افريقيا والكارثة المعلنة

افريقيا والكارثة المعلنة

تاريخ النشر : 15:02 - 2020/04/09

     الى حد الآن يمكن القول إن القارة الافريقية بقيت في مأمن من جائحة الكورونا ولم تتأثر الا بنسبة محدودة، اذ لم يتجاوز عدد المصابين فيها الستة آلاف مصاب (6000) في حين بقي رقم الوفايات لا يتعدّى المائتين (200).
غير ان كل المعطيات الموضوعية تشير الى ان الأمر لا يعدو ان يكون مؤجلا، وان الكارثة آتية لا ريب في ذلك إذا لم يتحرك العالم ولم يتضامن لنجدة القارة الأفقر على وجه الأرض.
فلا توجد دولة واحدة من جملة الدول الـ 54 التي تضمّ القارة السمراء تمتلك منظومة صحيّة فعّالة قادرة على توفير العلاج لمواطنيها في حالة انتشار الوباء فجأة، ولا توجد دولة ، لا سيما في دول ما تحت الصحراء، بإمكانها فرض اتباع قواعد التوقّي من هذه الجائحة على مواطنيها. فالتباعد الاجتماعي يكاد يكون مستحيلا بسبب تكدّس المواطنين في مدن الأكواخ والأحياء الفقيرة، والاغتسال والتنظيف غير ممكنين لغياب الماء ومواد التنظيف. 
ومما يزيد الأمر تعقيدا وتفجّرا: تردي الوضع الاقتصادي في البلدان الافريقية بعد انهيار أسعار المواد الأولية التي تصدّرها هذه البلدان، و توقف النشاط السياحي، و تضاؤل مدخول العمال المغتربين من العملة الصعبة. وكنتيجة مباشرة لهذا التطورات السلبية المتسارعة: سقوط مئات الملايين من المواطنين في هوة الفقر، مما سيزيد بالتأكيد من استفحال مآسي هذه القارّة التي كانت،قبل ظهور الجائحة،تعدّ ثلاثين في المائة (30% ) من فقراء العالم.و قد قيّم الخبراء تاثير هذه المستجدات على الواقع الاجتماعي بتراجُعٍ في مقاومة الفقر يُقدّر بثلاثين سنة.
من اجل ذلك، وللحيلولة دون وقوع كارثة لا يمكن التكهّن بنتائجها،وضعت الأمم المتحدة منذ ايّام برنامجا للمساعدة الإنسانية العالمية رصدت له مليارين  اثنين ( 02) من الدولار.
كما اطلق الوزير الأول الإثيوبي ، آبي احمد، نداء عاجلا للإسراع ببعث صندوق عالمي تضامني يمنع سقوط المنظومات الصحية في أفريقيا  و يدعم الاستقرار الديمقراطي في بلدانها. وتلتقي كل هذه المبادرات عند نقطة الحاجة الملحّة الى وضع القارّة الأفريقية في قلب استراتيجية الحرب على وباء الكورونا، ليس باسم الواجب التضامني  الإنساني وحسب، بل لانه من مصلحة العالم كله الاّ تسقط افريقيا في فخ الفيروس لما سوف يكون لتلك الكارثة، لو حلّت، من تداعيات أمنية و  اقتصادية و إنسانية على العالم بأسره.
وتونس الأفريقية و بوابة التلاقي بين ضفتي المتوسط، لا يمكنها ان تتخلف عن دورها التاريخي في إطلاق المبادرات و تحريك السواكن ،خصوصا و هي تجلس اليوم ضمن أعضاء مجلس الأمن. يجب ان نسمع صوت تونس .يجب ان نراها تتحرك و تطلب الدعم للقارّة.بل يجب ان نراها تساهم، قدر استطاعتها، في مساعدة الدول الأفريقية على التوقي من هذا الخطر الداهم الذي ان حلّ و استفحل في القارة فسنكون نحن في تونس  ضحاياه الأولى.
ولعله من الغريب ان نشهد كل هذا "الخجل" السياسي بينما لا ننفك في الأوقات العادية نلقي الخطابات ونصدر البيانات حول ضرورة وأهمية التموقع في أفريقيا.
ولكن الأغرب من كل تلك المعاملة السيئة التي يتعرّض لها المواطنون الأفارقة في بلادنا وبخاصة الشباب الذي وفد علينا للدراسة و التعلم.
انها ممارسات مشينة لا تمت باي صلة بأخلاقنا و قيّمنا. علاوة على انها تحمل عنا صورة سلبية في اعماق القارة التي هي قارتنا، وتنسف حظوظنا في التموقع على ساحة اقتصادية يعتبرها الجميع مستقبلية.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22
تصاعدت منذ انطلاق طوفان الأقصى وتيرة مواجهة الكيان الصهيوني من خارج فلسطين وأصبحت ظاهرة بارزة بصد
07:00 - 2024/04/21