مع الشروق..تونس ليست حارس المتوسط

مع الشروق..تونس ليست حارس المتوسط

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/03/16

تونس لا يمكن أن تكون حارسا للمتوسط ، وتمنع المتسللين من شواطئها في اتجاه الضفة الشمالية للمتوسط، وتحديدا وبأكثر دقة الاراضي الإيطالية. 
صحيح أن أغلب المتجهين  نحو أوروبا في هجرات بحرية غير نظامية ينطلقون من السواحل التونسية، لكنهم من جنسيات مختلفة وليسوا فقط من التونسيين، وهناك عصابات دولية للاتجار بالبشر  تدير هذا الملف. 
وصحيح أيضا أن تونس تجند كل قواتها الأمنية لملاحقة المتسللين عبر شواطئها، وغالبا ما تنجح في احباط عديد محاولات الابحار خلسة وتتمكن من انقاذ وإيقاف الاف المهاجرين غير النظاميين ، أغلبهم من دول افريقيا جنوب الصحراء وهو جهد تقوم به بإمكانياتها الذاتية الضعيفة ، وتحتاج فيه الى جهود الاتحاد الاوروبي الذي يريد أن تُمارس تونس مجانا دور شرطي الضفة الجنوبية للمتوسط لمنع ابنائها وغيرهم من الوصول الى « الجنّة « الأوروبية بحثا عن تحسين أوضاعهم الاجتماعية . 
في الأيام الاخيرة تحركت إيطاليا وتبنت موقفا لمساعدة تونس في أزمتها الاقتصادية والمالية ودعوة أطراف أخرى، ومنها الامارات العربية المتحدة لارسال نصف مليار دولار لتونس لمساعدتها على الخروج من أزمتها. 
ويتساءل المراقبون كيف أن قلب إيطاليا أصبح ينبض لفائدة تونس،  ليشتد الحرص على منع بلادنا من السقوط في الانهيار المالي ، قبل الحصول على قرض صندوق النقد الدولي. 
لا شيء بين الدول غير المصالح، وإيطاليا ومن ورائها الاتحاد الاوروبي لا يساعدان تونس لوجه الله أو حتى ليجد أبناؤها مواطن شغل في بلادهم تغنيهم عن المغامرة بركوب « قوارب الموت « فتشفى إيطاليا،  ومعها الدول الأوروبية ، من صداع الهجرة غير النظامية. 
مقايضة تونس بملايين الدولارات لحراسة المتوسط ومنع تدفق المهاجرين المتزايد ليس حلا مجديا ولا مجزيا ، وما يتم دفعه ليس الا فتاتا مقارنة لما يدفعه الأوروبيون لدول أخرى داخل الاتحاد وخارجه . 
ثم لماذا يدير الاتحاد الاوروبي ظهره لاتفاقية الشراكة مع تونس المبرمة قبل نحو ثلاثة عقود ويغمض عينيه على حرية تنقل المواطنين داخل الفضاء المشترك ، فيحرص على دخول مواطنيه الى بلادنا بكل حريّة في ما يقيّد دخول مواطنينا الى الاتحاد الاوروبي بتأشيرة يعسر يوما بعد يوم الحصول عليها؟ 
إن الأوروبيين برسمييهم و أحزابهم ومجتمعهم المدني مطالبون بتغيير سياسات التضامن والجوار مع تونس ووضع استراتيجيات جديدة تقوم على التكامل والمصلحة المشتركة، فتونس مهما تفاقمت أزمتها الاقتصادية والاجتماعية تبقى دولة ذات سيادة لا يمكن أن تفرِّط فيها ولا تقبل أن تكون خادما لدى أي دولة أو كيان وعلى مسؤوليها التحدّث مع الأوروبيين من هذا المنطلق وبندية تامة فأوروبا ليست قدرنا الوحيد ولا شريكنا الأوحد ولا يمكن أن نتلقى تعليمات أو املاءات من أي كان ولا يجب أن تنظر إلينا أوروبا كسوق لموادها أو مستفيد حصري لثرواتنا ومنتوجاتنا.
نجم الدين العكّاري 

تعليقات الفيسبوك