مع الشروق.. قرض الـ FMI.. ومخاوف التونسيين

مع الشروق.. قرض الـ FMI.. ومخاوف التونسيين

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/05/07

بالتزامن مع الزيارة التي يؤديها الوفد الحكومي التونسي إلى واشنطن للتفاوض مع صندوق النقد الدولي حول قرض جديد، تسود حالة من المخاوف في تونس من التداعيات المنتظرة لهذه الخطوة الجديدة نحو التداين على الوضع الاجتماعي في البلاد. فالخبراء والمختصون يتحدثون اليوم عما ستلتزم به الحكومة أمام صندوق النقد الدولي للحصول على هذا القرض. وهي التزامات لا يمكن أن تكون غير التقليص من نفقات الدولة واتباع ما يشبه سياسة التقشف.
وقد كشفت وثيقة تداولها التونسيون في اليومين الأخيرين وتضمنت الإصلاحات الحكومية التي سيقدمها الوفد التونسي لصندوق النقد الدولي مقابل الحصول على قرض جديد بقيمة 4 مليارات دولار أن الحكومة تُخطط للإلغاء التدريجي لدعم المواد الأساسية بما في ذلك المواد الغذائية والكهرباء والغاز والمحروقات، وتقليص كتلة الأجور من خلال برنامج المغادرة الطوعية في الوظيفة العمومية، وإصلاح الجباية وما قد يترتب عنه من ترفيع في الضغط الجبائي على الأفراد والمؤسسات، إلى جانب إصلاح المؤسسات العمومية.
وإضافة إلى هذه الإجراءات "المُخيفة"، من المنتظر أن تواصل الدولة التزامها بغلق باب الانتدابات في الوظيفة العمومية. وهو ما سيزيد في معدلات البطالة خاصة لدى حاملي الشهائد العليا. ومن المنتظر أن تضطر الدولة أيضا إلى تقليص تدخلاتها الاجتماعية في مجال المساعدات والعناية بالفئات الفقيرة والهشة وبالمنظومة الصحية العمومية وبدعم الدواء. وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر في البلاد ويُعمم البؤس والاحتياج والأمراض.
صحيح أن الوفد الحكومي الذي توجه إلى واشنطن لن ينجح في إقناع صندوق النقد الدولي بتمكين تونس من القرض المنتظر إلا إذا التزمت الحكومة بتنفيذ جملة الشروط الموضوعة.. وصحيح أن تونس تحتاج اليوم هذا القرض بشدة نظرا الى وضعها الصعب.. لكن في المقابل على الوفد أن يُفاوض استنادا إلى الواقع التونسي وإلى الحالة الاستثنائية التي تمر بها البلاد منذ الثورة إلى اليوم وما عاشته من تقلبات أثرت على الاقتصاد وعلى الوضع المالي للدولة واستنادا أيضا إلى تأثيرات أزمة كورونا في العامين الأخيرين.
وبالنظر إلى كل ذلك  على صندوق النقد الدولي أن يأخذ بعين الاعتبار في مفاوضاته مع الوفد الحكومي الطبيعة الاستثنائية للحالة التونسية اليوم والتي كانت نتيجة تراكمات عشر سنوات من الانشغال بالانتقال الديمقراطي وبالشأن السياسي على حساب الشأن الاقتصادي وتفاقمت بسبب أزمة كورونا.. وعلى الصندوق أن يعلم أن تونس كانت طيلة السنوات الماضية "ضحية" وعود كاذبة من دول وقوى أجنبية بالوقوف إلى جانبها بعد تحقيق الانتقال الديمقراطي. لكنها لم تفعل.
اليوم، يتوقع المراقبون أن مهمة الحكومة في تحقيق كل ما ستلتزم به أمام صندوق النقد الدولي من "إصلاحات" و"إجراءات مؤلمة" للشعب لن تكون سهلة. فهذا التوجه قد يقابله رفض شعبي وغليان اجتماعي خاصة إذا ما أدى إلى تجويع الناس وإلى المس  بمكتسباتهم المعيشية التي تحققت منذ الاستقلال إلى اليوم... وهو ما يؤكد ضرورة تحلي مسؤولي الصندوق بشيء من المرونة في مفاوضاتهم مع الجانب التونسي حتى لا يتحول القرض المنتظر من نعمة إلى نقمة على معيشة التونسيين وضرورة اجتهاد الحكومة لتوفير موارد ذاتية لتمويل الميزانية حتى تتجنب اللجوء الى التداين مستقبلا..
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك