مع الشروق : نذر الانفجار الداخلي قائمة

مع الشروق : نذر الانفجار الداخلي قائمة

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/08/07

مهما كانت مخططات نتنياهو الإجرامية إزاءها، فإن غزة ستشكّل الفخ الذي لن يقدر على النجاة منه، وما تلويحه بخطة احتلالها إلا محاولة يائسة بائسة للتغطية على فشله منذ طوفان الأقصى وللهروب إلى الأمام بعد أن حوّل إسرائيل إلى كيان منبوذ في العالم، وأسقط عنه كل تلك السرديات الكاذبة الموهومة التي كان يروّجها في العواصم الغربية، ويزيّف بها وعي الشعوب التي انتفضت منددة بجرائم الإبادة الجماعية التي يمارسها الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني.
فخطة احتلال غزة التي يهدد بها نتنياهو تقرّبه أكثر من إنهاء مستقبله السياسي بفشل آخر يكرّس فشله السابق، خاصة في ظل التوترات الداخلية المتصاعدة ومعارضة المؤسسة العسكرية وعلى رأسها قائد الأركان من هذه الخطوة، في خلاف عميق يهدّد بإشعال فتيل انفجار داخلي قد يغيّر وجه الكيان الغاصب من الداخل.
فالتقارير الصهيونية تشير إلى إصرار نتنياهو على هذه الخطة الإجرامية القائمة على احتلال كامل لقطاع غزة مدعوما بحكومته اليمينية المتطرفة، من خلال السيطرة العسكرية الكاملة على القطاع لإنهاء المقاومة واسترجاع الأسرى، في وهم كاذب لا يتجاوز كونه وسيلة أخرى لإدامة تواجده في السلطة والتفصّي من المحاكمات التي تواجهه في ظل الضغوط الداخلية والخارجية.
وفي المقابل، يبرز موقف قائد الأركان الصهيوني إيال زامير الذي يعارض بشدة خطة نتنياهو لاحتلال غزة ويرى في الاحتلال الكامل للقطاع فخا للكيان الغاصب وسيكلّفها ثمنا باهظا عسكريا واقتصاديا وبشريا ويدفع نحو تطويقها والسيطرة على حدودها، وهو ما لا يدخل في خانة اختلاف وجهات النظر لاشتراكهما في الإجرام غير المسبوق، بقدر ما يعكس خلافا استراتيجيا عميقا يهدد بانفجار داخلي للكيان المحتل.
فهذا الخلاف العميق بين القيادة السياسية والعسكرية مؤشر على انقسام داخلي كبير يضرب الكيان الصهيوني، فنجل نتنياهو "يائير" اتّهم قائد الأركان بقيادة تمرّد عسكري وهو ما يعكس حجم الخلافات داخل الدوائر العليا الصهيونية، فحرب الإبادة الجماعية على غزة وما رافقها من خسائر بشرية واقتصادية وإسقاط كل السرديات الكاذبة التي سعت إسرائيل لترويجها، كشفت عن شرخ عميق في المجتمع الصهيوني زادته حدّة مسألة الأسرى الذين تحتجزهم المقاومة الفلسطينية كورقة ضغط ومفاوضة تقرّب نتنياهو من نهايته السياسية.
فمن الثابت أن استمرار هذه الخلافات العميقة بين القيادة السياسية والعسكرية، بالإضافة إلى الانقسامات داخل الحكومة والمجتمع الصهيوني سيؤدي إلى انفجار داخلي في الكيان المحتل، فالتاريخ يثبت أن الخلافات الكبرى بين المستويات السياسية والعسكرية عادة ما يكون لها تداعيات خطيرة على استقرار الدول، وما يحدث في إسرائيل ليس سوى تكرار كامل المعالم لهذا التمشي وقد نشهد في قادم الأيام استقالات في صفوف القيادات العسكرية وحتى أزمة دستورية تزيد من تفجير الوضع.
ولا شكّ أن ما يحدث بين نتنياهو وقائد الأركان ليس مجرد تفاصيل عسكرية وسياسية، بقدر ما هي انعكاس لأزمة عميقة تضرب الكيان الصهيوني من الداخل وتتغذى من الانقسامات الداخلية والخسائر المتزايدة التي يتكبدها في غزة وقد تدفع الأمور بشكل كبير نحو انفجار داخلي منتظر تبدو نذره قائمة.
هاشم بوعزيز

تعليقات الفيسبوك