي لن تطول وأن البلاد لا تحتمل وجود رأسين لقوتين عسكريتين في البلاد.
فالجنرال البرهان والفريق حميدتي لهما تاريخ طويل مشترك، و تعود العلاقة بينهما إلى العام 2003، أثناء التمرّد في إقليم دارفور وقت حكم الرئيس السابق عمر البشير، حيث كان دقلو يرأس مجموعة مسلحة تسمى "الجنجويد" والتي تُحارب حركاتٍ مُسلحةً أخرى في الإقليم، بينما كان البرهان يُنسّق عمليات الجيش في دارفور.
لكن انطلاقا من 2013 حيث تم الإعلان رسميا عن تأسيس قوات "الدعم السريع"، صعد نجم تاجر الإبل والذهب (حميدتي) وأصبح يحظى بمكانة خاصة عند الرئيس عمر البشير حتى نال 2017 الاستقلالية في عمل قواته مما منحه قيادة جيش مواز للجيش النظامي.
بعد ذلك وفي خضم المظاهرات الحاشدة التي عرفتها السودان ضدّ نظام البشير في 2019، توحّدت أطماع الرجلين وتعاونا فعلا ونجحا في الإطاحة بالنظام، ليتواصل التنسيق بينهما لاحقا حيث أطاحا مجدّدا بحكومة حمدوك في انقلاب أكتوبر 2021.
منذ ذاك التاريخ ورغم سيطرتهم الفعلية على كل شيء والاقتراب من توقيع اتفاق سياسي مع القوى المدنية، إلا أن الأطماع الداخلية والتحالفات الخارجية فرّقت طريق الجنرالين ووضعتهما في معادلة "إما أنا أو أنت".
فداخليا وصل الرجلان الى مرحلة صدام لا يمكن تجنّبها وأصبح هاجسهما هو إزاحة أحدهم للآخر لقناعتهم بما أن البلاد لا يمكن تسييرها برأسين لذلك كانت مسألة دمج قوات الدعم السريع في المؤسسة العسكرية القطرة التي أفاضت الكأس.
اضافة الى ذلك يعتبر حميدتي أن البرهان انقلب عليه بإرجاع رموز النظام السابق من الاسلاميين الى وظائف عليا في الدولة في تحالف صريح بينهما ضدّه، ولذلك أعلن ندمه عن اسقاط حكومة حمدوك في 2021.
أما على المستوى الخارجي فالمعروف عن الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) أن له علاقات كبيرة مع روسيا ورحّب في زيارة لموسكو العام الماضي بإقامة قاعدة عسكرية روسية على أراضي بلاده.
في المقابل يحظى قائد مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني عبد الفتاح البرهان بدعم أمريكي واسرائيلي وقد توصّل فعلا الكيان الصهيوني والسودان، خلال زيارة غير مسبوقة لوزير خارجية صهيوني للخرطوم، إلى "اتّفاق" على العمل من أجل إبرام "معاهدة سلام".
وفي ظلّ التعارض الداخلي والخارجي الصارخ في طموح ومصالح حلفاء الطرفين، لا يبدو أن الحوار هو الحل، حيث يصرّ الطرفان على الذهاب نحو الحسم العسكري الذي كلّف لحد الآن 100 قتيل مدني.
كما يبدو أن السودان ستدفع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ثمنا باهظا لأطماع أصدقاء الأمس أعداء اليوم في صراعهما نحو الانقضاض على السلطة، والخوف الأكبر أن تنزلق البلاد في أتون حرب أهلية لا قدّر الله.
بدرالدّين السّيّاري
