مع الشروق..فوضى الميليشيات المسلّحة في ليبيا

مع الشروق..فوضى الميليشيات المسلّحة في ليبيا

تاريخ النشر : 07:29 - 2022/07/24

لا شيء يعلو فوق صوت الرصاص هذه الأيام في ليبيا – ومنذ سنوات في الأصل- بين الميليشيات المسلحة التي تتصارع على السلطة والنفوذ، في وقت عجزت فيه جميع الأطراف الداخلية والدولية عن وضع حد لهذه الفوضى.


الجولة الأخيرة من المواجهات العنيفة بين الميليشيات، كانت ضارية ومختلفة عن سابقاتها لكثافة السلاح المستعمل (المتوسّط والثقيل)،  حيث شهدت سقوط أكثر من 10 قتلى بينهم مدنيون.


أكثر من ذلك توسّعت دائرة المواجهات لتشمل عدّة مناطق عكس المواجهات السابقة التي كانت تدور ضمن أحياء ومناطق معيّنة وهو ما أحدث بلبلة وفوضى عارمة لا تزال متواصلة.


كما أن الجديد هذه المرة هو بروز طرفين في واجهة الصراع حيث تمثّل ميليشيا "القوة المشتركة" رئيس الحكومة المنتهية ولايته عبدالحميد الدبيبة، فيما تمثّل ميليشيا "لواء المحجوب" رئيس الحكومة المعيّن من البرلمان فتحي باشاغا.


ونقل  الطرفان (الدبيبة وباشاغا)  الصراع بينهما الى مسقط رأسهما الاثنين مصراته، حيث دارت اشتباكات ضارية صباح أمس على الطريق الساحلي وذلك بالتوازي مع الصراع المندلع في العاصمة طرابلس.


ما يمكن تأكيده أن ليبيا تحوّلت فعلا-وهذا أمر مؤسف- الى بلد الميليشيات التي تقتل وتنهب وتعربد دون حسيب أو رقيب، بل وبتواطؤ من السياسيين الذين ينشدون السلطة برغبة دموية.


طبعا هذا التواطؤ الداخلي يخفي تواطؤ آخر هو في الأصل سبب ما وصلت اليه البلاد اليوم، وهو التواطؤ الدولي أين تتصارع القوى الاقليمية والدولية على الكعكة الليبية دون مراعاة أو اهتمام بالشعب الليبي الذي يعاني ويلات الفوضى منذ غزو الناتو للبلاد سنة 2011.


فمنذ ذلك التاريخ تغذّي القوى الدولية المتصارعة على الكعكة الليبية الفرقة بين أبناء البلد الواحد وتقسّم كما تريد الجغرافيا الليبية حسب الثروات مستغلّة نهم المسؤولين الليبيين تجاه السلطة على حساب مصلحة بلدهم.


وإلا كيف لدولة قائمة الذات يأتي الناتو سنة ليدمرها تدميرا ممنهجا بدعوى الديمقراطية، تجد نفسها اليوم وبعد 11 سنة غارقة في الفوضى والدمار وتديرها حكومتان وبرلمان ومجلس أعلى للدولة ومجلس رئاسي وجيشان ومئات الميليشيات؟
أين الديمقراطية والحرية والأمن والسلام والرفاهية التي بشّرت بها طائرات "الناتو" وهي تقصف المدن الليبية بدعوى تخليصها من نظام العقيد الراحل معمّر القذافي الذي نختلف ونتّفق حول حكمه؟
لماذا تصمت بل وتغذّي كل هذه القوى "الديمقراطية" الغربية الصراع في ليبيا لا لشيء إلا لنيل مصالحها على حساب شعب ذاق الويلات ولا يزال في وقت قسّمت فيه البلاد فعليا الى ثلاثة أقاليم؟


إن ما نراه اليوم في ليبيا هو ديمقراطية الفوضى الخلاقة وليس الديمقراطية الحقيقية التي يوفّرها الغربيون لشعوبهم، وهي مدخل استعماري ناعم للسيطرة على مقدرّات الشعوب واستنزاف ثرواته لا غير.
فالعالم الغربي المتحضّر والديمقراطي أثبت بما لا يدع مجال للشكّ أن ما لا يؤخذ بالقوة يأخذ بالديمقراطية كسلاح فتّاك يظنّه الظمآن ماء وإذا به يتجرّع سمّا قاتلا مع الزمن.


 بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك