مع الشروق.. تونس وقمة أوروبا افريقيا: فُرصة.. وانتظارات

مع الشروق.. تونس وقمة أوروبا افريقيا: فُرصة.. وانتظارات

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/02/18

تأتي مشاركة تونس في قمة الاتحاد الأوروبي-الاتحاد الإفريقي ببروكسل، التي انطلقت أمس وتتواصل اليوم، في وقت مناسب تحتاج فيه الدولة إلى مزيد تقوية حضورها في المحافل الدولية وشراكاتها المختلفة مع عديد الدول، وإلى توضيح صورتها "الجديدة" التي ظلت محلّ جدل وانتقادات لدى عديد الأطراف الأجنبية وهو ما أثر على سمعتها في الخارج..
امتحان ديبلوماسي من الحجم الكبير تخوضه تونس بمناسبة هذه القمة، بحضور رئيس الدولة، ويستمد أهميته من الطابع الرسمي للتظاهرة وتوقيتها بالنسبة لتونس وأيضا من الطابع متعدد الأبعاد للقمة: بُعد أول يشمل تونس من ناحية انتمائها الافريقي والمغاربي وبعد ثان يهمّ علاقتها بشريكها الاقتصادي الأول الاتحاد الأوروبي، وبُعد ثالث على مستوى علاقاتها الثنائية بمختلف الدّول المشاركة.
على المستوى الافريقي، تُمثل القمة وما ستتيحه من لقاءات رفيعة المستوى، فرصة هامة لتونس لمزيد التباحث حول تقوية حضورها في العمق الافريقي عبر شراكات اقتصادية قوية مع عديد دول القارة وعبر الترويج لنفسها. فافريقيا أصبحت تمثل اليوم سوقا اقتصادية مفتوحة وواعدة تدير إليها أنظار كل العالم وتتوفر بتونس كل الإمكانات والعوامل التي تمكن من اكتساحها..
وعلى الصعيد المغاربي، ستكون القمة مناسبة لاستعراض وتدارس الشواغل المشتركة بين دول اتحاد المغرب العربي والاتحاد الأوروبي خاصة ملف الهجرة غير الشرعية الذي تنامى الجدل حوله في الآونة الأخيرة وملف الإرهاب. كما يظل الملف الليبي أحد أبرز اهتمامات الدول المغاربية والافريقية وفي مقدمتها تونس، وستتيح القمة فرصة مزيد التباحث مع الجانب الأوروبي حول الحلول الممكنة له.
وعلى المستوى الأوروبي، لا يمكن أن تكون القمة سوى مناسبة تاريخية لتونس لمواصلة تثبيت علاقتها المتينة مع الاتحاد الأوروبي، شريكها الاقتصادي الأول. فهذه الشراكة تمرّ بين الحين والآخر ببعض التقلبات وهو ما يستوجب "تحيينها" باستمرار وإحاطتها بمزيد من الحصون في وقت يزداد فيه التنافس بين عديد دول العالم على الاقتراب من دول القارة العجوز.
ومن الناحية الاقتصادية والمالية، تُمثل القمة أمام الوفد التونسي المشارك فرصة لمزيد حشد الدعم الذي تحتاجه تونس في هذا الظرف الصعب الذي تمرّ به. فعديد الدول الأوروبية سبق أن قدّمت وعودا بالوقوف إلى جانب تونس اقتصاديا وماليا وفنيا، خاصة في ظل مساعي تونس للحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي، لكن تنفيذ هذه الوعود تأخر رغم أن الامر يتعلق بشريك اقتصادي وسياسي هام.
وبشكل عام، تمثل القمة فرصة هامة لتونس لمواصلة الترويج لنفسها في أوروبا كمنصة متوسطية نموذجية مفتوحة نحو إفريقيا والمغرب العربي ومنطقة الشرق وذلك بفضل موقعها الجغرافي المتميز وما يتوفر فيها من عوامل وإمكانات متنوعة ومن سمعة دولية محترمة. فكل ذلك يمثل ورقة لعب قوية تتيح لها الاستفادة خلال هذه القمة من مختلف فرص الانفتاح والشراكة دوليا وإقليميا.
وبعيدا عن الأهمية الاقتصادية، يجب أن تمثل القمة وما سيتخللها من لقاءات مباشرة على أعلى مستوى بين الرئيس قيس سعيد وقادة الدول المشاركة، مناسبة لتوضيح حقيقة ما يجري اليوم في تونس من "تغيير" وخاصة للوقوف على حقيقة المواقف الخارجية الرسمية منه. وتتأكد أهمية ذلك في ظل ما تردّد طيلة الأشهر الماضية عن وجود تململ وعدم رضا خارجي تجاه بعض الإجراءات المتخذة، والذي بلغ في بعض الأحيان حدّ التلويح باتخاذ قرارات اقتصادية ومالية ضد تونس ومحاولة التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية ومحاولة المسّ من سيادتها واستقلال قرارها..
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك