مع الشروق..أمريكا والعودة إلى الشرق الأوسط

مع الشروق..أمريكا والعودة إلى الشرق الأوسط

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/07/18

أثارت الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن الى الكيان الاسرائيلي وفلسطين والسعودية، ولقائه بتسعة زعماء عرب  مخاوف عميقة وجدلا واسعا ، حول مآلات هذه الجولة وتداعياتها وتأثيراتها على مستقبل الشرق الاوسط، خاصة أنّها تأتي في اطار التحضير لمشروع حرب جديدة تتزامن  مع عودة النفوذ الامريكي إلى المنطقة بعد الانسحاب المرير والمهين من أفغانستان.
هذه المخاوف فجرتها التهديدات الامريكية لطهران بعد الحديث عن سعي واشنطن تشكيل تحالف عربي صهيوني ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية تحت ذريعة امتلاكها للنووي ، في حين يتم التغاضي عن امتلاك الصهاينة لهذا السلاح الفتاك حيث تؤكد مصادر رسمية وغير رسمية ان الاحتلال الاسرائيلي يعتبر القوة النووية الخامسة في العالم، وذلك لحيازته رؤوسا نووية يمكن إطلاقها إلى مسافات تبلغ 1500 كيلومتر باستخدام صواريخها المسماة "أريحا"، إضافة للقنابل النووية التي يمكن إلقاؤها من الجو.
ومقابل ذلك لا تمتلك ايران اي سلاح نووي جاهز ، بل كل ما في الامر ان طهران تقوم بنشاطات نووية سلمية تتماشى مع الالتزامات الدولية ، اضافة الى رفعها  لوتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب القادر على انتاج القنبلة النووية. ومن الطبيعي ان تطلق جميع الدول صيحة فزع بسبب انتشار الانشطة النووية ولكن من غير المقبول ان يتم محاصرة ايران بشكل استثنائي في وقت تواصل فيه بقية دول العالم انتاج وتكديس الاسلحة النووية المدمرة.
وبحوصلة الزيارة الامريكية التي قام بها الرئيس جو بايدن الى المنطقة والتي وصفت بالفاشلة ، نستنتج ان هدف امريكا الاول محاصرة ايران وتشكيل حلف عسكري لمواجهتها  وتعزيز مكانة الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة  وضمان تفوقه العسكري.
لكن الهدف الاخطر والذي اعتبر بمثابة صفعة كبيرة للفلسطينيين هو إعلان القدس الذي وقعه بايدن مع قادة الاحتلال ، والذي اكد خلاله ضرورة دمج الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة العربية اي الضغط على بعض الدول الخليجية المؤثرة لإقامة علاقات مع هذا الكيان الغاصب. ومن هنا يتبين ان الفلسطينيين هم من سيدفعون فاتورة هذه العودة الامريكية الى المنطقة خلال الفترة المقبلة، والتي ستعمل خلالها واشنطن على تعزيز مكانة الصهاينة وضمان قوّتهم الامنية والعسكرية مقابل اضعاف كل القوى المقاومة وعلى  رأسهم الفصائل الفلسطينية وحزب الله اللبناني. كما ان الفترة المقبلة التي تلي الجولة الامريكية ستكون حساسة على مستقبل القضية الفلسطينية اذا استجابت بعض الدول العربية لضغوط التطبيع.
وإذا كانت مساعي الرئيس الأمريكي ستفشل في تشكيل قوة عسكرية عربية اسرائيلية ضد ايران بسبب الرفض الصريح لهذه الفكرة من قبل بعض الدول الخليجية ، فإن جر بعض الحكومات الى خانة التطبيع أمر ممكن وهو ما يؤكد ان الجولة الامريكية التي قام بها بايدن تستهدف في جوهرها تصفية القضية الفلسطينية كهدف رئيسي. ورغم هذه النوايا الامريكية فإنه من المؤكد أنّ الفلسطينيين سيتمكّنون حتما من مواجهة هذه المخططات الامريكية والانتصار لقضيتهم العادلة كما عهدناهم منذ عقود حين قدموا الغالي والنفيس وزفوا آلاف الشهداء لإحباط كل المشاريع الرامية الى تصفية قضيّتهم العادلة.
ناجح بن جدو

تعليقات الفيسبوك