مع الشروق..«عقــــارب» الساعــــــة !

مع الشروق..«عقــــارب» الساعــــــة !

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/11/15

الآن وقد هدأت مدينة عقارب ..أصبح الظرف يسمح بالتفكير بهدوء في موضوع المصبات أو مراكز التثمين التي تحولت إلى قضية رأي عام وطني ، فالمشاعر المستنفرة المتشنجة لا تترك مجالا ليشتغل العقل ويتخذ القرار الحكيم..
وزارة البيئة ، ونظيرتها  بالفلاحة والسياحة ، وكالة التصرف في النفايات ، المجلس الجهوي ، البلديات ، خبراء المجال البيئي ، المجتمع المدني بكل من صفاقس وعقارب والمحرس ، عليهم الجلوس معا على طاولة واحدة للخروج بحل نهائي لمعضلة النفايات في ولاية تجمع يوميا 650 طنا من الفضلات المنزلية ، علاوة على النفايات الطبية.. وهذا موضوع آخر .
   القرار الحكيم الواجب اتخاذه لا يمكن أن يكون على حساب هذه المنطقة أو تلك ، أو هذا القطاع أو ذاك .. والمعالجة لا بد ان تكون بتعقل وروية وتبصر واستشراف ، بعيدا عن حلول ظرفية سرعان ما تصبح دائمة لتخلق لاحقا مشاكل مستعصية.
لا توجد دولة في العالم إلا وتعاني من معضلة النفايات ، والتجربة البشرية أكدت أن أفضل الطرق تكمن في الحرق " الترميد " في أفران خاصة ، أو المعالجة والتثمين وتحويل الفضلات إلى مصدر للطاقة وإلى سماد ومواد عضوية والاستفادة منها حماية للبيئة وخلقا لمواطن الشغل عوضا عن خلق مواطن التوتر والاحتجاجات .
الإشكال المطروح اليوم جهويا للمعالجة والتثمين هو الفضاء ، الأرض ، المكان ، وخاصة القبول الاجتماعي في ظل نظام سياسي فقد مصداقيته ، فالاستثنائي يصبح دائما ، واتفاقيات السابق من صناع القرار لا تلزم اللاحق منه ، والحديث عن استمرارية الدولة بقراراتها وإمضاءاتها بات كالحديث عمن يكتب شعرا على الشاطئ ، فمع أول موجة بحر يضيع الحرف وسط الرمال المبللة ..
من الإشكاليات الأخرى المطروحة في موضوع التثمين هو الفرز العائلي ، وهو المصطلح الغائب المفقود في عائلاتنا التونسية ، فوعينا البيئي مفقود ، وبلدياتنا فقيرة ولا تمتلك تجهيزات وحاويات بالقدر الكافي ، وعمالها يعانون يوميا من فضلات المنازل والحدائق بل وبيوت الاستحمام ، والاعتراف بحقهم لا ينكره إلا جاحد مريض تعيس ..    
التدوير والتثمين إمكانيات وعقليات ، واعتماده غير ممكن في ظل هذه الإشكاليات ، والمنطق يقول ما استقر عليه الرأي من حل مع "عقارب" بالتخلي عن المصب نسحبه على بقية المدن والجهات ، وإنشاء مصب بديل  بهنشير زروق بالمحرس هو إنشاء بؤرة توتر وتلوث وأزمة اجتماعية ومواطنية جديدة ..فمن تعريفات المغفل هو ذاك الذي ينتظر نتائج مختلفة معتمدا على نفس الوسائل والمقدمات .. 
الحل في تقدير الخبراء هو الحرق أو الترميد داخل أفران خاصة في درجة حرارة 900 إلى 2000 درجة مئوية وما تمكنه هذه التقنية من توليد الكهرباء والتدفئة المركزية..التقنية حديثة ولا تستوجب القبول الاجتماعي ولا تخلق بالتالي أزمة اجتماعية بيئية مواطنية كتلك التي حصلت في مدينة عقارب ، فـ " "عڨارب"  الساعة لا تعود إلى الوراء!.. 
راشد شعور 
 

تعليقات الفيسبوك