2\4"آخر الموريسيكيات " رواية جديدة للكاتبة خديجة التومي

2\4"آخر الموريسيكيات " رواية جديدة للكاتبة خديجة التومي

تاريخ النشر : 20:33 - 2020/06/06

و هذا الرأي قد لا ينسحب على جميع القراء لأن الأذواق تختلف وأهداف القراءة تتغير من قارئ إلى آخر بل حتى لدى نفس الشخص ومن بحث إلى غيره. 
بعد تقديم بعض هذه العتبات التي لمست أهميتها أثناء مطالعتي لهذه الرواية سأحاول تقديم بعض الفقرات التي كانت صادمة أو معبرة في أحداث النص وأرى أنها قيدت تأويلي لمقاصده ، لذلك سأحاول اختيار الأبلغ منها علني بذلك أساهم في توضيح بعض ما علق في ذهني من أسئلة رغم انتهائي من مطالعة الرواية. 
فمنذ الفقرات الأولى من الرواية تبعث لنا الكاتبة ببعض المواقف والأحكام الاستفزازية والتي جعلتني أطرح على نفسي السؤال التالي: إلى أي المداخل تريد أن تقودنا الكاتبة؟ وأريد أن أوضح في هذا المجال أنني أعتبر أن الراوية هي المقصودة بالكاتبة والتي قد لا تكون بالضرورة خديجة التومي. 
فقد جاء في الفقرة الأخيرة من الصفحة العاشرة ما يلي : في ذاك الزمن البعيد، والكامن في الذاكرة مثل جلطة تاريخية لم تكن قرية منزل عبد الرحمان العالقة بخاصرة عروس الشمال بنزرت، على ما أصبحت عليه الآن، إن هي إلا غابات بكر، وبحر حالم ووحشة حين يحل الظلام٠٠وجاءوا فكانت الحياة، بدأ الحرث والغرس، وإصرار على شجر العوسج أسيجة شائكة تحجز كل مقتحم. (ص:10).
طبعا مثل هذه الجمل والتي جاءت على لسان إحدى الشخصيات قد لا تعبر بالضرورة على موقف الكاتبة ولكن اختيار سرد الأحداث من خلال هذه الزاوية يحمل في طياته حكما مسبقا على السكان الأصليين لهذه الربوع. فهل كان السكان همجا و كسالى وغير فاعلين في أراضيهم حتى قدمت عليهم المجموعات التي أطردت من الأندلس لتعلمهم الزراعة؟ ألم تكن نفس هذه الربوع مطمور روما ؟ 
طبعا أشير في هذا المجال إلى أنني لا أحمّل الكاتبة تبني هذا التمشي ولكن اختيار هذه القراءة للتاريخ يدفع الكثيرين ممن لا يوافقون هذا الرأي ولا يتبنون هذه الشخصيات الراوية للأحداث وبذلك يحصل هذا الشرخ بين القارئ والنص المكتوب والذي قد يؤثر على التفاعل الإيجابي مع الأحداث. 
وأشير في هذا المجال إلى أنني لا أناقش الكاتبة في اختياراتها السردية لكنني أحاول قدر المستطاع وصف شعوري كقارئ لهذا النص الروائي الحامل لعنوان"آخر الموريسيكيات ،، لأنني وأنا أطالع هذه الفقرة من الرواية وجدتني أتساءل مباشرة هل يجب علي التنصل من قراءاتي وثقافتي المعتمدة على السؤال والتسليم بزاوية النظر التي اختارتها الأحداث وتدفعني إلى قبول هذه القراءة المشبوهة للأحداث التاريخية والتي شعرت أنها أقحمت بناءا على تدخلات فوقية وربما تكون من الكاتبة لأن الشخصية الساردة ورغم اعتزازها بانتماءاتها الأندلسية إلا أننا لم نشعر أبدا أنها كانت تنكر على أهل البلد الأصليين قيمة العمل وإلا لما اختاروا الاستيطان بتلك الربوع دون غيرها من الأماكن. 
وحتى أوضح أن رفضي لهذا التمشي الذي أرادت الكاتبة دفعنا نحوه لم ينتج فقط بسبب اختلافي مع هذه القراءة للتاريخ ولكن لأن الأحداث أرادت أن تقدم لنا تبريرات لهذه القراءة التاريخية ولا أقول السردية للرواية. 
فقد جاء وفي نفس الصفحة من الرواية ما يلي:… هم أحفاد أولئك الموريسكيين المسلوبين المطاردين والمطرودين ، الملقون في قوارب الموت المثقوبة بتدبير من ملك قشتالة وقساوسة الكنيسة يحملون معهم نكبتهم وفسائل البرتقال والزيتون والعوسج… يعلمون أنهم اقتلعوا من أرض لن يعودوا إليها فيباشرون - وهم في عز اللوعة- التفكير في تربة أخرى جديرة بشجيراته وحبهم … ( ص 10 ). 
إذا اختارت الكاتبة ولا أقول السارد للموريسكيين أن يكونوا رسل بذل وعطاء وحاملي فسائل البرتقال والزيتون والعوسج وهو موقف شعرت أنه مسقط في الرواية وكان يحتاج إلى أكثر من دليل ودعم داخل أحداث النص وهو ما لم أتلمسه كقارئ لأنني اخترت منذ البدء تلبس شخصية الساكن الأصلي لهذه الربوع والتي أحسنت وفادة واحتواء هؤلاء المطرودين لذلك لم أقبل فكرة أن يصبحوا بعد ذلك صانعي الحضارة في ربوعنا. 
ورفضي لهذا التمشي في صياغة الأحداث ناتج في حقيقة الأمر إلى تعدد هذه الكتابات التي تعلي من دور هؤلاء المطرودين وتحط وتحقر من أبناء البلد الأصليين وكأننا أدركنا الحضارة بوصولهم بيننا.
ومثل هذه الملاحظة لم تكن لتخطر ببالي لو لا بث عدة مواقف من الأحداث التاريخية كانت مدسوسة في الرواية والتي كانت تدفع كلها إلى إعمال الفكر والرأي النقدي في قبول القراءات التاريخية وسأحاول تقديم بعض الأمثلة على ذلك. 
وفي هذا السياق نقرأ مثلا: 
… اقرؤوا التاريخ تفهموا واقعكم وانفتحوا عن الآخر تستبطنوا أنفسكم … (ص 38)
فأحداث الرواية تدفعنا إلى قراءة التاريخ نقديا وهو الاختيار الذي حاولت دفعنا نحوه ، لذلك شعرت كقارئ ببعض النشاز حين يتم إسقاط بعض الأحكام الجاهزة والتي لا تكون غالبا محل إجماع بل هي قابلة للنقاش من ذلك مثلا نسبة الازدهار الزراعي في منزل عبد الرحمان مثلا إلى الموريسكيين. 
كما نقرأ لاحقا وفي نفس تمشي محاولة دفع القارئ إلى إعمال الفكر في قراءة الأخبار التاريخية ما يلي :
( … وهذه المخطوطات، وهذه الفسائل، وهذا الماضي في كل ما نملك أين نلقي به؟ أين؟ وهؤلاء العجائز المرضى وأكبادنا الصغار أنلقي بهم للموج؟
وذهبت حيرتهم أدراج الزبد.  ص 58). 
فأحداث النص تدفعنا إلى البحث عن قراءات جديدة للأحداث المروية إلا أن بعض الأحكام الجاهزة هربت من سلطة الكاتبة دون شعور منها رغم جنوح النص السردي إلى عكس هذه الأحكام الجاهزة. ونقرأ من ذلك مثلا: 
(… لا بد من نفض غبار النسيان عن دفاتر محاكم التفتيش القابعة في الكنائس والكاتدرائيات … ص 164). 
ورغم شعوري أن مثل هذه الطلبات لم تكن مبررة لتصدر على لسان إحدى الشخصيات( شخصية ألمع في هذه الحالة ) فإن التمشي العام لأحداث الرواية كانت كلها تدفع إلى اتباع الأحداث من أجل البحث عن أجوبة مختلفة للأحكام المسبقة حول الموريسكيين. 
وفي تدخل آخر من الكاتبة والتي حاولت أن تعطينا تبريرا لسبب طردهم نجدها تسرد علينا مثلا قراءة هي أقرب إلى الأيديولوجيا منها إلى الأحداث التاريخية فتقول :
(… كان لنا أرض، وفي بلاد الأندلس صولات في العلوم والفلسفة والفن والعمارة، كان لنا ملك لم نحافظ عليه فبكيناه كالثكالى … ص 193) 
يتبع 
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03
إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22