مع تراكم ممهدات الانفجار الداخلي في أمريكا وأوروبا: مركزية العالـم عائدة إلى الشرق
تاريخ النشر : 13:04 - 2025/12/19
يعبّر مزيج الغموض والتوتر الذي يخيم على العلاقات الدولية عن ذروة التصادم بين عالم قديم ينتظر من يعلن وفاته وعالم جديد يختلف جذريا عن منظومة 1946 المجسّدة لتوافق المنتصرين في الحرب العالمية الثانية.
واستنادا لنظرية تعاقب الحضارات يمثل السقوط الأخلاقي لحلف شمال الأطلسي «ناتو» مقدمة لانهيار شامل تتراكم مؤشراته بشكل سريع في خضم تفاقم الأزمات الداخلية التي تعبّر عن تصادم حتمي بين الشعوب التي اكتشفت لتوّها أنها ترزح تحت «استبداد الفساد» وأنظمة حاكمة تقوم على منطق الغنيمة ولم يعد باستطاتها سرقة ثروات شعوب الجنوب وبالتالي لم يعد بمقدورها أن تحقق المعادلة بين إشباع آلة الفساد الممسكة بالسلطة وتوفير حد أدنى من الرفاه للشعوب وهو ما تعبّر عنه بوضوح سياسة التقشف التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتتسبب في مزيد تفقير الطبقات الضعيفة ومتوسطة الدخل وسياسة الافراط في الضرائب Sur taxation التي تنتهجها الحكومات الأوروبية وباتت تهدد بانفجارات اجتماعية مدوّية.
كما فقدت القوى الأطلسية تفوّقها الاقتصادي القائم بالأساس على احتكار التكنولوجيا المتطورة في ثلاثة محاور أساسية هي الصناعة العسكرية والصناعات الميكانيكية وتصنيع الأدوية والتلاقيح وذلك بسبب التقدم التكنولوجي المذهل الذي أحرزه محور الشرق ولا سيما روسيا والصين التي أصبحت تتربّع أيضا على عرش الذكاء الصناعي.
وفي خضم هذه المعادلة تتزايد جاذبية العالم الجديد فيما أصبح واعز الخوف من فقدان «الهيمنة في الخارج للتمعش من الفساد في الداخل» المحدّد الرئيسي لسياسات الدول الأطلسية التي أصبحت تتأرجح بين خيار الهروب إلى الأمام وخيار «التطبيع» مع العالم الجديد وهو ما أدى في مرحلة أولى إلى كسر وحدة حلف شمال الأطلسي الذي بدأت ملامحه الأولى عندما تركت الولايات المتحدة لوحدها في مواجهة القوات اليمنية في البحر الأحمر وترسّخت أكثر بهذا الصراع الأطلسي المحتدم حول المشكلة الأكرانية التي ساهمت أيضا في تعرية التناقضات داخل القارة العجوز التي ستؤدي حتما إلى تفكك الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى تغلب المقاربات الأحادية بين الدول التي تريد تفادي التصادم مع العالم الجديد والدول التي ستذهب إلى النهاية في مقاربة الهروب إلى الأمام علما أن الذهاب في هذا الاتجاه أو ذاك يحدده بالأساس مدى قدرة كل دولة على التحرّر من الوصاية الصهيوأمريكية التي تراكمت على امتداد ثمانية عقود من الزمن منذ مشروع وزير المالية الأمريكي الأسبق جورج مارشال لإعادة بناء أوروبا بعد دمار الحرب العالمية الثانية وهو ما يفسّر إلى حد ما صعوبة المخاض الراهن في القارة العجوز التي باتت تواجه بالفعل خطر الخروج من المعادلة الدولية.
ومن جهتها تعيش الولايات المتحدة حالة اختناق بسبب تضاؤل إمكانيات ممارسة نظرية «الاقتصاد هو الحرب» عبر افتعال الأعداء في الخارج وتتعرّى من ثمة طبيعة النظام الأمريكي باعتباره مجرّد أداة استخدمها اللوبي الصهيوني بشكل مفرط في نطاق مراكمة متطلبات الهيمنة على البشرية بأسرها عبر ما يعرف بمشروع الصهيونية العالمية.
وعندما تضعف احتمالات تصدير الأزمة الداخلية إلى الخارج تتفاقم حتما مظاهر التدافع وتتفكك سردية «الأرض والذهب» التي كانت أداة جذب للبروليتاريا الأوروبية وتتواتر من ثمة مؤشرات حرب أهلية صامتة بين أغلبية الشعب التي اكتشفت أن «الأقلية اليهودية» انتزعت منها الحق في العيش الكريم وبين هذه الأقلية التي تستخدم منظومة الحكم الصورية للدفاع عن ثرواتها ونفوذها السياسي وهو ما يفسّر تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أكثر من مناسبة بإنزال قوات الجيش والحرس الوطني لأنه يعبّر عن هواجس اللوبي الصهيوني الذي تحوّل من أداة استقواء سياسي إلى كنية مشينة تماما مثلما كانت صفة «شيوعي» بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويمكن اعتبار وثائق «جيفري ايستين» القطرة التي أفاضت الكأس حيث تظهر بكل وضوح مدى تفشي الفساد الأخلاقي والمالي في الإدارة الأمريكية التي يتحكم فيها مجرّد عميل في الموساد الاسرائيلي وبالتالي تتراكم مؤشرات انهيار النظام الأمريكي في ظل التلاقي بين السقوط الأخلاقي وتوسّع رقعة الحرمان والتهميش بسبب تراجع مساحات ممارسة الهيمنة في الخارج.
وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار ورقة تهديد النظام الدولي التي يستخدمها الرئيس الأمريكي في نطاق حرب الدفاع عن الوجود التي تخوضها الحركة الصهيونية ورقة محروقة في خضم التراكم السريع لمؤشرات الانفجار الداخلي في الولايات المتحدة كنتيجة حتمية لتلاقي مسارين اثنين أولهما تكشف طبيعة النظام الاقطاعي المتوحّش والفاسد داخليا وثانيهما انتفاء احتمالات تصدير الأزمة الداخلية إلى الخارج في خضم تصاعد تأثير القوى المتزعمة للعالم الجديد التي تستفيد من تفوقها العسكري والتكنولوجي والمالي واحتقان شعوب الجنوب التي خلفته عقود من الإرهاب الأمريكي والاستغلال الأوروبي الفاحش.
وبالمحصّلة تؤكد التطوّرات المتسارعة في سائر أنحاء العالم أن النظام الدولي الراهن المنبثق عن توافق المنتصرين في الحرب العالمية الثانية أصبح جزءا من الماضي وأن البشرية ستتجه قريبا إلى صياغة نظام دولي جديد مباشرة بعد انتهاء ارتدادات الانفجارات الداخلية في أوروبا والولايات المتحدة.
كما يرجّح أن يكون مشروع «الحوكمة العالمية» ذي البنود الأربعة الذي طرحه الرئيس الصيني في الآونة الأخيرة الإطار الذي سيحدد مضامين وأدوات النظام العالمي الجديد الذي سيكون بكل المقاييس إعلانا عن انتصار الحضارة على الهمجية وعودة مركزية العالم إلى الشرق تتويجا لمراحل متعاقبة من النضال الإنساني ضد الغطرسة والاستعباد الذي بلغ مداه بالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني.
يعبّر مزيج الغموض والتوتر الذي يخيم على العلاقات الدولية عن ذروة التصادم بين عالم قديم ينتظر من يعلن وفاته وعالم جديد يختلف جذريا عن منظومة 1946 المجسّدة لتوافق المنتصرين في الحرب العالمية الثانية.
واستنادا لنظرية تعاقب الحضارات يمثل السقوط الأخلاقي لحلف شمال الأطلسي «ناتو» مقدمة لانهيار شامل تتراكم مؤشراته بشكل سريع في خضم تفاقم الأزمات الداخلية التي تعبّر عن تصادم حتمي بين الشعوب التي اكتشفت لتوّها أنها ترزح تحت «استبداد الفساد» وأنظمة حاكمة تقوم على منطق الغنيمة ولم يعد باستطاتها سرقة ثروات شعوب الجنوب وبالتالي لم يعد بمقدورها أن تحقق المعادلة بين إشباع آلة الفساد الممسكة بالسلطة وتوفير حد أدنى من الرفاه للشعوب وهو ما تعبّر عنه بوضوح سياسة التقشف التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتتسبب في مزيد تفقير الطبقات الضعيفة ومتوسطة الدخل وسياسة الافراط في الضرائب Sur taxation التي تنتهجها الحكومات الأوروبية وباتت تهدد بانفجارات اجتماعية مدوّية.
كما فقدت القوى الأطلسية تفوّقها الاقتصادي القائم بالأساس على احتكار التكنولوجيا المتطورة في ثلاثة محاور أساسية هي الصناعة العسكرية والصناعات الميكانيكية وتصنيع الأدوية والتلاقيح وذلك بسبب التقدم التكنولوجي المذهل الذي أحرزه محور الشرق ولا سيما روسيا والصين التي أصبحت تتربّع أيضا على عرش الذكاء الصناعي.
وفي خضم هذه المعادلة تتزايد جاذبية العالم الجديد فيما أصبح واعز الخوف من فقدان «الهيمنة في الخارج للتمعش من الفساد في الداخل» المحدّد الرئيسي لسياسات الدول الأطلسية التي أصبحت تتأرجح بين خيار الهروب إلى الأمام وخيار «التطبيع» مع العالم الجديد وهو ما أدى في مرحلة أولى إلى كسر وحدة حلف شمال الأطلسي الذي بدأت ملامحه الأولى عندما تركت الولايات المتحدة لوحدها في مواجهة القوات اليمنية في البحر الأحمر وترسّخت أكثر بهذا الصراع الأطلسي المحتدم حول المشكلة الأكرانية التي ساهمت أيضا في تعرية التناقضات داخل القارة العجوز التي ستؤدي حتما إلى تفكك الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى تغلب المقاربات الأحادية بين الدول التي تريد تفادي التصادم مع العالم الجديد والدول التي ستذهب إلى النهاية في مقاربة الهروب إلى الأمام علما أن الذهاب في هذا الاتجاه أو ذاك يحدده بالأساس مدى قدرة كل دولة على التحرّر من الوصاية الصهيوأمريكية التي تراكمت على امتداد ثمانية عقود من الزمن منذ مشروع وزير المالية الأمريكي الأسبق جورج مارشال لإعادة بناء أوروبا بعد دمار الحرب العالمية الثانية وهو ما يفسّر إلى حد ما صعوبة المخاض الراهن في القارة العجوز التي باتت تواجه بالفعل خطر الخروج من المعادلة الدولية.
ومن جهتها تعيش الولايات المتحدة حالة اختناق بسبب تضاؤل إمكانيات ممارسة نظرية «الاقتصاد هو الحرب» عبر افتعال الأعداء في الخارج وتتعرّى من ثمة طبيعة النظام الأمريكي باعتباره مجرّد أداة استخدمها اللوبي الصهيوني بشكل مفرط في نطاق مراكمة متطلبات الهيمنة على البشرية بأسرها عبر ما يعرف بمشروع الصهيونية العالمية.
وعندما تضعف احتمالات تصدير الأزمة الداخلية إلى الخارج تتفاقم حتما مظاهر التدافع وتتفكك سردية «الأرض والذهب» التي كانت أداة جذب للبروليتاريا الأوروبية وتتواتر من ثمة مؤشرات حرب أهلية صامتة بين أغلبية الشعب التي اكتشفت أن «الأقلية اليهودية» انتزعت منها الحق في العيش الكريم وبين هذه الأقلية التي تستخدم منظومة الحكم الصورية للدفاع عن ثرواتها ونفوذها السياسي وهو ما يفسّر تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أكثر من مناسبة بإنزال قوات الجيش والحرس الوطني لأنه يعبّر عن هواجس اللوبي الصهيوني الذي تحوّل من أداة استقواء سياسي إلى كنية مشينة تماما مثلما كانت صفة «شيوعي» بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويمكن اعتبار وثائق «جيفري ايستين» القطرة التي أفاضت الكأس حيث تظهر بكل وضوح مدى تفشي الفساد الأخلاقي والمالي في الإدارة الأمريكية التي يتحكم فيها مجرّد عميل في الموساد الاسرائيلي وبالتالي تتراكم مؤشرات انهيار النظام الأمريكي في ظل التلاقي بين السقوط الأخلاقي وتوسّع رقعة الحرمان والتهميش بسبب تراجع مساحات ممارسة الهيمنة في الخارج.
وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار ورقة تهديد النظام الدولي التي يستخدمها الرئيس الأمريكي في نطاق حرب الدفاع عن الوجود التي تخوضها الحركة الصهيونية ورقة محروقة في خضم التراكم السريع لمؤشرات الانفجار الداخلي في الولايات المتحدة كنتيجة حتمية لتلاقي مسارين اثنين أولهما تكشف طبيعة النظام الاقطاعي المتوحّش والفاسد داخليا وثانيهما انتفاء احتمالات تصدير الأزمة الداخلية إلى الخارج في خضم تصاعد تأثير القوى المتزعمة للعالم الجديد التي تستفيد من تفوقها العسكري والتكنولوجي والمالي واحتقان شعوب الجنوب التي خلفته عقود من الإرهاب الأمريكي والاستغلال الأوروبي الفاحش.
وبالمحصّلة تؤكد التطوّرات المتسارعة في سائر أنحاء العالم أن النظام الدولي الراهن المنبثق عن توافق المنتصرين في الحرب العالمية الثانية أصبح جزءا من الماضي وأن البشرية ستتجه قريبا إلى صياغة نظام دولي جديد مباشرة بعد انتهاء ارتدادات الانفجارات الداخلية في أوروبا والولايات المتحدة.
كما يرجّح أن يكون مشروع «الحوكمة العالمية» ذي البنود الأربعة الذي طرحه الرئيس الصيني في الآونة الأخيرة الإطار الذي سيحدد مضامين وأدوات النظام العالمي الجديد الذي سيكون بكل المقاييس إعلانا عن انتصار الحضارة على الهمجية وعودة مركزية العالم إلى الشرق تتويجا لمراحل متعاقبة من النضال الإنساني ضد الغطرسة والاستعباد الذي بلغ مداه بالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني.