مع الشروق .. هل يلدغ الفلسطينيّون من الجُحر مرّتين ؟

مع الشروق .. هل يلدغ الفلسطينيّون من الجُحر مرّتين ؟

تاريخ النشر : 09:44 - 2024/02/03

أطلقت بعض العواصم الغربية خلال هذه الفترة سلسلة من المواقف الداعية الى ضرورة التقدم بشكل عملي نحو مبدإ حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة ، دون تحديد ماهية وشكل هذه الدولة المنشودة ، التي يريدونها مجرد سلطة بلا مخالب وكيانا خاضعا لسلطة الاحتلال .
هذه المواقف الغربية الضبابية خلقت حالة من الجدل والتساؤلات حول الدوافع الخفية لإطلاق هذه الوعود السياسية التي يراها البعض مجرد قنابل اعلامية للتغطية على الأعمال الوحشية التي يرتكبها الصهاينة في حق المدنيين في غزة،  فيما يرى آخرون أن هذه التصريحات مجرّد شعارات يرفعها داعمو الكيان الصهيوني لخداع الفلسطينيين والعرب وجرهم نحو مستنقع التطبيع .
فوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أعلن أن لندن تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهو اعلان لا قيمة له ولا يمكن أن يخفي مسؤولية بريطانيا التاريخية في كل الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، منذ صدور "وعد بلفور" المشؤوم الذي منحت بموجبه بريطانيا  أرض فلسطين "التي لا تملكها"، للحركة الصهيونية "التي لا تستحقّها"، لإقامة "وطن قومي لهم".
وبنفس الطريقة نقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين قولهم، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن طلب من الخارجية بحث الخيارات بشأن اعتراف أمريكي محتمل بدولة فلسطين بعد الحرب ، علما أن هذا الوزير الأمريكي قدم نفسه خلال زيارته الى تل ابيب على انه يهودي وجاء الى الكيان الاسرائيلي للتعاطف معه ، بعد ان تبجّح رئيسه جو بايدن بأنه صهيوني قائلا إنه "لو لم تكن إسرائيل موجودة لكنّا قد أوجدناها " .
 وبناء على تصريحات الرئيس بايدن ووزير خارجيته فإنه لا يرجى خير من الجانب الامريكي في ما يتعلق بمستقبل فلسطين، فالحديث الامريكي عن دولة فلسطينية مستقلة مجرد بيع للأوهام والدليل على ذلك  المواقف الامريكية الاخيرة الداعمة للصهاينة خاصة بعد رفع الفيتو ضد وقف العدوان وارسال الطائرات والعتاد العسكري لإبادة المدنيين في غزة.
زد على ذلك مصادقة مجلس النواب الأمريكي على حظر دخول أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية إلى الولايات المتحدة ، وهي خطوة خطيرة تتعارض مع القرارات الاممية وتقضي على كل الجهود التي تسوقها واشنطن لحل الصراع الفلسطيني الصهيوني القائم على أسس الشرعية الدولية وفق حل الدولتين.
اذن لا شك أن الحديث الامريكي والبريطاني عن قيام دولة فلسطينية مجرد  خداع وطرح لا قيمة له، طالما ان هاتين الدولتين مازالتا تدعمان عسكريا وسياسيا واعلاميا واستخباراتيا الكيان الصهيوني لإبادة الشعب الفلسطيني .
 فالحديث عن قيام دولة فلسطينية يتطلب عملا ملموسا لإنهاء الاحتلال بشكل كامل ووقفا فوريا لسرطان الاستيطان ، اضافة الى التنصيص على تأسيس أجهزة أمنية وعسكرية لا فرض شروط مجحفة على الفلسطينيين لبناء دولة منزوعة السلاح بجوار كيان صهيوني دموي لا يتوقف عن الحروب والجرائم .
كما أن قيام أي دولة يتطلب تحديد رقعتها الجغرافية وضمان سيادتها على ثرواتها وهو ما يتنافى مع واقع فلسطين التي تتعرض الى احتلال غاشم يتحكم في كل معابرها وثرواتها ويقتطع  كل يوم مزيدا من أراضيها .
 وفي هذا الإطار كان موقف أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، الدكتور مصطفى البرغوثي واضحا بما يكفي بخصوص الحديث الغربي عن دول فلسطينية حيث قال ان الدولة الفلسطينية يجب أن تكون قائمة بكافة أركانها؛ الأرض والحدود والمياه والجغرافيا والسيادة، ودون ذلك هو أمر غير مقبول، ولا نعتبره سوى محاولة جديدة لإلهاء الشعب الفلسطيني وتمرير التطبيع العربي بالمحيط.
وفي الختام لا بد من التأكيد على ان قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس ليس منّة من الغرب بل هو حق ثابت للشعب الفلسطيني في إطار القرارات الأممية التي تنص على حرية الشعوب في تقرير مصيرها .
ناجح بن جدّو
 

تعليقات الفيسبوك