مع الشروق.. سنة التسوية السياسية في ليبيا؟

مع الشروق.. سنة التسوية السياسية في ليبيا؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/01/10

بعد مخاض سياسي عسير طوال السنوات الماضية وآخرها الفشل في إجراء انتخابات رئاسية ديسمبر 2021، بدأت ليبيا ولو بحذر شديد تتلمّس خطاها نحو الاتفاق على مسار سياسي واضح يخرج البلاد من أزمتها عبر إجراء انتخابات عامة شفافة وديمقراطية.
وفيما يبدو أنه استسلام جماعي داخلي وإقليمي ودولي لاستحالة فوز طرف ما في الفوضى الدائرة في ليبيا منذ الاطاحة بنظام العقيد الراحل معمّر القذافي، أصبح المخرج الوحيد للجميع هو إرساء الاستقرار والسلام.
كان واضحا قبل عقد اللقاء الشهير بين رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس المجلس الاعلى للدولة خالد في المشري في القاهرة، أن هناك ضغطا إقليميا (مصري جزائري) وآخر دولي ( بريطاني امريكي ايطالي) لوضع حد للفوضى التي لا رابح منها.
وقد كان البيان الثلاثي ( الأمريكي البريطاني الإيطالي) الموحّد الذي دعا رئيس البرلمان عقيلة صالح و رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري للقاء تحت رعاية الأمم المتحدة من أجل الاتفاق بسرعة على القاعدة الدستورية، سبب لقاء القاهرة بين الرجلين الخصمين.
هذه الأطراف تحديدا المؤثرة في المشهد الليبي منذ 2011 بالإضافة الى تركيا والامارات وروسيا، بدا واضحا أنها ملّت الصراع الليبي وحان الوقت لترتيبه بما يراعي مصالح الجميع.
وقد حرّك فعلا اللقاء بين صالح والمشري في القاهرة الخميس الماضي، المياه الراكدة في العملية السياسية بعد الاعلان عن وضع خريطة طريق لاستكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية.
أتبعه المشري بعد ذلك بإعلان  أن القاعدة الدستورية التي كانت محلّ الخلاف الأصلي "شبه جاهزة" والإعلان عنها سيكون "قريبًا"، وهو زاد من نسب التفاؤل لدى الليبيين خاصة الذين ملّوا الفوضى والاقتتال.
هذه المؤشرات تبدو جيدة لحد الآن، لكن هناك عديد الأمور التي لانزال عالقة وقد تعيق وتعيد الامور الى نقطة الصفر وسيكون تجاوزها آخر عقبة في مسار بداية خروج ليبيا من أزمتها السياسية والأمنية.
وأول هذه الأمور هي ترشح مزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث لا يزال محلّ خلاف وتجاذبات في ظلّ رغبات إقليمية ودولية في إقصاء شخصيات بعينها على غرار قائد الجيش الليبي خليفة حفتر.
كذلك الأمر بالنسبة لابن العقيد  الراحل سيف الاسلام القذافي وإن كان في سياق آخر وهو إقصاء رموز نظام القذافي من العودة الى السلطة، وهو ما استبقه سيف الاسلام بدعوته الى السماح لجميع الليبيين بالترشح إلى الانتخابات الرئاسية وعدم إقصاء أي مترشح، من أجل إعادة البلاد إلى سكّة الانتخابات من جديد.
وثانيا هو مدى استجابة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة للاتفاقات الجديدة، حيث يرى المشري أنّ "الدبيبة سيُقاتل لمنع أي خطوة تؤدي بالليبيين إلى الانتخابات وسيصرف المليارات لأجلها".
يبقى السؤال الأهم  الآن هو هل ستتواصل هذه الرغبة الإقليمية والدولية وتأثيرها على الداخل في الذهاب الى الرمق الأخير في إحلال سلام حقيقي في ليبيا عبر تثبيت موعد انتخابات عامة قائمة على الشفافية وعلى عدم الاقصاء؟
 دون ذلك ستعود ليبيا دائما الى المربّع الاول، مربع الفوضى والانقسام والتناحر على السلطة وعربدة الميليشيات المسلّحة، وهنا ليست ليبيا الوحيدة المتضرّرة بل كل الأطراف وخاصة دول الجوار الليبي وأبرزهم تونس.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك