مع الشروق... ماذا يعني استقرار تونس؟

مع الشروق... ماذا يعني استقرار تونس؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/08/03

"الديمقراطية لا تكفي دون رخاء اقتصادي"، ربّما هذا ما توصّلت إليه أمريكا خاصة والغرب عموما بناء على مواقفهم من القرارات الاستثنائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيّد في 25 جويلية الماضي.
باستثناء تركيا، لم تندّد أي دولة غربية بما حدث في تونس أو تصفه بـ"الانقلاب" ، وهو أمر واضح وجلي في مواقف هذه الدول التي ظلّت دائما حريصة على أن تونس هي المثال العربي للديمقراطية.
فطيلة عقد من الزّمن عاينت الدول الغربية عن قرب "الحالة الصّحية" للديمقراطية في تونس، حيث أفرغت من مضمونها و أصبحت مجرّد "سيرك" و شعار تختبئ داخله المصالح الضيّقة للأحزاب و رجال الأعمال والمسؤولين.
أما بالنسبة للشعب التونسي فالأمر أصبح واضحا وهو أنه لا يمكن مقايضة الحرّية بالظروف المعيشية وبالأمن والاستقرار وخاصة بهيبة الدولة التي أصبحت في الحضيض ونكّل بها أشدّ تنكيل من طرف دعاة الديمقراطية.
نعود للدول الغربية التي "ترعى" الديمقراطية التونسية ونطرح السؤال التالي: لماذا يهمّها كثيرا استقرار تونس سياسيا واقتصاديا وأمنيا؟ وهل سيدعمون هذا الطرح بكل ما أوتي من جهد على جميع الأصعدة؟
على الجانب السياسي تبدو الدول الغربية غير مرتاحة لمرور 7 رؤساء حكومات على السلطة في تونس في 10 سنوات فقط وهو أمر لا يمكن أن يتحقّق معه أي استقرار آخر على المستوى الاقتصادي والأمني.
لذلك أصبحت تدعم بشدّة مسألة الاستقرار السياسي الصّلب المبني على أسس متينة ويلبّي رغبات الشعب التونسي الطامح لتغيير النظام السياسي على سبيل المثال وتغييرات أخرى تشمل الدستور خاصة.
اقتصاديا تعتبر هذه الدول ان ثنائية الديمقراطية والرخاء الاقتصادي لم يسيرا في خطين متوازيين بل ذهب أحدهما نحو المنتهى ووصل لحد الفوضى ونقصد الديمقراطية فيما تقلّص    الآخر حتى كاد يضمحل و نقصد الرخاء الاقتصادي.
والتركيز الآن هو كيف يمكن اطلاق هذه الثنائية مجددا بالتوازي و بمعايير جديدة  حقيقية ودائمة تحقّق الهدف الأمثل وهو ديمقراطية حقيقية ورخاء اقتصادي مقبول الى حد ما ان لم نقل مثاليا.
أما على الجانب الأمني البالغ الأهمية، فإن سقوط تونس في الفوضى وعدم الاستقرار يعني بالضرورة سقوط ليبيا وتبخّر ما تمّ التوصّل اليه لحد الآن وهو وقف اطلاق النار والاستعداد لإجراء عملية انتخابية.
وهذا بدوره يعني أمرين، الأول أن البحر الابيض المتوسّط سيصبح أكبر تهديد تواجهه أوروبا بسبب الهجرة غير الشرعية التي ستكون النتيجة الحتمية والكارثية لعدم الاستقرار في دول المتوسّط وهو أمر يثير ذعر الأوروبيين.
والثاني أن الإرهاب سينتعش في الساحل الإفريقي أين تحارب فرنسا في مالي الحركات الارهابية ضمن عملية "برخان" المكلفة، وهذا الهاجس تتشارك فيه دول أخرى خاصة الجزائر.
لكلّ ما ذكر سابقا، فإن الدول الغربية ودول الجوار تعتبر استقرار تونس أمرا غير مرتبط بها فحسب بل مرتبط أيضا باستقرارهم وهم على أتم الاستعداد  لمساعدة تونس سياسيا واقتصاديا وأمنيا حتى تتجاوز هذه المرحلة الاستثنائية الى برّ الأمان.
 بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك