مع الشروق...وتبقى القدس أصل الصراع وعنوان القضية

مع الشروق...وتبقى القدس أصل الصراع وعنوان القضية

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/08/22

حـتى لا ننسى فقد مرّت أمس الذكرى 52 على جريمة إحراق المسجد الأقصى (21 أوت 1969).. تلك الجريمة البشعة التي أتت على منبر صلاح الدين الأيوبي وألحقت أضرارا فادحة بـ 400 متر مربع من السقف الجنوبي ـ الشرقي للمصلى القبلي.. كما أضرت بفسيفساء وزخارف القبة الرصاصية وعمودين من الرخام بين القبة والمحراب.
وحتى لا ننسى فإن الأقصى خصوصا ومدينة القدس عموما ظلت على الدوام هدفا للمؤامرات الصهيونية بغية طمس معالمها العربية ـ الإسلامية والمسيحية وتهويدها وتهيئتها لتكون «عاصمة أبدية لعاصمة إسرائيل». عام 1969 لم يكن قد مرّ على احتلال القدس الشرقية إلا عامان ومع ذلك فقد بدأت مبكرا الاعتداءات الصهيونية والمخططات الصهيونية الممنهجة الهادفة إلى طمس المعالم العربية ـ الاسلامية للمدينة. فعلاوة على عملية الحرق المتعمّدة لم تتوقف الحفريات وعمليات طمس المعالم التي أفضت إلى تدمير حارة المغاربة علاوة على حفريات لا تتوقف في محيط الأقصى وتحته إلى درجة أن علماء الاثار الفلسطينيين والعرب باتوا لا يستبعدون انهياره بفعل هذه الحفريات أو بفعل زلزال ليتخلص الصهاينة نهائيا من هذا الرمز الذي يؤكد عروبة المدينة ويشكل للمسلمين كافة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. ولتأخذ عملية التهويد منعرجا حاسما بغياب المعالم القديمة والتي تؤكد هوية المدينة العربية الاسلامية والمسيحية بعيدا عن أساطير الصهاينة وخرافاتهم..
ومع مرور السنوات والعقود تعدّدت السياسات والمخططات الصهيونية الهادفة إلى استكمال ما بدؤوه بحريق 1969. وفي هذا الإطار ظهر مخطط ما سمي «الحوض المقدس» والذي يشمل بناء حدائق حول أسوار القدس وبؤر استيطانية سياحية. وهو مخطط رصدت له حكومة الكيان أموالا طائلة لتحقيق هذه الرواية على أرض الواقع. وهو ما نلمسه تارة بالاغراءات التي تقدم لأصحاب الأراضي والمباني لبيعها.. وتارة أخرى بقرارات المصادرة والهدم وتسخير «القضاء الصهيوني» للمساعدة في انتزاع أملاك الفلسطينيين وتوظيفها في إطار هذا المشروع الصهيوني الكبير وهو ما عشناه موخرا في مواجهات حي الشيخ جراح وحي سلوان والتي تعدّ حلقات في إطار هذا المسلسل الصهيوني الكبير والخطير.
ان الذكرى 52 لجريمة حرق المسجد الأقصى تحيلنا رأسا إلى مفاصل المشروع الصهيوني الهادف إلى طمس الهوية العربية الاسلامية والمسيحية للمدينة المقدسة تمهيدا لتهويدها بالكامل وتمهيدا لتكريسها «عاصمة أبدية للكيان» وهو ما يؤكد مجددا أن الصراع مع الصهاينة هو في الأخير صراع وجود وليس صراع حدود.. كما تحيلنا هذه الذكرى إلى أداء النظام الرسمي العربي في مواجهة هذه المخططات حيث مررنا من مرحلة المواجهة إلى المهادنة ومنها إلى التطبيع مع هذا الكيان الغاصب.. لنقدم له فرصة الدهر ممثلة في الاحتفاظ بالأرض وتهويدها والتنعم بـ«عسل التطبيع» والتمادي في سياسة غطرسة القوة الرافضة للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ولو في حدودها الدنيا ممثلة في قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وبكل تأكيد فإن هذا التخاذل العربي ليس قدرا، وفي عتمة الخنوع والخضوع الرسمي العربي ينتفض الشعب الفلسطيني كل مرة بمقاومته ليذود عن الأرض والعرض ويزداد معسكر المقاومة قوة وعنوانا.. ومعهما يقترب يوم النصر يوم يرفع شبل فلسطيني علم فلسطين على مساجد القدس ومآذنها وكنائسها كما كان يردّد دائما الزعيم الراحل الشهيد ياسر عرفات.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك