مع الشروق :إدارة ورقية.. آخر همّها الرقمنة

مع الشروق :إدارة ورقية.. آخر همّها الرقمنة

تاريخ النشر : 19:51 - 2025/12/11

لا أحد في تونس يبالي بتطوير مسار الرقمنة والخدمات عن بعد والدفع الالكتروني. وباستثناء بعض الخدمات الإدارية العمومية أو الخاصة التي طالتها الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة والتي تعد على أصابع اليد الواحدة، تعاني أغلب القطاعات من تأخّرها عن ركب الحداثة الخدماتية ومن تواصل اعتمادها على الوثائق الورقية بشكل مهول يفوق احيانا طاقة طالب الخدمة..
في عديد الدول الأجنبية بمختلف أرجاء العالم، يتفاجأ الزائر التونسي عادة بضرورة الاعتماد على الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة لقضاء مختلف شؤونه في كل المجالات تقريبا وهو ما لم يتعود عليه كثيرا في بلاده. فمنذ أن تطأ قدماه المطارات يكون المسافر مطالبا باتمام بعض خدمات السفر بطريقة رقمية ثم بمجرد الوصول الى بلد الزيارة يكون مطالبا باتمام أغلب الشراءات ومختلف الخدمات وخلاص معاليمها بمجرد لمسات سريعة على الهواتف الذكية ودون حاجة للتنقل. وهذا دون الحديث عن إتمام مختلف الشؤون الإدارية وغيرها عن بعد بالنسبة للأطراف المقيمة هناك او الزوار من مواطنين عاديين او رجال اعمال و اصحاب شركات كلما احتاجوا خدمة في إدارة من إدارات بلد الزيارة دون أدنى تعطيل ودون وثائق ورقية تقريبا.
في تونس، يعاني المواطن والفاعلون الاقتصاديون من ثقل الإجراءات عند قضاء مختلف الشؤون.. والسبب الأبرز في ذلك كثرة الوثائق المطلوبة والتي يتطلب استخراجها قضاء اوقات طويل في البلديات والقباضات المالية وغيرها من الإدارات.. ويحصل ذلك رغم أن تونس كانت منذ أكثر من 20 عاما من الدول الرائدة في الاعتماد على الإعلامية والانترنات وعلى التجهيزات المتطورة . إلا أن ذلك لم يكن متبوعا بمسار حقيقي وشامل للرقمنة ومواكبة التكنولوجيات الحديثة والغريب في الأمر أن دولا أخرى انطلقت في هذا المسار بعد سنوات ونجحت فيه بشكل كبير اليوم مقارنة بتونس التي ظل فيها المسار يشهد تعطيلات غريبة إلى اليوم .
فخدمة الإمضاء الإلكتروني، التي وقع إطلاقها في بلادنا لم تشهد إلى الآن الإقبال المنتظر، وخدمات التسجيل عن بعد بالنسبة للتلاميذ والطلبة مازالت بدورها محل تذمر بسبب التعطيلات وايضا بسبب الإبقاء على بعض الوثائق الورقية للتسجيل، وخدمات الخلاص عن بعد مازالت ايضا غير معتمدة بالشكل الكافي .. والخدمات الصحية والاجتماعية مازالت بدورها تعتمد بنسبة كبيرة على الوثائق الورقية فيما يتواصل إلى اليوم انتظار إطلاق خدمة بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين وأيضا منظومة المعرف الوحيد. فيما يتواصل في المقابل الاعتماد على آليات إدارية بائسة ومعطلة على غرار مضامين الولادة الورقية والتعريف بالإمضاء والنسخ المطابقة للأصل وشهادة الاقامه وشهادة الجنسية ...وفي بعض الحالات يقع الاعتماد بالنسبة الى بعض الخدمات على الرقمنة و الخدمة عن بعد، لكن بعد ذلك تقع مطالبة المعني بالأمر بطباعة الوصل أو الملف أو بطباعة الوثيقة التي تم تعميرها رقميا ليقدمها للادارة !
إن أي تأخير في مواكبة مسار الرقمنة والتقدم التكنولوجي سيكون متبوعا بآثار سلبية على النمو الاقتصادي والاجتماعي. فبالإضافة إلى تعطيل المواطن عن قضاء شؤونه يتسبب أيضا في تكبيل القطاع الاقتصادي الخاص ذلك أن أغلب الشركات والمؤسسات تشتكي من وجود نقائص في البنية التحتية والامن المعلوماتي ومن غياب التنسيق بين الإدارات التونسية وهو ما يمثل مصدر تهديد للنمو الاقتصادي المنتظر. وهو ما يؤكد ضرورة تحلي الدولة بالجرأة والشجاعة للتعاطي مع هذا الملف وإخراج البلاد من دوامة «التخلف» الرقمي والتكنولوجي.. فالرقمنة لها مزايا عديدة ليس اهمها التقليص من استهلاك الطاقة والوقود ( للتنقل شخصيا بين الإدارات أو للحصول على خدمة بدل الحصول عليها بطريقة رقمية دون حاجة التنقل) وترشيد استهلاك الورق والحبر وآلات الطباعة ..هذا فضلا عن مزاياها على تسريع المعاملات الاقتصادية في الداخل ومع الخارج.
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك