مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا
تاريخ النشر : 20:26 - 2025/12/28
سأستبق الزمن لأقول للوطن ولأبناء الوطن: كل عام ونحن بخير .. تهنئة لا أطلقها لمسايرة العادة، بل دعوة لنستكشف معاً كيف يمكن أن يتحقّق الخير والحياة الكريمة والتنمية على أرض الواقع.
يزدحم الفضاء من حولنا مع إشراقة أول صباح في العام الجديد بفيض من التهاني والوعود الجميلة وخبزة القاطو والدجاج المصلي ، لكن معه يجب أن يبرز السؤال الجوهري خلف هذا المشهد الاحتفالي المتكرر: هل تتبدل السنوات من تلقاء نفسها، أم نحن من يمنحها معنى التغيير؟
الحقيقة الثابتة التي يجب ألا نتجاهلها هي أن الانتقال من عام إلى آخر ليس مجرد استبدال رقم برقم في مفكرتنا السنوية، بل هو تذكير بمرور الزمن، وتنبيه بأن الانتظار الطويل لـ «معجزة» تغير واقعنا المثقل بالصعوبات ليس إلا نوعاً من الوهم الذي نخدع به أنفسنا كل ليلة رأس سنة، فالأوطان لا تُبنى بالأماني المعلقة على الجدران، ولا بالشعارات التي نرددها في المناسبات، بل تُبنى في مكاتب الموظفين، وقاعات الدراسة، ومواقع الإنتاج، وداخل جدران الأسر التي تربي ابناءها على المبادئ والمسؤولية الحقيقية.
إن التغيير الذي ننشده جميعا مع بداية كل عام جديد ليس قراراً فوقياً ننتظر صدوره بفارغ الصبر، بل هو «فعل يومي» بسيط يبدأ من أصغر تفاصيل حياتنا.
لننظر مثلاً إلى الموظف في مكتبه؛ إن التغيير الحقيقي يبدأ عندما يقرر أداء واجبه بإتقان وضمير، إدراكاً بأن تعطيل مصالح الناس هو جزء من الأزمة التي نشتكي منها جميعاً، وبأن الوظيفة أمانة أخلاقية وليست مجرد مقعد للوجاهة أو وسيلة لتمضية الوقت. ويمتد هذا التغيير ليصل إلى المسؤول في موقعه، حين يدرك أن القيادة هي في جوهرها خدمة وتضحية وشجاعة في اتخاذ القرار الصائب، وأن الكرسي زائل والأثر وحده هو الباقي في حياة الناس.
أما العامل في مصنعه أو ورشته، فهو قلب التنمية النابض؛ وحين يضع جودة الإنتاج فوق كل اعتبار ويواجه الرداءة بالإتقان الصارم، فإنه يحمي اقتصاد بلاده من الانهيار... وحين يدرك الطالب على مقاعد الدراسة أن تحصيل العلم ليس عبئاً ثقيلاً أو طريقاً إجبارياً للحصول على شهادة ورقية، بل هو سلاحه الوحيد لمواجهة مستقبل مليء بالتحديات، فإنه يضع حينها أول حجر أساس في بناء مجتمع فاعل وقادر على الابتكار لا مجرد عالة على الآخرين.
الأمر لا يتوقف هنا، بل يمتد ليشمل المعلم في فصله وهو يبني العقول، والتاجر في سوقه وهو يراعي ضميره وظروف الناس، وصولاً إلى رب الأسرة الذي يغرس في بيته قيم الاحترام وقبول الاختلاف
الطريقة التي نتعامل بها في الشارع، وفي الفضاء الرقمي، هي كذلك من المؤشرات التي تحدد في النهاية شكل المجتمع الذي نعيش فيه.. نشتكي غالباً من «الرداءة»، لكننا ننسى أنها محصلة لتهاوننا اليومي وسكوتنا عن الخطأ الصغير حتى أصبح عادة مقبولة وتصرفاً طبيعياً.
شجاعة المراجعة تبدأ من النفس أولاً بأن يسأل كل منا نفسه بصدق: ماذا سأقدم في هذا العام ليكون مختلفاً؟ هل سأستمر في دور المتفرج الذي يلقي باللوم على الظروف دائماً، أم سأكون أنا الجزء الصالح والمبادر في هذه الظروف؟
العام الجديد «صفحة بيضاء»، والقلم الذي يكتب عليها هو وعينا وجديتنا ، فإذا دخلنا هذه السنة بنفس العقليات القديمة، سنصل حتماً إلى نفس النتائج التي أرهقتنا.
لنتوقف عن «انتظار» العام الجديد، ولنبدأ في «صناعته» بإرادتنا، عندها فقط سيكون لتهنئتنا «كل عام وأنتم بخير» طعم الحقيقة، وللمستقبل ضوء ملموس نراه في تفاصيل يومنا.
راشد شعور
سأستبق الزمن لأقول للوطن ولأبناء الوطن: كل عام ونحن بخير .. تهنئة لا أطلقها لمسايرة العادة، بل دعوة لنستكشف معاً كيف يمكن أن يتحقّق الخير والحياة الكريمة والتنمية على أرض الواقع.
يزدحم الفضاء من حولنا مع إشراقة أول صباح في العام الجديد بفيض من التهاني والوعود الجميلة وخبزة القاطو والدجاج المصلي ، لكن معه يجب أن يبرز السؤال الجوهري خلف هذا المشهد الاحتفالي المتكرر: هل تتبدل السنوات من تلقاء نفسها، أم نحن من يمنحها معنى التغيير؟
الحقيقة الثابتة التي يجب ألا نتجاهلها هي أن الانتقال من عام إلى آخر ليس مجرد استبدال رقم برقم في مفكرتنا السنوية، بل هو تذكير بمرور الزمن، وتنبيه بأن الانتظار الطويل لـ «معجزة» تغير واقعنا المثقل بالصعوبات ليس إلا نوعاً من الوهم الذي نخدع به أنفسنا كل ليلة رأس سنة، فالأوطان لا تُبنى بالأماني المعلقة على الجدران، ولا بالشعارات التي نرددها في المناسبات، بل تُبنى في مكاتب الموظفين، وقاعات الدراسة، ومواقع الإنتاج، وداخل جدران الأسر التي تربي ابناءها على المبادئ والمسؤولية الحقيقية.
إن التغيير الذي ننشده جميعا مع بداية كل عام جديد ليس قراراً فوقياً ننتظر صدوره بفارغ الصبر، بل هو «فعل يومي» بسيط يبدأ من أصغر تفاصيل حياتنا.
لننظر مثلاً إلى الموظف في مكتبه؛ إن التغيير الحقيقي يبدأ عندما يقرر أداء واجبه بإتقان وضمير، إدراكاً بأن تعطيل مصالح الناس هو جزء من الأزمة التي نشتكي منها جميعاً، وبأن الوظيفة أمانة أخلاقية وليست مجرد مقعد للوجاهة أو وسيلة لتمضية الوقت. ويمتد هذا التغيير ليصل إلى المسؤول في موقعه، حين يدرك أن القيادة هي في جوهرها خدمة وتضحية وشجاعة في اتخاذ القرار الصائب، وأن الكرسي زائل والأثر وحده هو الباقي في حياة الناس.
أما العامل في مصنعه أو ورشته، فهو قلب التنمية النابض؛ وحين يضع جودة الإنتاج فوق كل اعتبار ويواجه الرداءة بالإتقان الصارم، فإنه يحمي اقتصاد بلاده من الانهيار... وحين يدرك الطالب على مقاعد الدراسة أن تحصيل العلم ليس عبئاً ثقيلاً أو طريقاً إجبارياً للحصول على شهادة ورقية، بل هو سلاحه الوحيد لمواجهة مستقبل مليء بالتحديات، فإنه يضع حينها أول حجر أساس في بناء مجتمع فاعل وقادر على الابتكار لا مجرد عالة على الآخرين.
الأمر لا يتوقف هنا، بل يمتد ليشمل المعلم في فصله وهو يبني العقول، والتاجر في سوقه وهو يراعي ضميره وظروف الناس، وصولاً إلى رب الأسرة الذي يغرس في بيته قيم الاحترام وقبول الاختلاف
الطريقة التي نتعامل بها في الشارع، وفي الفضاء الرقمي، هي كذلك من المؤشرات التي تحدد في النهاية شكل المجتمع الذي نعيش فيه.. نشتكي غالباً من «الرداءة»، لكننا ننسى أنها محصلة لتهاوننا اليومي وسكوتنا عن الخطأ الصغير حتى أصبح عادة مقبولة وتصرفاً طبيعياً.
شجاعة المراجعة تبدأ من النفس أولاً بأن يسأل كل منا نفسه بصدق: ماذا سأقدم في هذا العام ليكون مختلفاً؟ هل سأستمر في دور المتفرج الذي يلقي باللوم على الظروف دائماً، أم سأكون أنا الجزء الصالح والمبادر في هذه الظروف؟
العام الجديد «صفحة بيضاء»، والقلم الذي يكتب عليها هو وعينا وجديتنا ، فإذا دخلنا هذه السنة بنفس العقليات القديمة، سنصل حتماً إلى نفس النتائج التي أرهقتنا.
لنتوقف عن «انتظار» العام الجديد، ولنبدأ في «صناعته» بإرادتنا، عندها فقط سيكون لتهنئتنا «كل عام وأنتم بخير» طعم الحقيقة، وللمستقبل ضوء ملموس نراه في تفاصيل يومنا.
راشد شعور