مع الشروق : جنون نتنياهو... وتواطؤ ترامب

مع الشروق : جنون نتنياهو... وتواطؤ ترامب

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/09/10

جنون الكيان الصهيوني بلا حدود. وجموح نتنياهو لا يتوقف. وهو يمضي نحو اتمام «رسالته الالهية» في انجاز «إسرائيل الكبرى» وفي تغيير وجه الشرق الأوسط ورسم خارطة جديدة للمنطقة... خارطة تكون  على مقاس أطماعه التوسعية، وعلى مقاس أطماع حليفته الولايات المتحدة الأمريكية في رؤية «شرق أوسط جديد» يرتسم على أرض الواقع.. لذلك فإن نتنياهو لا ينفذ في الواقع إلا ما تفكر به الادارة الأمريكية.. ولا يصرّح على الملإ إلا بما تهمس به الادارة الأمريكية.. فهل نتعجب بعد هذا من اقدام نتنياهو على خطوة متهورة في حجم مبادرته إلى استهداف قيادات «حماس» على أرض دولة مستقلة ذات سيادة وحليفة للولايات المتحدة؟ وهل بقي مجال لعدم فهم وإدراك تبادل الأدوار الذي يجري بين أصل الشر (أمريكا) وذراع (الكيان الصهيوني)؟ وهل يمكن أن يصدق ساذج بأن إدارة ترامب لم تعلم بتنفيذ العدوان الغادر على الأراضي القطرية ولم تعلم باستهداف قيادة حركة عرض عليها ترامب مبادرة لإنهاء الحرب في غزة وتعقد اجتماعا لدراسة العرض الأمريكي واعداد ردّ نهائي عليه؟
للتعاطي مع هذه الأسئلة سوف ننطلق من تعقيب نتنياهو على العدوان حين أكد أنه جاء بمبادرة خالصة منه وفي استقلالية تامة وأنه يتحمّل وحده مسؤولية الهجوم. وهو تعقيب من طراز «كاد المريد أن يقول خذوني» (أو أنه قال خذوني) على قول المثل العربي الشهير. فهو بتعقيبه هذا إنما أراد أن ينأى بحليفه ترامب عن التورط في عدوان على دولة صديقة بل حليفة لأمريكا وتحتضن كبرى قواعدها العسكرية في العالم ولهف منها ترامب قبل أسابيع أزيد من تريلون دولار لقاء توفير الحماية لهذه الامارة.. فإذا بها تتعرض لعدوان مباشر من أوثق حلفاء ترامب إن لم نقل من الذراع العسكرية الأمريكية الباطشة في قلب الشرق الأوسط.
فإن كان ترامب قد علم بأمر العدوان ولم يرفع في وجهه البطاقة الحمراء فإنه شريك في العدوان على أحد أوثق حلفاء أمريكا في المنطقة ـ وان كان لم يعلم ـ وهذا مستبعد حد الاستحالة ـ فإن الأمر يشي بتقاسم مريب للأدوار يوفر لنتنياهو هامش تنفيذ مثل هذا العدوان دون الرجوع مسبقا إلى الحليف الأمريكي.. طالما أن نتائج العدوان ستقع في سلال البلدين وطالما أن نتنياهو يتحرّك في إطار ما ترسمه الادارة الأمريكية من حدود ومن خطط ومن استراتيجيات للمنطقة برمّتها. وفي الفرضيتين ـ سواء علمت ادارة ترامب أم لم تعلم بالعدوان فإن ذلك لا يعفيها من المسؤولية.. أولا لأن الأمر يتعلق بدولة حليفة للولايات المتحدة الأمريكية..وثانيا لأنها تقع تحت حماية أمريكا لقاء تريليونات الدولارات التي تلهفها لقاء هذه المهمة فإذا هي تقبض أموال قطر بيد وتطلق عليها جنون نتنياهو باليد الأخرى.
إضافة إلى هذا فإن هذه التساؤلات تلد سؤالا آخر جوهريا مفاده: هل أطلق ترامب مبادرته لتكون بمثابة الطعم الذي سيجتمع قادة ـ حماس ـ لدراسته فيوفر بذلك فرصة لحليفه نتنياهو «باصطيادهم» دفعة واحدة وبذلك تطوى صفحة العدوان على غزة لغياب طرف مقابل يجري التفاوض معه ويجري إبرام التفاهمات معه؟ وهل كان الهدف من وراء «مبادرة ترامب» هو دفع قيادات حماس في الخارج إلى مصيدة نتنياهو؟ لا شيء يمنع من طرح السؤال.. طالما أن الأمور قد جرت بهذا الشكل.. لأن نتنياهو ومخابرات الكيان ومخابرات أمريكا كانا يعلمان أن قيادات حماس سوف تلتقي لدراسة المبادرة وهي  فرصة ملائمة للقضاء عليها فتدفن القضية ـ قضية غزة ـ إلى الأبد لغياب قيادتها السياسية التي تفاوض نيابة عنها وتبرم التفاهمات والتوافقات باسمها.. وإلا كيف يقبل عاقل أن اسرائيل تقدم على محاولة تصفية قيادة حركة سياسية تجتمع لتدرس وتعلن موقفا من مبادرة طرحها الرئيس ترامب؟ وكيف يقبل عاقل بأن مبادرة ترامب لم تكن فخّا نصب لقيادات حماس حتى تعمّ الفوضى بعد تصفيتهم ولا يبقى أمام أهالي غزة إلا الرضوخ والقبول بالتهجير حتى يتسنى انجاز «ريفييرا» ترامب وصهره جاريد كوشنير؟ انها أسئلة ستبقى مطروحة على إدارة ترامب وهي أسئلة في ثوب اتهامات على الادارة الأمريكية اثبات براءتها منها بالحجج والبراهين.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك