مع الشروق .. «قرقنة».. مغلقة إلى إشعار آخر !

مع الشروق .. «قرقنة».. مغلقة إلى إشعار آخر !

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/06

للحدّ من ظاهرة "الحرقة"، أو الهجرة غير الشرعية انطلاقا من سواحل جزيرة قرقنة الممتدة ، اتخذت الجهات المعنية منذ فترة ليست بالقصيرة قرارا في غلق المنافذ للوصول إلى الأرخبيل بداية من المحطة البحرية بصفاقس.
القرار في ظاهره منع للمهاجرين غير الشرعيين والحالمين بأضواء أوروبا من الهجرة وحماية لحياتهم من أهوال البحر ، لكن في باطنه ضرب للسياحة الداخلية ، وتعطيل للمستثمرين وأصحاب المشاريع القليلة جدا في هذا الأرخبيل الحالم المعزول .
قرقنة ، أو هذه القطعة من الجنة كما يصفها أبناؤها أحفاد حشاد وعاشور ، تعاني طبيعيا من العزلة الجغرافية كأرخبيل يبعد 18 ميلا تقريبا عن يابسة صفاقس المدينة ، كما تعاني من "العزلة المناخية" وحالة الطقس وتحكمه في الحل والترحال .
وإذا كانت " مصر هبة النيل " كما قال المؤرخ اليوناني "هيرودوت" ، فإن قرقنة ورغم التطور الحاصل عالميا في مجال النقل  البحري هي "هبة اللود " المتحكم في ترحال أهلها وسفرهم ، عملهم ودراستهم ، بل حياتهم أو دون ذلك .
  "اللود" لمن لم يفهم أو يستسغ اللفظ ، هو "البطاح"  أو المركب والسفينة المعتمدة في ربط يابستي صفاقس وقرقنة ، أصل اللفظ مختلف عليه ، لكن دوره في حياة أبناء الجزيرة محل اتفاق مطلق ، فهو وسيلة النقل الوحيدة المعتمدة والمحتكرة من الدولة ممثلة في الشركة الجديدة للنقل بقرقنة ، الشركة ورغم تسميتها بالجديدة ليست جديدة ، فهي عريقة وقد تأسست في سبعينات القرن الماضي متخصصة في نقل الركاب والسيارات والبضائع تحت إشراف وزارة النقل .
الشركة الجديدة ، رغم عراقتها وقدمها تتجدد من فترة إلى أخرى ، وهي محل تذمر في بعض الأحيان ، وتثمين في أحايين أخرى ، وهي الملاحظات التي تتجاوز في تقديرنا مجهود أعوان الشركة إلى حالة " المتحكمين فيها "، والمتحكم الرئيسي فيها ميزانية الدولة وقرارها في تدعيم الشركة بسفن جديدة تواكب العصر، أو حالة الطقس ورياحه وخاصة " الغربي " منه الذي يحكم سيطرته على النقل من دونه .
بعد هذا الاستطراد المطول ، نعود إلى الشركة التي تضع على ذمة حرفائها "ألوادا"  بمحطتي قرقنة وصفاقس ..وهنا أي في صفاقس الإشكال ، إذ لا يمكن لغير المقيمين أو لغير أبناء الجزيرة أو لغير من يريد قضاء شأن ما أو العمل من الشباب اعتماد "اللود" ، والجهات الأمنية تقوم بواجبها في تطبيق هذا القرار للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية اعتمادا على سواحل قرقنة .
السفر إلى قرقنة ، ممنوع لكل من يشتبه في أمره ، ولأن " الحرقة " باتت حلما شائعا بين شبابنا ، فإن أغلبهم لا يمكنه ركوب ظهر "اللود" حتى وان احتال أو اختلق المبررات واصطنع التخريجات ليركب السفينة حاملا في فؤاده حقيبة من الآمال والأحلام .
ولأن هذا الإجراء معطل للسياحة الداخلية والاستثمار، تحرك أهالي قرقنة مدفوعين بعشق جزيرتهم وحبهم لوطنهم مطالبين برفع العزلة وضرورة تطبيق القانون في حرية النقل التي يكفلها الدستور ، مشددين على ضرورة رفع هذه القيود على " الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس " .
راشد شعور  
 

تعليقات الفيسبوك