"نصوص مهرّبة" ليونس السلطاني 2-2: أقاصيص تسطّر للإفلات من الحيرة والعبث
تاريخ النشر : 13:14 - 2022/02/14
قصة "هلوسة" ص 30
"أغراه منصبه الجديد. عبث بأصدقاء الأمس. أبعد الكفاءات. أصابه داء المؤامرة. صار لا يفرّق بين المؤتمن والخائن".
ما تخفيه هذه القصة هو أمر خطير. أقصد موت الإنسانية. ذاك الموت المعنوي والمادي للقيم الجميلة.. إننا أمام حالة من العبثية في غياب الحكمة. فبخلاف ما تبرزه القصة من مأساوية إلا أنها توحي بالسخرية من أنماط بشرية تعيش الرّعب بسبب ضعف في الشخصية. تعيش مرض نفسي قاتل. هو الشك.. أن تمرض بالشك يعني الدمار الشامل..
والجانب الفني الذي توفر في هذا النص. هو التكثيف. لم يعمل الكاتب على تنميق لغته أو طلسمة الحدث. بل ذهب مباشرة للموضوع. حيث كان البناء دائريا يعود بك من حيث انطلقت. أي العنوان. بمعنى (الدنيا دوّارة) كما يقال. ثمّ أنّ عامل السخرية هنا قام بدور المفارقة لتوفير جانب من جمالية النص. رغم أنّ هدف الكاتب كان واضحا. هو لفت نظر الجميع لما ينخر حياتنا اليومية من أمراض نفسية تتطلّب الارادة لعلاجها.
قصة "ثقوب" ص 67
"قيل في أمثال مجتمعنا "الباب الذي تأتيك منه الرّيح سِدّه واستريح"
سدَدنا كل الأبواب والنوافذ.. لازمنا الشعور بالاختناق حتى في غياب الرّيح..
جميل أن تلتجأ للحكمة أو المثل وتحسن استغلاله في عمل فني. (هذه ليست قصة مثلية) هي قصة قصيرة جدا. تلمّح ولا تصرّح. توفّر الحكاية -القصة - السرد. الوصف. الحوار. إلى جانب الشخصية. المكان الزمان. الفعل الدرامي. ستبقى هذه القصة حيّة بالأذهان وإن جاءت في شكل خبر. ولكن هل كل خبر يمكن أن يكون ق ق ج. لا أعتقد. هناك من النقاد من يرفض بشدّة هذا النمط من القصص ق ج.. ولأنّهم محقين في رؤيتهم -هؤلاء النقاد- فإني معهم. أوافقهم في رؤيتهم للقصة ق ج. إذ لا بدّ من حركية مسرحية - سينوغرافيا - على غرار القصة القصيرة - يُبنى من خلالها الحدث أي "مسرحة النص".
ننهي خواطرنا هذه بنص طريف هو الآخر ولكم مجال للتأويل:
قصة "شفافية" ص 40
"عندما نُشرت تجاوزات المدير على أعمدة إحدى الصحف الاستقصائية. صودرت ملفات المكلفين بقسم المالية وَأُحيلوا على المجلس ليقرّر طردهم بتهمة إفشاء السرّ المهني".
لقد استمتعنا بهذه القصص وخاصة مَا تحلّى به الكاتب من جُرأة في نقده للواقع المعيش. لأننا في حاجة إلى هذا النقد. في حاجة إلى من يرفع الغطاء وقلب قدور تغلي بمياه الخيانة كانت ستصبّ في تفاصيل حياتنا لنزداد ابتعادا عن التاريخ.

قصة "هلوسة" ص 30
"أغراه منصبه الجديد. عبث بأصدقاء الأمس. أبعد الكفاءات. أصابه داء المؤامرة. صار لا يفرّق بين المؤتمن والخائن".
ما تخفيه هذه القصة هو أمر خطير. أقصد موت الإنسانية. ذاك الموت المعنوي والمادي للقيم الجميلة.. إننا أمام حالة من العبثية في غياب الحكمة. فبخلاف ما تبرزه القصة من مأساوية إلا أنها توحي بالسخرية من أنماط بشرية تعيش الرّعب بسبب ضعف في الشخصية. تعيش مرض نفسي قاتل. هو الشك.. أن تمرض بالشك يعني الدمار الشامل..
والجانب الفني الذي توفر في هذا النص. هو التكثيف. لم يعمل الكاتب على تنميق لغته أو طلسمة الحدث. بل ذهب مباشرة للموضوع. حيث كان البناء دائريا يعود بك من حيث انطلقت. أي العنوان. بمعنى (الدنيا دوّارة) كما يقال. ثمّ أنّ عامل السخرية هنا قام بدور المفارقة لتوفير جانب من جمالية النص. رغم أنّ هدف الكاتب كان واضحا. هو لفت نظر الجميع لما ينخر حياتنا اليومية من أمراض نفسية تتطلّب الارادة لعلاجها.
قصة "ثقوب" ص 67
"قيل في أمثال مجتمعنا "الباب الذي تأتيك منه الرّيح سِدّه واستريح"
سدَدنا كل الأبواب والنوافذ.. لازمنا الشعور بالاختناق حتى في غياب الرّيح..
جميل أن تلتجأ للحكمة أو المثل وتحسن استغلاله في عمل فني. (هذه ليست قصة مثلية) هي قصة قصيرة جدا. تلمّح ولا تصرّح. توفّر الحكاية -القصة - السرد. الوصف. الحوار. إلى جانب الشخصية. المكان الزمان. الفعل الدرامي. ستبقى هذه القصة حيّة بالأذهان وإن جاءت في شكل خبر. ولكن هل كل خبر يمكن أن يكون ق ق ج. لا أعتقد. هناك من النقاد من يرفض بشدّة هذا النمط من القصص ق ج.. ولأنّهم محقين في رؤيتهم -هؤلاء النقاد- فإني معهم. أوافقهم في رؤيتهم للقصة ق ج. إذ لا بدّ من حركية مسرحية - سينوغرافيا - على غرار القصة القصيرة - يُبنى من خلالها الحدث أي "مسرحة النص".
ننهي خواطرنا هذه بنص طريف هو الآخر ولكم مجال للتأويل:
قصة "شفافية" ص 40
"عندما نُشرت تجاوزات المدير على أعمدة إحدى الصحف الاستقصائية. صودرت ملفات المكلفين بقسم المالية وَأُحيلوا على المجلس ليقرّر طردهم بتهمة إفشاء السرّ المهني".
لقد استمتعنا بهذه القصص وخاصة مَا تحلّى به الكاتب من جُرأة في نقده للواقع المعيش. لأننا في حاجة إلى هذا النقد. في حاجة إلى من يرفع الغطاء وقلب قدور تغلي بمياه الخيانة كانت ستصبّ في تفاصيل حياتنا لنزداد ابتعادا عن التاريخ.