مع الشروق .. المؤسّسات العمومية «المفلسة» عبء يستنزف المال العام

مع الشروق .. المؤسّسات العمومية «المفلسة» عبء يستنزف المال العام

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/04

لا يمكن تحسين وضعية المالية العمومية ووضع حد لإهدار المال العام والمحافظة على توازنات الميزانية دون إيجاد حلول جذرية لملف المؤسسات العمومية المُفلسة أو التي تمر بصعوبات. ولا يمكن تحقيق نمو اقتصادي واستقرار اجتماعي بمؤسسات عمومية تستنزف المال العام ولا تحقق اية إضافة مالية او تنموية او اجتماعية للبلاد وبدل ان تكون ذراعا مالية واقتصادية للدولة أصبحت عبئا ثقيل الحمل.
من غير المعقول ان يقع سنويا ضخ تمويلات واعتمادات كبرى من أموال دافعي الضرائب لهذه المؤسسات حتى تقدر على الإيفاء بتعهداتها المالية. ومن غير المقبول ان يتحمل دافع الضرائب تكاليف الأجور والامتيازات العالية ونفقات السيارات الادارية والبنزين والمنح وغيرها داخل هذه المؤسسات وفي المقابل لا يرى  أية جهود ومبادرات من مسؤوليها والعاملين فيها لتطويرها وانقاذها من الافلاس ومن الصعوبات المختلفة.  
ورغم تأكيد رئيس الدولة أكثر من مرة على ضرورة المحافظة على المؤسسات العمومية وعدم التفويت فيها للخواص والعمل على إصلاحها وحمايتها، إلا أن عديد المؤشرات باتت تؤكد صعوبة تحقيق هذه الغاية في ظل ما أصبح يمر به أغلبها من صعوبات مالية.. وهو ما يفسر مبادرته الاخيرة الداعية الى إعادة هيكلة عديد المؤسّسات التي تستنزف أموال المجموعة الوطنية واستنباط حلول جذرية لها ولكل القطاعات.
ورغم ما حققته في السنوات الاخيرة بعض الشركات والمؤسسات العمومية من نجاحات في مجالها ومحافظتها على توازناتها المالية وتحقيق أرباح لفائدة ميزانية الدولة إلا أن البعض الآخر عجز عن تحقيق ذلك. فعديد المؤسسات أصبحت اليوم غير قادرة على تقديم الخدمات المرجوة وعلى تحقيق أرباح تجارية او على الاقل المحافظة على توازناتها المالية في وضعية مريحة تجعلها لا تحتاج لطلب تمويلات إضافية من الدولة.
وقد تردد طيلة السنوات الماضية وجود بوادر إصلاح داخل هذه المؤسسات وقرب موعد استرجاع دورها الاقتصادي والتنموي. غير ان ذلك لم يتحقق إلى حد الآن بل ان بعضها ان لم نقل أغلبها دخل مرحلة جديدة من الصعوبات المالية والعجز عن مزاولة النشاط فضلا عما أصبح يتسبب فيه ذلك من حالة احتقان اجتماعي داخلها نتيجة العجز أحيانا عن خلاص الأجور والديون. وكل هذه المؤشرات تؤكد ضرورة التعجيل بالإصلاح الذي دعا اليه رئيس الدولة.
صحيح ان المؤسسات العمومية تُعد ثروة وطنية تستوجب الحماية والإصلاح والإنقاذ إلا أن هذه المهمة أصبحت تبدو اليوم أكبر من قدرات الدولة بالنظر إلى حاجة هذه المؤسسات لاعتمادات مالية كبرى قصد انقاذها وإصلاحها. كما تحتاج أيضا الى برامج حوكمة جديدة تقطع مع ما كان سائدا داخل بعضها من مظاهر فساد وسوء تصرف وحوكمة ضعيفة..
وبما ان الدولة لم تعد قادرة على ضخ تمويلات إضافية لهذه المؤسسات، بالنظر الى ما تواجهه الميزانية بدورها من صعوبات، فإنه لا مفر من التفكير في خطة أخرى لانقاذها وإصلاحها دون أن يكلف ذلك الدولة اعباء مالية إضافية. فالوضع داخل هذه المؤسسات اصبح مرشحا لمزيد التفاقم نحو الأسوإ ما لم تهتد الدولة إلى حلول مثلى لإصلاحها وانقاذها إما عبر تغيير الحوكمة والقطع مع كل مظاهر سوء التصرف وشبهات الفساد داخلها او تشريك القطاع الخاص في انقاذها مع توفير كل الضمانات القانونية والاجتماعية لذلك.
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك