مع الشروق.. معارك العلم و«أزمة التعليم»
تاريخ النشر : 07:00 - 2022/07/13
حدث عالمي غير مسبوق و لحظة تاريخية استثنائية، شاهدها مئات الملايين حول العالم في بضع ساعات فقط، هي لحظة "الانبعاث الأول. أو "بينغ بانغ" كما يحلو للعلماء تسميتها، حدث أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وكشفته وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" يتمثل في نشر أول صور ملونة التقطها تلسكوب جيمس ويب الفضائي للكون باكمله.
نشرت "ناسا " أول صورة بالألوان الكاملة من تلسكوب " جيمس ويب" الفضائي، وهي أول صورة بالأشعة تحت الحمراء لعنقود من المجرات تعرض لمحة هي الأكثر تفصيلا على الإطلاق للكون في طوره الأول، اي صورة تشكل آلاف المجرات بُعيد ما يسمى " الانفجار العظيم" قبل أكثر من 13 مليار سنة.
هذه الصورة التي تلتها مجموعة من الصور الأخرى، تصدرت نشرات الاخبار في كل وسائل الإعلام وأصبحت في ساعات فقط اول ما يُبحث عنه في محركات البحث عبر العالم، ودخل العلماء في مسار مقارنات مع الصورة التي التقطها التلسكوب" هابل " منذ فترة.
خلص اغلب العلماء إلى أن الفرق بين الصورتين، هو أن الصورة الحديثة، تعرض عنقودا من المجرات و لمحة هي الأكثر تفصيلا على الإطلاق للكون في طوره الأول، وأطنبوا في الحديث عن امتياز التلسكوب " جيمس ويب" المطلي بالذهب والذي انفقت عليه الولايات المتحدة الأمريكية 10 مليارات دولار، وهو أكبر وأقوى تلسكوب لعلوم الفضاء على الإطلاق.
معارك علمية محتدمة منذ عشرات السنوات ،مركزها الأساسي دراسة الغلاف الجوي لتحديد ما إذا كانت هناك حياة خارج الكرة الأرضية، أو إمكانية تحويل بعض الكواكب إلى عوالم مواتية لتطور الحياة، وهو ما دفع عددا من الدول الى تخصيص مبالغ ضخمة للبحث العلمي، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلا تخصص أكثر من 400 مليار دولار سنوياً للبحث والتطوير، تليها الصين بحجم إنفاق يقارب على 300 مليار دولار ، ثم اليابان بـ160 مليار دولار .
بالتوازي مع هذه الأرقام اللافتة نجد أن ميزانيات البحث والتطوير لا تبلغ حتى المليار الواحد في ثماني دول مجتمعة هي لاتفيا، والسودان، والجزائر، وكوستاريكا، وأوغندا، وبتسوانا، وأذربيجان، و إثيوبيا.. وتونس تسير في نفس هذا المسار.
بلغت ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي سنة 2022 ما يعادل 1481000 مليون دينار، وكانت سنة 2021 ما يقارب 1828.000 مليون دينار ،وهي ميزانية ضعيفة جدا ولا تصل حتى الى 2 بالمائة من حجم ميزانية الدولة ،واغلبها يتم رصده لنفقات التأجير والتسيير والخدمات الجامعية.
وسط هذه المعارك العلمية التي يسعدها العالم، سارت تونس في السنوات الماضية بخطى حثيثة نحو محول الجهل والتجهيل، إذ غاب عن المنظومة التعليمية برنامج اصلاح واضح ودقيق وتعاقب الوزراء بلا أثر يذكر سوى فتح معارك جانبية لا علاقة لها بالتعليم والعلم.
كل هذا يضاف إلى العدد المرعب من التلاميذ الذين يغادرون مقاعد الدراسة سنويا، إذ خلُصت دراسة أنجزها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 2921 إلى أن أكثر من 100 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا، وأن قرابة مليون تلميذ انقطعوا عن التعليم في العقد الأخير.
حتى الفضاءات التي كان من المفترض أن يُدار فيها النقاش العام وتساهم في التثقيف والتشبث بالعلم والمعرفة، وهي المنابر الاعلامية تحول أغلبها إلى مساحات لترويج فكر الخرافة والشعوذة والتسويق للعنف والانحراف، ودخلت في مسارات ترذيل العلم والعلماء حتى هجرها المفكرون والمثقفون.
لا تقدم للأمم إلا بالعلم، هذا ما يجب ادراكه والعمل على ترسيخه في العقل التونسي، حتى تتمكن تونس من تجاوز رواسب سنوات من التجهيل و المعارك الجانبية التي لا دور لها سوى الهدم.
سرحان الشيخاوي
حدث عالمي غير مسبوق و لحظة تاريخية استثنائية، شاهدها مئات الملايين حول العالم في بضع ساعات فقط، هي لحظة "الانبعاث الأول. أو "بينغ بانغ" كما يحلو للعلماء تسميتها، حدث أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، وكشفته وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" يتمثل في نشر أول صور ملونة التقطها تلسكوب جيمس ويب الفضائي للكون باكمله.
نشرت "ناسا " أول صورة بالألوان الكاملة من تلسكوب " جيمس ويب" الفضائي، وهي أول صورة بالأشعة تحت الحمراء لعنقود من المجرات تعرض لمحة هي الأكثر تفصيلا على الإطلاق للكون في طوره الأول، اي صورة تشكل آلاف المجرات بُعيد ما يسمى " الانفجار العظيم" قبل أكثر من 13 مليار سنة.
هذه الصورة التي تلتها مجموعة من الصور الأخرى، تصدرت نشرات الاخبار في كل وسائل الإعلام وأصبحت في ساعات فقط اول ما يُبحث عنه في محركات البحث عبر العالم، ودخل العلماء في مسار مقارنات مع الصورة التي التقطها التلسكوب" هابل " منذ فترة.
خلص اغلب العلماء إلى أن الفرق بين الصورتين، هو أن الصورة الحديثة، تعرض عنقودا من المجرات و لمحة هي الأكثر تفصيلا على الإطلاق للكون في طوره الأول، وأطنبوا في الحديث عن امتياز التلسكوب " جيمس ويب" المطلي بالذهب والذي انفقت عليه الولايات المتحدة الأمريكية 10 مليارات دولار، وهو أكبر وأقوى تلسكوب لعلوم الفضاء على الإطلاق.
معارك علمية محتدمة منذ عشرات السنوات ،مركزها الأساسي دراسة الغلاف الجوي لتحديد ما إذا كانت هناك حياة خارج الكرة الأرضية، أو إمكانية تحويل بعض الكواكب إلى عوالم مواتية لتطور الحياة، وهو ما دفع عددا من الدول الى تخصيص مبالغ ضخمة للبحث العلمي، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلا تخصص أكثر من 400 مليار دولار سنوياً للبحث والتطوير، تليها الصين بحجم إنفاق يقارب على 300 مليار دولار ، ثم اليابان بـ160 مليار دولار .
بالتوازي مع هذه الأرقام اللافتة نجد أن ميزانيات البحث والتطوير لا تبلغ حتى المليار الواحد في ثماني دول مجتمعة هي لاتفيا، والسودان، والجزائر، وكوستاريكا، وأوغندا، وبتسوانا، وأذربيجان، و إثيوبيا.. وتونس تسير في نفس هذا المسار.
بلغت ميزانية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي سنة 2022 ما يعادل 1481000 مليون دينار، وكانت سنة 2021 ما يقارب 1828.000 مليون دينار ،وهي ميزانية ضعيفة جدا ولا تصل حتى الى 2 بالمائة من حجم ميزانية الدولة ،واغلبها يتم رصده لنفقات التأجير والتسيير والخدمات الجامعية.
وسط هذه المعارك العلمية التي يسعدها العالم، سارت تونس في السنوات الماضية بخطى حثيثة نحو محول الجهل والتجهيل، إذ غاب عن المنظومة التعليمية برنامج اصلاح واضح ودقيق وتعاقب الوزراء بلا أثر يذكر سوى فتح معارك جانبية لا علاقة لها بالتعليم والعلم.
كل هذا يضاف إلى العدد المرعب من التلاميذ الذين يغادرون مقاعد الدراسة سنويا، إذ خلُصت دراسة أنجزها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 2921 إلى أن أكثر من 100 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا، وأن قرابة مليون تلميذ انقطعوا عن التعليم في العقد الأخير.
حتى الفضاءات التي كان من المفترض أن يُدار فيها النقاش العام وتساهم في التثقيف والتشبث بالعلم والمعرفة، وهي المنابر الاعلامية تحول أغلبها إلى مساحات لترويج فكر الخرافة والشعوذة والتسويق للعنف والانحراف، ودخلت في مسارات ترذيل العلم والعلماء حتى هجرها المفكرون والمثقفون.
لا تقدم للأمم إلا بالعلم، هذا ما يجب ادراكه والعمل على ترسيخه في العقل التونسي، حتى تتمكن تونس من تجاوز رواسب سنوات من التجهيل و المعارك الجانبية التي لا دور لها سوى الهدم.
سرحان الشيخاوي
