مع الشروق ..العلـم... أولا وأخيــرا

مع الشروق ..العلـم... أولا وأخيــرا

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/10/05

وسط عتمة ما يعيشه التونسيون منذ أكثر من عقد من إرهاصات وضع اقتصادي صعب ووطأة الأوضاع الاجتماعية وحالة الضبابية على أكثر من مستوى تأتي الأخبار المنعشة التي تؤكد مرة أخرى أن هذه البلاد خصبة وولادة بكفاءاتها وعقولها حتى وإن هاجر البعض منهم بحثا عن آفاق أخرى ليعودوا مظفرين بتقدير دولي لما أنتجوه وقدموه للبشرية قاطبة.
هي تلك التفاصيل الجميلة في هذا البلد الذي يبقى قدره إنجاب العظماء التي تجعلنا نرفع رؤوسنا فخرا مع إعلان قادم من السويد عن تتويج العالم التونسي منجي الباوندي بجائزة نوبل للكيمياء لسنة 2023 رفقة كلّ من لويس بروس واليكسي اكيموف عن اكتشاف نقاط كمومية وتخليقها لتضيف سطرا آخرا مضيئا في سجلّ هذه الأرض الطيبة التي قسى عليها أبناؤها إما جهلا أو طمعا أو شرا متأصلا.
ورغم تلك التأويلات والقراءات الخبيثة ممن لا يملّون من حطّ العزائم  والتقزيم من طبيعة المنجز العلمي الدولي بمحاولة نزع الانتماء إلى هذا البلد عن العالم التونسي الجليل منجي الباوندي بزعم ولادته في فرنسا ودراسته وعمله في الولايات المتحدة، إلا أن الحقيقة الساطعة هي أن الرجل تونسي وإبن تونسي إلى حدّ النخاع في أصوله وجيناته ومتأصّل في هذا البلد وهو الأستاذ الجامعي في علم الرياضيات بكلية العلوم بتونس محمد صالح الباوندي ولا يمكن أن ينزع عنه وطنيته أحد من هواة التشكيك وبث الإحباط ممن يستكثرون على التونسيين جرعة من الفخر .
هذا الإنجاز الدولي الكبير ينبغي أن يكون رسالة مقروءة بشكل جيّد للعقل السياسي في تونس باتجاه حسن استثمارها عبر تثمين العلم والبحث العلمي خصوصا وأن المادة الخام أو كما سماها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة "المادة الشخمة" متوفرة بكثافة وبجودة عالية تستفيد منها للأسف المخابر الغربية ممن تعمل على تصحير البلاد من كفاءاتها باستقطاب الشباب منهم مستغلين في ذلك سياسة دولة لا تولي بالا للبحث العلمي ولا تثمّنه ولا تثمّن القائمين عليه.
فلا نهضة لتونس اليوم بدون دعم البحث العلمي ماليا ولوجستيا وتجهيز المخابر بأحدث التقنيات والترفيع في منح البحوث والباحثين وتسويق الاختراعات محليا وخارجيا وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن سياسة عامة للدولة تعلي من شأن شبابها المبدع وتستثمره أفضل استثمار سيرا على المنوال ذاته الذي اعتمدته دول حققت نجاحاتها عبر هذه السياسة مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وغيرهم كثر حيث من المفارقات أن مليارديرات العالم هم من المستثمرين في التكنولوجيا بينما أثرياء تونس هم من المستثمرين في الأغذية رغم ما تزخر به تونس من أدمغة قادرة على تحويل وجه البلاد نحو الأفضل لو تتحرّر من القيود والمكبلات وتجد الدعم والإسناد والإيمان المطلق من الدولة.
هاشم بوعزيز

تعليقات الفيسبوك