مع الشروق .. البيت الأوروبي في عين الإعصار
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/09/19
باتت الأزمات المختلفة تحاصر القارة العجوز من كل حدب وصوب، فمن أزمة الهجرة الى أزمة أوكرانيا وصولا الى صراع القيادة بين فرنسا وألمانيا، يمرّ الاتحاد الاوروبي بامتحان عسير قد يهزّ أركانه.
وتأتي أزمة الهجرة على رأس ملفات الحارقة التي كانت ولا تزال تثير انقساما وتحديات واسعة بين الاوروبيين، خاصة مع تزايد ضغط اليمين المتطرّف على النخب الوسطية والاشتراكية الحاكمة.
هذا الملف أصبح صداعا حادا في رأس المسؤولين سواء من في السلطة منهم أو في المعارضة، وبات هو الخيط الرفيع في لعبة المناكفات السياسية وحتى في اللعبة الانتخابية وفي العلاقات مع دول جنوب المتوسّط.
وتشهد أوروبا استنفارا كبيرا على خلفية أزمة المهاجرين في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية حيث وصل إلى الجزيرة نحو 8500 شخص بين الاثنين والأربعاء الماضيين على متن 199 مركبًا، وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتنتقد رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني نقص التضامن الأوروبي مع إيطاليا، التي تعد أبرز نقطة وصول في القارة للمهاجرين الوافدين عبر المتوسط، واستقبلت هذا العام نحو 130 ألف منهم.
وهذا ما جعل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تحط على وجه السرعة في "جزيرة المهاجرين"، للتخفيف من وطأة الغضب الايطالي والتضامن معها اولا و لاتخاذ قرارات جديدة في هذه المعضلة ثانيا ولقطع الطريق على اليمين المتطرّف ثالثا.
فاليمين المتطرّف تلقّف الفرصة سريعا، حيث اتفق نائب رئيسة الوزراء الإيطالية ماتيو سالفيني وزعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان على تشكيل جبهة موحدة ضد أوروبا و"طوفان الهجرة"، ودعما "للشعوب" و"الهوية"، وذلك في لقاء عقد الأحد الماضي في إيطاليا تحضيرا للانتخابات الأوروبية سنة 2024.
أما الأزمة الثانية الحارقة أيضا فهي أزمة اوكرانيا، التي باتت عبئا ثقيلا وعملية استنزاف متواصلة لحاضر ومستقبل الشعوب الأوروبية وتهديدا حقيقيا لوحدة الاتحاد الأوروبي.
وقد أصبح واضحا مدى عمق الشرخ الذي أحدثته هذه الأزمة سياسيا واقتصاديا وعسكريا حيث بدأت الأصوات المنادية بالسلام تتعالى ، مع تزايد المظاهرات الرافضة للتمشي الحالي في تمويل وتسليح أوكرانيا على حساب رفاهية الشعب الاوروبية.
ووصل الخلاف حد اعتزام اوكرانيا مقاضاة كلٍّ من بولندا(أحد أبرز داعميها في الحرب) والمجر وسلوفاكيا، بسبب رفضهم إسقاط الحظر المفروض على المنتجات الزراعية الأوكرانية.
من جهة أخرى وبالتوازي مع هذين الأزمتين، طفا الى السطح مجدّدا وبقوة الصراع الألماني الفرنسي داخل البيت الأوروبي حول من يكون ربّان البيت سياسيا وخاصة اقتصاديا.
فقد كشفت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية عن مواجهةٍ محتدمة بين فرنسا وألمانيا، أوضحتها خلافات البلدين بشأن ما سمّته امتلاك "تاج الصناعة الأوروبي"، حيث تسعى كل منهما للحصول على ميزةٍ إضافية بقيادة التصنيع في أوروبا.
ولفتت إلى أنّ المواجهة تخاطر بتقويض الجهود الأوروبية المبذولة لمواجهة الولايات المتحدة والصين اقتصادياً وصناعياً، كون الخلافات مِن شأنها إبطاء عدّة مسارات للتقدم وضعها القادة الأوروبيون.
عواصف وأعاصير سياسية واقتصادية إذن، باتت تحاصر وحدة البيت الاوروبي وقد تمزّقه الى أشلاء، في ظلّ عالم متغيّر وصراع شرس حول التعدّدية القطبية التي قد تجد اوروبا نفسها مجرّد تابع كما كان الحال في عالم القطب الواحد.
بدرالدّين السّيّاري
باتت الأزمات المختلفة تحاصر القارة العجوز من كل حدب وصوب، فمن أزمة الهجرة الى أزمة أوكرانيا وصولا الى صراع القيادة بين فرنسا وألمانيا، يمرّ الاتحاد الاوروبي بامتحان عسير قد يهزّ أركانه.
وتأتي أزمة الهجرة على رأس ملفات الحارقة التي كانت ولا تزال تثير انقساما وتحديات واسعة بين الاوروبيين، خاصة مع تزايد ضغط اليمين المتطرّف على النخب الوسطية والاشتراكية الحاكمة.
هذا الملف أصبح صداعا حادا في رأس المسؤولين سواء من في السلطة منهم أو في المعارضة، وبات هو الخيط الرفيع في لعبة المناكفات السياسية وحتى في اللعبة الانتخابية وفي العلاقات مع دول جنوب المتوسّط.
وتشهد أوروبا استنفارا كبيرا على خلفية أزمة المهاجرين في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية حيث وصل إلى الجزيرة نحو 8500 شخص بين الاثنين والأربعاء الماضيين على متن 199 مركبًا، وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وتنتقد رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني نقص التضامن الأوروبي مع إيطاليا، التي تعد أبرز نقطة وصول في القارة للمهاجرين الوافدين عبر المتوسط، واستقبلت هذا العام نحو 130 ألف منهم.
وهذا ما جعل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تحط على وجه السرعة في "جزيرة المهاجرين"، للتخفيف من وطأة الغضب الايطالي والتضامن معها اولا و لاتخاذ قرارات جديدة في هذه المعضلة ثانيا ولقطع الطريق على اليمين المتطرّف ثالثا.
فاليمين المتطرّف تلقّف الفرصة سريعا، حيث اتفق نائب رئيسة الوزراء الإيطالية ماتيو سالفيني وزعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان على تشكيل جبهة موحدة ضد أوروبا و"طوفان الهجرة"، ودعما "للشعوب" و"الهوية"، وذلك في لقاء عقد الأحد الماضي في إيطاليا تحضيرا للانتخابات الأوروبية سنة 2024.
أما الأزمة الثانية الحارقة أيضا فهي أزمة اوكرانيا، التي باتت عبئا ثقيلا وعملية استنزاف متواصلة لحاضر ومستقبل الشعوب الأوروبية وتهديدا حقيقيا لوحدة الاتحاد الأوروبي.
وقد أصبح واضحا مدى عمق الشرخ الذي أحدثته هذه الأزمة سياسيا واقتصاديا وعسكريا حيث بدأت الأصوات المنادية بالسلام تتعالى ، مع تزايد المظاهرات الرافضة للتمشي الحالي في تمويل وتسليح أوكرانيا على حساب رفاهية الشعب الاوروبية.
ووصل الخلاف حد اعتزام اوكرانيا مقاضاة كلٍّ من بولندا(أحد أبرز داعميها في الحرب) والمجر وسلوفاكيا، بسبب رفضهم إسقاط الحظر المفروض على المنتجات الزراعية الأوكرانية.
من جهة أخرى وبالتوازي مع هذين الأزمتين، طفا الى السطح مجدّدا وبقوة الصراع الألماني الفرنسي داخل البيت الأوروبي حول من يكون ربّان البيت سياسيا وخاصة اقتصاديا.
فقد كشفت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية عن مواجهةٍ محتدمة بين فرنسا وألمانيا، أوضحتها خلافات البلدين بشأن ما سمّته امتلاك "تاج الصناعة الأوروبي"، حيث تسعى كل منهما للحصول على ميزةٍ إضافية بقيادة التصنيع في أوروبا.
ولفتت إلى أنّ المواجهة تخاطر بتقويض الجهود الأوروبية المبذولة لمواجهة الولايات المتحدة والصين اقتصادياً وصناعياً، كون الخلافات مِن شأنها إبطاء عدّة مسارات للتقدم وضعها القادة الأوروبيون.
عواصف وأعاصير سياسية واقتصادية إذن، باتت تحاصر وحدة البيت الاوروبي وقد تمزّقه الى أشلاء، في ظلّ عالم متغيّر وصراع شرس حول التعدّدية القطبية التي قد تجد اوروبا نفسها مجرّد تابع كما كان الحال في عالم القطب الواحد.
بدرالدّين السّيّاري
