إن مكر التاريخ أقوى من غدر التاريخ. فمكر التاريخ قوة وغدر التاريخ فعل جبان لا يعالج إلا بالتقدم نحو التصحيح، صمام الأمان. 
من الواضح ان أخطر الملفات في الوقت الحالي هو ملف التسفير الإرهابي المرتبط بالتبعية الإرهابية وبالاغتيال الإرهابي وبالفساد الإرهابي وبالخيانة الإرهابية وبالتطبيع الإرهابي، وبالمناسبة، لا نستبعد علاقة هذا الملف بالمحاولات الإرهابية اليائسة. 
ومن الجلي ضمن حساسية مؤشرات التكفير والمحاولات العادمة لبث الترهيب والترويع في صفوف شعبنا ان بؤر ملفات الإرهاب  تبقى الكابوس الأكبر الملاحق لمغتصبي الوطن والشعب في السنوات الأخيرة لأنه ملف دموي بكل بساطة وقد ينهي الجدل ويخرج من تورط فيه من الحياة السياسية العامة لأطول أمد. وقد يورط أطرافا غير تونسية في نفس الوقت وبالتالي قد يدفع نحو معركة كسر عظام كبرى بين الإرادة الوطنية السيادية وبين أذرع إدارة الاستعمار ومصالح الاستعمار. وهذا بغض النظر عما إذا فتح هذا الملف بالكامل أو لا وإن كان سيؤدي إلى نتائج نوعية أو لا، فالجميع يعلم ان مجرد فتحه من المحرمات وهو بؤرة فساد كبيرة جدا. وبناء على ذلك نقرأ مستجدات الوضع العام السياسية، مستجدات لا نقصد بها غير بعض الخزعبلات المتواصلة ولا أي مستجدات جدية. 
أولا:  يبدو ان رئيس البرلمان السابق على 25 جويلية يدفع نحو استدراج الشباب للرد على مجلس النواب السابق هذا أو أي هيئة أو مؤسسة أخرى بنفس طريقة الرد على رئيس شورى ما قبل 25 جويلية يوم 25 جويلية. وفي ذهنه دفع الجهة المقابلة أي أتباعه نحو استخدام العنف للرد على 25 جويلية في نفس المكان بحيث لا يمكن فصل السيناريو الأول عن الثاني لأن الهدف فوضوي وفتنوي رغم محاولة الاختفاء وراء ادعاء عدم الرغبة في التصعيد المغطسة في الاهتراء الشعبي والحزبي المستمر ورغم المحاولات المستمرة للاستنجاد بقوى الهيمنة الاستعمارية الخارجية وقوى الإفساد الداخلي وربما بعض الوعود الوهمية غير التونسية والتونسية التي تسخن أكتافه. وهذه تحليلات وليست معلومات ولا معطيات ولا اتهامات، بل القراءة التي نراها الأقرب إلى الواقع وخاصة بعد الذي جاء على لسان رئيس الجمهورية مساء أمس الجمعة في معنى ما يجري في الداخل وعلى معنى ما يجري في الخارج. 
ثانيا: من يتشدق بالليل والنهار وفي سياق وفي غير سياق وحتى هذه اللحظة بما يسمى حوارا جامعا ما عليه سوى نصب طاولة في الهواء وجمع أخلاء الخواء. ولنعد لطعنة البداية لنقول ما يلي: بعض الأطراف التي شاركت في هدم مسار 17 ديسمبر وانقلبت عليه وكانت اللبنة الأولى بل الطعن الأولى لكل الخراب الذي عشناه منذ ما يسمى هيئة بن عاشور التي سرقت ونهبت بكل وقاحة كل المسار ونصبت عليه من قلب بقايا نظام بن علي الذي حماها ورعاها وقتها ضد الذين ثاروا عليه وبأساليب الخيانة الداخلية والتوجيه الخارجي، هذه الأطراف يجب عليها أن تفهم انه لا يمكنها هدم الطريق علينا مرتين وان الأمور تغيرت كثيرا وانها لن تستطيع بناء أوهام جديدة ومغالطات جديدة مضافة وان من بقي على عهد 17 ديسمبر مستعد دائما لنفس التضحيات ويجب أن تفهم أخيرا انها غير مؤهلة في هذه الفترة الحساسة للعب أي دور خاص أو مميز يترك غالبية الشعب جانبا وينصب زمرة جديدة من أدعياء حقوق ممتازة زائدة فوق حقوق كل الناس بدعوى ما يسمى تشاركية. ولذلك سوف تظل الطريق واضحة: التوجه إلى الشعب أولا ثم إذا توضحت حاجة ما إلى التشاور من أجل تقريب الآراء وبشروط المستقبل فلكل حادث حديث وفي ظروف ناضجة وسليمة.
ثالثا: يجري بناء أساسات التصحيح والإصلاح لاستكمال بناء الدولة وليس مجرد بناء الحزب أو مجرد بناء الذات. ويجري على أيادي أبناء قضية وأبناء شعب وأبناء وطن في مشروع وطني جماعي آمنوا به صحبة رئيس الجمهورية ونجحوا في التقدم به وهذا حقهم الطبيعي ما دامت غالبية الشعب أعطت ثقتها لهذا المشروع وأصحابه وصوتت من أجله ليحكم وهي تسانده وتساندهم حتى الآن، ونقصد الولاة الجدد الذين تم تعيينهم البارحة في انتظار ما يتوجب عليهم وما هو محمول عليهم.
رابعا: لعل الجميع قد فهم، بمن فيهم وأولهم المحتجون من أجل شتى الحقوق المشروعة بصرف النظر عن الطرق والمطالب والخيارات والمآلات، ان المسيرة مستمرة وانه لا قرار ولا انفراج إلا بمواصلة مقاومة المنظومة التي أهدرت أعمار الناس باطلا وبلا جدوى حتى تحقيق الأهداف وتدبير الحلول وبلا أي تخل.