البنية التحتية للتعليم في تونس.. ألغام تحت أقدام تلاميذنا تنتظر الانفجار

البنية التحتية للتعليم في تونس.. ألغام تحت أقدام تلاميذنا تنتظر الانفجار

تاريخ النشر : 12:15 - 2020/09/17

لم تمض سوى أيام على استلام رئيس الحكومة الجديد هشام المشيشي لمهامه حتى بادر بزيارات فجئية لعدد من المدارس في المناطق المنسية، ليطلع عن كثب على الحالة الرثّة لهياكل تعليمية تداعت وغن لازلت في عرف الدولة صالحة لإيواء التلاميذ وتدريسهم.
استغرب رئيس الحكومة من الوضع الكارثي، وعبّر عنه بالغضب وبمجموعة من الإجراءات لدرء الخطر المحيط بتلاميذنا وكأن هذه الكارثة هي وليدة اليوم أو الأمس وليس نتيجة عقود من الإهمال والتجاهل لأبسط حقوق التلميذ في بنية تحتية سليمة توفر أدنى حقوقه الإنسانية في تعليم محترم وتحفظ كرامته.
رد فعل رئيس الحكومة ليس بجديد، فكل من سبقوه سواء في المنصب أو في وزارة التربية عبروا عن صدمتهم واستغرابهم من الوضع الكارثي للمؤسسات التعليمية في تونس، لكن تفاعلهم لم يزد عن الانفعالات الفورية أو توجيه الدعوة لمكونات المجتمع المدني للمساهمة في صيانة المؤسسات التربوية التي عجزت الدولة عن الأخذ بزمام أمورها.

اهتراء البنية التحتية..السوس الذي ينخر مستقبل تونس..
إذا كان الأطفال هم عماد المستقبل وثروته والرهان الذي تعتمد عليه الشعوب لاستمرارها وتطورها، فأن ثروة تونس من التلاميذ ينخرها سوس الإهمال والمرض والفقر والجهل، رغم أن دستور الجمهورية الثانية نادى بالكرامة والعدالة الإجتماعية لجميع أبناء الوطن، إلا أن تحقيق هذه المبادئ يقف عند كتابتها دون أن يكون لها أدنى صدى في برامج الدولة أو برامج الأحزاب السياسية الحالية.
لا يزال التلميذ التونسي في عديد المناطق المهمشة القابعة في خلفية المشهد الإجتماعي والسلطوي يعيش معاناة يومية خلال رحلة تعليمه اليومية، يتوجها مبنى دراسي يفتقر لأدنى المرافق الضرورية، حوادث حرق، وسقوط أجزاء من السقف ومن جدران الفصول، واقتحام وتهشيم محتويات إضافة لحيوانات وحشية وشرسة تهاجم ساحات المؤسسات التعليمية وأقسام التلاميذ، هي ظواهر لا تقتصر على مدينة أو قرية بعينها في تونس،بل تمتد من شمال البلاد إلى جنوبها.
كلاب سائبة وجدران متهدمة..
سنة 2020، لا تزال هناك مدارس تقيم سورها بصفوف من التين الشوكي، وتتسرب الأمطار من أسقف القاعات لتحيل ساعات الدراسة للتلميذ والمعلم إلى جحيم من البرد والبلل، وتنتشر في ساحاتها الجرداء الحيوانات المتسللة من كلاب سائبة وحتى خنازير وأفاعي، تنتظر موعد الاستراحة اليومية للتلاميذ لتقاسمهم لمجتهم التي يتناولونها في ساحة عارية، ويفترشون ما تيسر من الحجارة والطوب، في مشهد مبكي على حال التعليم وأهله.
لا تزال هناك مئات المدارس في الجمهورية التونسية دون إمدادات صحية أو مياه صالحة للشرب، فيما تتحدث وزارة الصحة عن ضرورة استعمال معقم اليدين والكمامات الطبية للتوقي من فيروس كورونا، يفتك مرض الالتهاب الكبدي "البوصفير" بمئات التلاميذ لسهولة انتشار العدوى دون وجود وسائل النظافة اللازمة.
في ولاية سليانة 114مدرسة من بين 192 مدرسة لا يتوفر فيها الماء أو الكهرباء أو الطريق أو جميعها، ولا تزال تنتظر البرنامج الشامل لإصلاح المؤسسات التربوية الذي أعلنت عنه حكومة الشاهد سنة 2018 ولم يتم تنفيذ سوى جزء بسيط لا يرتقي لتحقيق أبسط متطلبات التلاميذ.
في ولاية نابل في شهر أفريل/نيسان 2019، هاجم كلب من نوع "بيتبول" مدرسة السعادة وتسبب اقتحامه لقسم التحضيري وقسم الثالثة ابتدائي في إصابة معلمة وثمانية تلاميذ بجروح مختلفة نقلوا على إثرها للمستشفى، وهو ما أدخل الذعر في صفوف التلاميذ والإطار التربوي.
رد فعل الوزارة كان بإرسال فريق تقني للتحقيق في أسباب الحادثة وإصلاح سور المدرسة !ورغم إقرار السلط بأن الفضاء المدرسي نقطة ضعف في العملية التعليمية، إلا أن الوزارة لم تكشف عن  استراتيجيتها لإصلاح هذا الخلل الجسيم وصيانة المدارس في المناطق الريفية خاصة.

اهتراء المدارس والمعاهد الذي كشفت خطورته الأمطار ومن قبلها جائحة كورونا هو القشة التي ستقصم ظهر بعير التلاميذ والأهالي الذين تحملوا طويلا أحجارا متداعية وسيولا جارفة وأمطارا طوفانية تعصف بأطفالهم كل سنة، وتودي بأحلام وآمال التلاميذ الصغار في حياة عادلة وفرص متكافئة. 
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

أكّد  طارق المخزومي رئيس الاتّحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري بمكثر في تصريح لـ"الشروق أون لاين"
12:14 - 2024/05/17
 تولت أمس فرق الإطفاء  التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية بنابل التدخل لإخماد حريق بمخبر تحا
11:41 - 2024/05/17
تولت أمس فرق النجدة و الإنقاذ التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية بسوسة التدخل لإسعاف ونقل 03
11:32 - 2024/05/17
اندلعت صباح اليوم النيران بمستودع قديم وغير مستغل  تبلغ مساحته حوالي 600 متر مربع كائن بارض فلاحي
11:22 - 2024/05/17
تولت أمس فرق النجدة و الإنقاذ التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية بالقصرين التدخل إثر حادث مر
11:19 - 2024/05/17
جدّ صباح اليوم  الجمعة 17 ماي 2024 حادث مرور على الطريق الوطنية الرابطة بين سيدي بوزيد وصفاقس وتح
10:41 - 2024/05/17
تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة، مقارنة بالسنة الفارطة بشكل ملحوظ بولاية قابس، حيث يبلغ العدد ال
10:22 - 2024/05/17
دشن امس وزير الفلاحة والموارد المائيّة والصّيد البحري   عبد المنعم بالعاتي رفقة والي جندوبة سمير
07:00 - 2024/05/17