مع الشروق .. حسابات ماكرون الخاطئة !

مع الشروق .. حسابات ماكرون الخاطئة !

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/09/30

يبدو أن التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حول تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية واتهام مدينة صفاقس العريقة بأنها منبع المهاجرين غير الشرعيين فيها كثير من التجني على بلادنا ، فهذا الأخير أراد تصوير عاصمة الجنوب على أنها مدينة خارجة عن سيطرة الدولة وتنطلق منها جحافل منظمة من المهاجرين الأفارقة نحو الضفة الشمالية للمتوسط  ، وهو ما يشكل خطرا على بلاده والقارة الأوروبية عموما وفق اعتقاده .
هذه الصورة التي رسمها الرئيس الفرنسي لتونس ومدينة صفاقس تحديدا تبدو بعيدة كل البعد عن الواقع ، فمدينة صفاقس تحارب من جهتها  هذه الظاهرة  وهي الضحية الرئيسية لجحافل المهاجرين القادمين من الدول جنوب الصحراء وهي بصدد دفع  فاتورة باهظة لهذه الفوضى .
 كما ان الواقع ينسف كل تأويلات الرئيس الفرنسي الذي شبّه بلادنا بالدولة غير القادرة على تأمين حدودها لكن في حقيقة الأمر فإن أجهزتنا العسكرية والامنية تقوم بواجباتها بكل ما أوتيت من قوة والدليل على ذلك هو إحباط عشرات الرحلات غير الشرعية خلال الآونة الاخيرة بعد تنفيذ عمليات واسعة للتصدي للمهاجرين الأفارقة .
كل هذه المجهودات والتدابير الأمنية التونسية يبدو أنها لم تأخذ بعين الاعتبار من قبل ساكن الاليزيه الذي علّق فشل بلاده والاتحاد الأوروبي في التعامل مع أزمة المهاجرين باتهام صفاقس بأنها منبع لقوارب الموت راسما مشهدا يوحي بأن هناك جهات تشرف على إرسال المهاجرين الى الضفة الاخرى للمتوسط والحال أن بلادنا هي الضحية الرئيسية للسياسات الاستعمارية الغربية في القارة السمراء طوال العقود الماضية .
وبناء على كل هذا فان الرئيس الفرنسي مطالب بتشخيص شامل لملف الهجرة غير الشرعية عوض تجزئة هذا الملف وتوريط بلادنا وتحميلها مسؤولية لم تقترفها بل هي ضحيتها ، وكان الأجدر بالرئيس الفرنسي معاضدة المجهودات الدبلوماسية التونسية الرامية الى بلورة حل شامل لهذه المعضلة الدولية عوض اطلاق تصريحات استعراضية لتشويه تاريخ وعراقة مدينة صفاقس لكسب تأييد اليمين الفرنسي المتطرف .
فتونس كانت صريحة وسبّاقة في الدعوة إلى إيجاد حل تشاركي بين الدول المعنية بملف المهاجرين يقوم على فلسفة جديدة تتضمن تصوّرات جدية لحل الازمة وترتكز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية اضافة الى الامنية والوقائية وهي رؤية رفضتها باريس في بداية المطاف قبل ان يسارع الرئيس الفرنسي خلال الايام الماضية الى دعم الاتفاق التونسي الايطالي الذي عارضه في السابق .
فحلّ أزمة المهاجرين لا يقتصر على تونس وايطاليا فقط بل يشمل كل الدول المتشابكة في هذا الملف شرط ان تتوصل كل الدول الاعضاء الى خارطة طريق عادلة ومرضية لجميع الأطراف. وفي المحصلة لا بد من الاشارة الى ان فرنسا هي من تتحمل المسؤولية كاملة لأزمة المهاجرين بسبب سياستها الاستعمارية في القارة الأفريقية وهو ما دفع بأبناء هذه القارة المنهوبة الى الهروب في قوارب الموت الى الجنة الموعودة رغم خطورة هذه الخطوة الانتحارية.
ناجح بن جدو  

تعليقات الفيسبوك