لا عدل إلا في العدالة ,ولا إستثناء من حالة الإستثناء: السيادية الجديدة بديلا عن "البلوتوقراطية"

لا عدل إلا في العدالة ,ولا إستثناء من حالة الإستثناء: السيادية الجديدة بديلا عن "البلوتوقراطية"

تاريخ النشر : 17:25 - 2021/11/05

عندما نتحدث عن العدل الاجتماعي أساسا فإننا نتحدث في نفس الوقت عن العدالة التوزيعية والعدالة التنموية والعدالة الاجتماعية والعدالة الجبائية . وهو ما يفترض حتما العدالة القانونية والقضائية. ولا إستثناء فعلا وحقا من حالة الاستثناء في كل أوجه ومجالات التصحيح والإصلاح والبناء وفي صلب روح العدل والعدالة وإنفاذ القانون وإنقاذ القانون حتى، ما اغتصب منه وما أعدم وما لم يوجد أصلا. 
نحن معنيون بكل جدية بما سمي ذات يوم "توسيع الكفاءة الديمقراطية" في مجلة الجماهير  (Multitudes, num 66)  وتحت عنوان (Élections, ceci n'est pas un programme.)  ويتعلق الأمر بتحديث وتحيين مبادئ السيادة ومبادئ العدالة والحرية والمساواة والكرامة والتعدد لمصلحة الغالبية الاجتماعية المعطلة عن الفعل في القرار الوطني والسياسي ومن خلال المواطنين ومراجعة العلاقات الاجتماعية بهدف بناء المستقبل المشترك الواحد لعموم الشعب وكل الوطن الواحد الموحد والمتحد. 
نحن معنيون أيضا بتحقيق الديمقراطية المشتركية المستدامة التي تمر عبر الديمقراطية القاعدية التداولية والتي تسهم بدورها في مزيد استكشاف حقيقة الحياة السياسية وحقيقة الضرورات المستوجبة لتحقيق ديمقراطية في مصلحة الشعب تقوم على تنظيم الدولة والمجتمع وتجسيد تطلعات عموم هذا الشعب في كيفية الحياة التي يريدها وضمن أفق حياة جديدة ومشروع عقد حياة جديد. فالحرية لا شيء تماما إذا لم تستطع ممارستها بسبب انعدام وجود قوانين عادلة ومتطورة والمساواة لا شيء إطلاقا إذا لم يكن المواطنون متساوين فعلا والسيادة لا شيء أصلا إذا لم يتمكن الشعب يوما من أن يأكل مما يزرع. 
إن المنوال الديموقراطي الحالي في حالة يرثى لها. ويمكن هنا مثلا مراجعة كوكبة من الأفكار لكوكبة من المفكرين جمعت في كتاب
(Démocratie, dans quel état, la fabrique, Paris. 2009). 
تهمنا جميعا مراجعة تقنيات الحكم وأنماط ممارسته وتحقيق السيادة الشعبية التي تميز ولا تنفصل عن علاقة الدستور بالحكم وهي الدليل الأوحد على وجود الديمقراطية من عدمها وعلاقة الحكومة بالشعب من عدمها وليست مجرد تقسيم للإرادة الشعبية بين السلطات وفصلا للشعب عن الحكم وبحيث يتم إرساء وحدة للسلطات داخل الدولة ويكون التوازن والتفريق أو التوزيع تفريقا لوظائف السلطة وليس تفكيكا للدولة ولا توظيفها للسلطة لغير مصلحة الوطن والشعب والدولة والمجتمع. وبالتالي فسادا شاملا ومدمرا تحت راية ديمقراطية السوق والمضاربة والسمسرة والبيع والشراء وبعيدا عن "الأوهام الاقتصادوية" وعن "الدجل المالي" بحسب عناوين كبرى لكتابات مهمة لعقول كبيرة وبحيث لا تتحول غالبية العقول الفذة ولا غالبية القادة السياسيين الافذاذ عبر تاريخ الإنسانية إلى مجرد شعبويين في عرف بعض المتهافتين الأخفاء وبحيث لا يتحول كل من لا يجد وصفة مناسبة ليصف بها نفسه إلى "ديمقراطي" في نخاسة الديمقراطيين المزعومين بينما هو خادم مطيع لأجهزة ولوبيات المافيوقراطية والبلوتوقراطية (نسبة إلى بلوتوس إله الثروة عند الإغريق) ولا نقصد الا اصحاب الثروات الفاسدة .. 
إن تنظيم الوجود الجماعي وإدارة موازين القوى داخل كل مجتمع وداخل كل دولة تستدعي الإنسان في حد ذاته، وأبعد من ذلك، تفترض احترام إنسانية الإنسان وابداع الحق والقانون والعاقلية والمعقولية، بل حكم العقل واللوغوقراطية المناسبة له وكل ذلك لا يقوم منذ فجر الديمقراطية الحديثة إلا بنقل السيادة إلى الشعب ضد كل العادات الديمقراطوية الكاذبة وهو ما فعلته بصيغة إجرامية منظومة "تعليق الثورة" بحيث لم تتأسس سلطة الشعب أبدا وليس هذا خطأ في صنع الديمقراطية أو في الفكر الديمقراطي وإنما إجرام موصوف في حق الديمقراطية عموما، إذ كلما غاب الشعب حلت محله الجريمة وامتنعت هذه الديمقراطية في آخر المطاف. 
نعم يمكن للديمقراطية أن تحل مشاكل السلطة ومشاكل الثروة إذا حولناها إلى ثقافة مجتمع وليس مجرد ديمقراطية رمزية لمجرد ديكور يدفع الفقراء ثمنه باهضا من دمهم وهذه خيانة ولا يمكن أن تسمى غير ذلك. أجل يجب أن يتغير كل شيء وعلينا أن نقيم الدليل على ذلك وهنا تتحمل القيادة الحالية للبلد وزر ذلك دون اهتمام بمن فقدوا مصالحهم ومناصبهم أو الذين يرتعبون من فقدان فرص علاقاتهم بالسلطة وأهواء النفوذ والارتزاق. فكل سلطة لا تخدم الشعب باطلة وقوة السلطة تكمن حصرا في كيفية تصريفها وكيفية إدارتها لمصلحة المحكومين لا لمصلحة الحكام وموضوع السلطة هو المصلحة العامة وليس مصلحة هذا وذاك والسؤال ليس من يأخذ السلطة وكيف يعود لهذه السلطة وإنما إنهاء توظيف هذا النوع من هذه السلطة وتحصين ممارستها وتأمين حجبها عن الفاسدين نهائيا ووضعها بين أيادي من لا مصلحة لهم فيها سوى مصلحة الشعب. وهكذا تكون الطريق إلى بناء سلطة جديدة هي نفسها طريق الاستقرار الاجتماعي وطريق الدولة المستقرة لا الدولة كمجرد مسألة تعبيرية وفي باطنها عصابة مجرمة وتابعة وبالطبع من أجل توازنات مستدامة في السلطة وفي الدولة. 
إننا مقبلون على رهان عظيم وليس سهلا بالمرة وهو تغيير علاقة الناس بأهدافهم من أجل أهداف نبيلة وعلاقة نبيلة وبأساليب نبيلة وهو ما يفترض تغييرا لعلاقة الشعب بالأحزاب وتغييرا لعلاقة الأحزاب بالشعب وهو شغلها الأهم في تقديرنا. ما يتطلب بكل وضوح تأسيسا جديدا ومؤسسين جدد على أنقاض فاشية الاستقطاب الثنائي وهو التقسيم الحقيقي وهو أخطر من أكاذيب التقسيم المزعومة وعلى أنقاض جماعة التعريفات المستعجلة والمنقولة والتوافقات واللوبيات والوجاهات من طرف نخبة المفهوم الشعبوي للنخبة والمفهوم الشعبوي للديمقراطية والمفهوم الشعبوي للشعبوية ذاتها على أساس انهم خصوم لما تذهب فيه رئاسة الدولة ومن معها وهؤلاء أغلبهم من جماعة التعريفات السطحية والايديولوجية التابعة والكولونيالية المشوهة لكل تجارب التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي والسيادة الوطنية والشعبية وحتى حروب التحرير الوطني وهم جماعة تدفيع ثمن حب غالبية الشعب لفكرة أو لشخص أو لمجموعة من الأشخاص وخاصة لمجموعة من القيم ومجموعة من المسارات الإصلاحية أحبوا أم جهلوا. 
وانه لمطروح علينا بحدة مجابهة هذه الشعبوية الأخرى السياسية والإعلامية أو هذه الشعبوية المغايرة الاكاديمياوية أو الثقافوية، ما يتطلب نظاما فكريا ونظاما انتخابيا ونظاما سياسيا مفرزا بحق وفارزا بحق أي مؤديا إلى نخبة وطنية سيادية ذات أهلية ومصداقية وكفاءة مخلصة ومقتدرة وتحت مراقبة هياكل المحاسبة ومؤديا إلى تغيير حقيقي للنظام الاقتصادي والاجتماعي المأمول.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03
إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22