بدون تباكي على الماضي القريب نقول للذكرى فقط أنّ المرأة كانت وراء الباجي قاد السبسي رحمه الله فساندته بخروجها للشارع والدفاع على نداء تونس بالتضحيّة بالخال والنفيس بدون خوف ولا طمع ولا تردّد واستطاعت أن تقلب  المعادلة الصعبة وتعطي للباجي رئاسة الدولة و  لنداء تونس والأغلبيّة البرلمانّة وإنّي سأقف هنا لأنّ محاولة تفسير رجوع النهضة للحكم سوف يخرج بنا عن الموضوع.
 ثمّ جاء قيس سعيّد فأصابنا شبه احباط وملل من خطبه وتهديداته ونحن نمنّي النفس قائلين :"ليت قيس سعّد يسعفنا ولو بواحد في المائة من ما قاله وهدّد به وقد كانت سلوانا الوحيدة أنّه كان حارس مرم ممتاز فقد عطّل كثيرا من التحرّكات النهضويّة المشبوهة والتي كانت ترمي النهضة من وراءها السيطرة على مقدّرات الدولة ندكر منها التغيّر الوزاري ومشروع قانون المحكمة الدستوريّة الذي بعد رقوده في الرفوف خمس سنوات تذكّرت النهضة أنّه أولويّة وكان ذلك عندما ضيّق الرئيس سعيّد عليها الخناق ولم تجد معه من حلّ إلّاعزله وهذا مستحيل بدون محكمة دستوريّة.وبقيّ الشعب التونسي بأكمله يترقّب أن يمرّ الرئيس من الدفاع إلى الهجوم إلى أن كان يوم 25 جويليّة 2021 التاريخي فما الذي حرّك قيّس سعّد لأخذ هذه القرارات الشجاعة؟ فزيادة السبب المباشر الذي هو   الحراك الشعبي التلقائي من شعب رأى في العشر سنوات الأخيرة كلّ الإهانات فقر مرض فساد استفراد بالسلطة كما أنّ هنالك كثرا من الأسباب الغير المباشرة الأخرى ولعلّ أهمّها مواقف بطوليّة لثلاث نساء أبدعن في التصدّي للنهضة وهنّ بدون ترتيب تفاضلي :
عبير موسي: هذه المرأة  تحمّلتْ الشتم والضرب والإهانة ووضعت نفسها هدفا للنهضة وأذيالها وكان هدفها الأساسي كشف محاولات الغنوشي السيطرة على مجلس النواب بكلّ الوسائل فهو الآمر الناهي يفعل ما يريد ليدعّم سيطرة النهضة على كلّ مفاصل مجلس النواب وكان هدفه أن يكون استلاءه على مجلس النوّاب هو إحكام قبضته للاستلاء على السلطة والتصرّف في مقدّرات تونس تصرّف المالك في ملكه وهي في نفس الوقت تخطّط(النهضة) لتتاح لها الظروف لعزل رئيس الجمهوريّة وقد كشفتْ عبير بوسي بعناء كبير وعرّضتْ نفسها حتّى للتصفية لكلّ هذه الخطط الاخوانيّة رغم أنّ نواب الذين يسمون بالوطنين الوسطيّن لم يحرّكوا ساكنا لردّ الهجمات الوحشيّة للنهضة وأذيالها عليها بل أنّ منهم من كان يعتبرها سببا في تعطيل عمل البرلمان  وأظنّ أنّ رئيس الجمهور قد تلقّى الرسالة وقرأها وفهم أبعادها فجمّد البرلمان وهو أقصى ما يسمح له به الفصل 80 من الدستور ورفع الحصانة عن نواب الذين استغلوا مواقعهم لمساندة الارهاب والإغراق في الفساد بدون مراقب ولا حسيب.
المرأة الثانيّة :"آمال قزارة" هذا المحاميّة البطلة  هي عضو في هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بالعيد ومحمّد البراهمي وكانت كلّما خرجت للاعلام بعد الندوات الصحفيّة التي كانت تعقدها الهيئة تظهر من الشجاعة وحسن الخطاب ما جعل أغلب الشعب يتعرفون بوضوح على جرائم النهضة وتورّط البعض من القضاة في ذلك فهي على درجة كبيرة من الإقناع فقد عرّت كلّ جرائم النهضة بالحجّة والدليل سواء في الاغتيالات أو في الجهاز السرّي أو  ارتهانها القضاء وكانت الأدلّة والحجج الدامغة لتورّط النهضة في الفساد والإرهاب. وقد أزاحة الغطاء على كلّ الملفّات التي قبر وكيل الجمهوريّة العكرمي كلّ الملفّات التي تدين النهضة  إلى أن كان تقرير تفقديّة وزارة العدل فشرحتْ المحاميّة  للمواطنين وبيّنت بما لا يدع مجال للشكّ أنّ العكرمي وراء كلّ القضايا المعَطَّلَة  وذلك بمساندة النهضة والغنوشي شخصيّا  الذي بذل قصار جهده لكي لا يعزل العكرمي لأنّ في ذلك انهيار لما تستّرت عليه النهضة منذ 2011 من جرائم و فساد مالي والتغطية على الإرهاب و وقد تلقّف الرئيس الرسالة التي وجّهتها له المحاميّة الشريفة  وقراها وفهم أبعادها.
المرأة الثالثة: رئيسة هيئة القضاء العدل مليكة مداري هذه المرأة البطلة التي رغم نزول الغنوشي بكلّ ثقله لحفظ قضيّة بشير العكرمي والتصدّي لقرار ايقافه عن العمل وإحالته على القضاء  خوفا من ما  ستبوح به قضيّة العكرمي  من أسرار ستعود بالوبال على النهضة وقد استعمل الغنوشي عن طريق زبانيته البحيري كلّ وسائل الترهيب والترغيب ورغم أنّ الهيئة كانت منقسمة ومتردّدة- لأنّ القاعدة في تونس كلّ الهيئات يشتمّ منها رائحة النهضة- فقد استطاعتْ هذه القاضية   أن تقنعهم بايقاف العكرمي عن العمل وإحالة ملفّه على القضاء بدون أي تردّ ولا حسابات رغم ما سيتبع هذا العمل البطولي من تبعات  ستكون بمثابة زلزال سيرجّ أركان القضاء وطوفان سيجرف النهضة خاصة التي كانت كلّما تتهم بجرائم واضحة تقول مقولتها المشهورة :"اذهبوا للقضاء " لأنّ بعض القضاة صاروا مضمونين وعلى رأسهم العكرمي الذي كان الخطّ الأحمر أمام كلّ القضايا المتعلّقة بالنهضة.  
  إنّ ما قامت به هؤلاء البطلات والذي يعجز عليه "سِيدْ" الرجال مع خروج الشعب للشوارع كان من بين الدوافع التي غيّرت مواقف الرئيس قيس سعيّد 360 درجة وجعلته يفتح صفحة جديدة في تاريخ تونس سنرى عن قريب مداها الحقيقي. 
 وأختتم بأبيات شعريّة نشرها الإعلامي الكبيير أحمد العموري في جريدة الأنوار الغراء(ليوم الجمعة 30 جوليّة 2021 ) يفخر فيها بالمرأة التونسيّة و من بين ما قاله فيها : 
إنّا إذا ضيّع الأوطان أوغادها   واستنجدوا بالأباليس ما أضعناها
حسب الرجولة إن ضاق الرجال بها   أنّ التي أرضعتها الثدي (خضراها)
اليوم ذي" أنس"بنتنا التي لهجت       بفوزها الأرض أقصاها وأدناها
......
هنّ الحرائر قد أعلين في وطني     رايات فخر ونور المجد أسماها