مع الشروق..للأقصى شعب... يحميه

مع الشروق..للأقصى شعب... يحميه

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/09/28

بكل الصلف وبكل الغطرسة... ووسط صمت عربي مريب ولا مبالاة دولية كاملة تواصل قوات الاحتلال الصهيوني وجحافل المستوطنين استباحة المسجد الأقصى... المشهد بات يتكرر يوميا وهو أبعد من أن يكون حركات معزولة تنفذها قطعان المستوطنين... ويرقى إلى مرتبة سياسة دولة... سياسة ممنهجة ترمي إلى تحقيق عديد الأهداف على درب تهويد الأقصى تكريسا لـ«يهودية دولة إسرائيل» على أرض الواقع...
ولئن كانت أهداف المخطط الصهيوني كثيرة ومتنوعة إلا أنه يمكن تسليط الضوء على أبرزها. وفي هذا الباب تأتي مسألة نفسية في غاية الأهمية وتتمثل في سعي الاحتلال الصهيوني وكما كسر الحاجز النفسي الذي كان بمثابة الجدار الأول الذي يصد التطبيع، إلى كسر الحاجز النفسي في علاقة بتوغل القوات الصهيونية والمستوطنين الصهاينة داخل الأقصى... ذلك أن الصهاينة يهدفون إلى تعويد العرب والمسلمين وكل العالم على مشهد الاقتحامات والصراعات والتجاذبات حول الأقصى... ومن ثم الدفع  نحو الهدف الخفي ممثلا في تقسيم الأقصى بعد اقتلاع موطئ قدم بقوة الحديد والنار وبغطرسة قطعان المستوطنين. وإذا وضعنا في الاعتبار أن الأقصى برمزيته وبمكانته لدى الفلسطينيين ولدى كل العرب والمسلمين يشكل شوكة في حلق الصهاينة وكل مخططاتهم سوف تتحطم على أسوار القدس ما لم ينجحوا في فرض أمر واقع جديد بقوة السلاح وبتكرار عمليات الاقتحام وبالتنكيل بالمرابطين الفلسطينيين بغية انتزاع «شرعية ما» و«أحقية» في الحصول على موطن عبادة لليهود لذلك يصرّون على فرض هذه «الشرعية» الوهمية حتى يمكن لهم البناء عليها مستقبلا لدحر المسلمين وتهويد المعلم بالكامل أو حتى لتذويبه بالحفريات التي تشكل تهديدا جديا للمسجد. وقد نستيقظ ذات يوم لنكتشف أن الأقصى ردم في الركام نتيجة الحفريات التي لا تتوقف.
هذه الخطوات الصهيونية ليست خطوات عشوائية ولا هي تحركات فرضتها أمزجة وحسابات المستوطنين والمتشددين الدينيين بل هي سياسة دولة تندرج ضمن المشروع الصهيوني الهادف إلى تهويد كل فلسطين حتى تصبح موطنا لـ«دولة يهودية»، وهي عملية لن تكون ممكنة مع الحضور المدوي للمعالم الإسلامية والمسيحية في القدس. لذلك يستهدفها الصهاينة ويعملون بدأب على طمسها حتى تسهل عملية التهويد... وفي هذا الباب فإن الصهاينة لا يعدمون السياسات المخادعة والأساليب الملتوية التي تصبّ كلها في خانة تنويم وتدويخ الفلسطينيين ومن ورائهم كل العرب والمسلمين حتى يبتلعوا «الطعم» شيئا فشيئا... والاقتحامات في هذا المجال هي رأس الحربة في المخطط.
وسوف يتبعها المزيد من البطش والتنكيل تبريرا لفكرة تقسيم الأقصى ومنح مكان عبادة داخله للصهاينة.. وحين تنجز هذه الفكرة فإنه سوف يسهل ابتلاع المعلم بالكامل وسيكون من الأيسر على الفلسطينيين وعلى المسلمين هضم الفكرة طالما أنهم فرّطوا بنصف الأقصى فما الضرر حينها بالتفريط في كل الأقصى.
لئن كان جزء من النظام الرسمي العربي قد طبّع مع الصهاينة ما يعد ضوءا أخضر لاستمكال هذه المخططات الجهنمية... ولئن كانت الشعوب العربية قد غرقت أو أغرقت في همومها الحياتية اليومية بحيث بدأت تطبّع مع مشهد الاقتحامات لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. ولكن كان العالم والشرعية الدولية والمجتمع الدولي قد أداروا ظهورهم لقضية الشعب الفلسطيني... فإن هذا الشعب وبما يملكها من الإرادة ومن التصميم ومن الإيمان بعدالة قضيته وبضرورة طلوع شمس الحرية في فلسطين سوف يعرف كيف يجهض كل مخططات الصهاينة وكيف يبتكر الأساليب النضالية الكفيلة بحماية الحق الفلسطيني والأرض الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية... وليعلم الصهاينة وكل المتخاذلين أن للأقصى شعب يحميه... وللقضية شعب يحملها.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك