خربوا الشأن العام ثم تباكوا على الفضاء العام وقد لفظهم الرأي العام بينما يبحثون عن حماية مقيم عام لا مكان له؛ عجزوا عن إدارة الشأن العام فدمروه ثم تباكوا على الفضاء العام عندما فقدوا حصتهم. وبينما هم يبحثون يائسين عن حماية يخجل منها حراس ديمقراطية إدارة مصالح الاستعمار أنفسهم، فاتهم القطار. إنها التلونات النهضاوية ومعارضات أيام زمان المزعومة بألوانها وطفيليات 2019 بأشكالها الغريبة. هذا عالم انتهى أو سينتهي في أفضل الأحوال.
لن تنفع لا الثرثرة باسم الديمقراطية، ديمقراطية التبعية والإرهاب والفساد والتطبيع ولا هوس حب الاطلاع الديمقراطي الركيك الذي لا تميزه سوى سلعة ديمقراطية الاختراق والارتزاق باسم الحقوق والحريات التي لم ولن يمسها دستور غوغل-ويكيبيديا كما كنا دائما نقول، ليس لأن الحقوق والحريات ثمن إفشال التربص الخارجي بسيادة البلاد وإنما لأن لا شيء يكشف حقيقة هذا النوع من الحرية وحقيقة هذا النوع من الحقوق غير ممارسيها من زاوية كونها "ماعون صنعة"، ولا شيء يعوض الدور الثقافي والحضاري لهذه الحقوق والحريات عند الأحرار فعلا وأصحاب الحق حقا. 
صحيح ان البعض بريء ولا تنطبق عليه هذه القسوة الخفيفة ولكن قطعا ثقافته السياسية فاسدة تماما بمجرد افتقادها لثقافة التحرر الوطني وسلوكه فاسد تماما لطالما يفتقد إلى بقية المعارف السياسية التي تغير المجتمعات والعقول وسلوكه مضروب تماما في ضمائر الناس مهما قال عنهم.
"ديمقراطية الكاووتشوك" غير قابلة للبيع مرتين، وقل ما شئت عن غالبية الشعب الذي كره رائحتها. والأمر بسيط: حقوقه وسيادة بلده بلا ظلم ولا ذل. وسمها ما شئت من نعوت الديمقراطيين والديمقراطيات المستوردة أو المشوهة محليا أو المزايدة في العلم وفوائد وفوائض ديمقراطية على كل" لون يا كريم".
ديمقراطية "الفضيحة الدائمة" ليست جديدة كردة فعل نيوليبرالية على السيادات الشعبية. وهي فضيحة دائمة أبدا عند الليبراليين الديمقراطيين الشكلانيين ضد أي سيادة من أي نوع كان. ومن فضائحها المعاصرة، ونحن لسنا في عصر الديمقراطية ضد الاتحاد السوفييتي مثلا، من فضائحها العظمى انها تفضل استمرار رباعي التبعية والإرهاب والفساد والتطبيع على أمل شعبها في التحرر وتحرير الوطن وتدعي عكس ذلك وهي تعرف ان عكس ذلك يعيدنا الى الوراء. لا يفعل ذلك حتما رعاة الديمقراطية الغربية في بلدانهم وإنما عن طريق الوكلاء في مستعمرات الديمقراطية.
يدعي هؤلاء اننا في ديكتاتورية مؤقتة وربما كان ذلك كل ما عرفوه عن كارل شميت من بوابة ويكيبيديا .وهم يبحثون عن معنى حالة الاستثناء، وهو الذي لا يعنينا كثيرا. أو في الطريق إلى الدكتاتورية بمجرد أن غالبية الشعب استبشرت بقطع الطريق على سفك الدماء واستباحة الوطن وسرقة قوت الشعب وسوقه إلى العدو الصهيوني وكل ألوان الجرائم الأخرى، كل هذا وغالبية هذا الشعب لم تقطع أي خطوة مادية مباشرة ولم تحقق بعد أدنى تطلعاتها عدا لحظة حسم 25 جويلية، ومع ذلك ثمة من يحلم واهما باغتيال الحلم في حالته الجنينية قبل التحول إلى ديمقراطية موسعة فعلية ومعمقة فعليا وذاتية بحق ودائمة وسيادية، حتى أن بعضهم ومن فرط تخمة ديمقراطية الاستعمار وخراب العمران، لا تنقصه سوى المطالبة بنشر التقارير الأمنية حول الإرهاب مثلا على قارعة الطريق.
ثمة هاهنا عدة مرجعيات وعدة احالات ليس مجال المقالات التي تنشر في الصحافة مجال تفصيلها، ولكن النموذج الاستشاري والشعبي نصف المباشر والمباشر قابل للحياة في بعض وجوهها في بلدنا وهو الذي سوف نمر به من الإنقاذ إلى البناء، والخطأ ممنوع ممنوع ممنوع. وللحديث بقية بالفكر والمقترحات والممارسة.