مع الشروق..نواب... ويؤسسون للخراب والإفلات من العقاب

مع الشروق..نواب... ويؤسسون للخراب والإفلات من العقاب

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/04/28

من عجائب هذا البرلمان أن جاءنا بنواب منفلتين من أي عقال، متمردين على كل القوانين والنواميس، ومستهترين بحرمة كل المؤسسات من رئيس الدولة ونزولا إلى الأمنيين وإلى الهايكا باعتبارها الهيكل التعديلي للمشهد السمعي البصري.
عشنا ورأينا ـ نوابا ـ يستهترون بحرمة المطار وبسلطة رجال الأمن وبضرورات تأمين تلك المنطقة الحيوية والحساسة لأمن تونس والتونسيين. وقد عاين كل العالم مشاهد مزرية من العربدة والاستهتار بكل شيء وبكل القيم وكأنما كان هؤلاء فوق القانون وفوق المؤسسات... أو أن صفة نائب شعب تبيح لهم العربدة والتمرد على كل القوانين... حتى عندما أبلغهم الأمن استدعاءات لسماعهم في إطار بحث تحقيقي فإنهم رفضوا المثول وكأن صفة النائب هي جواز لدوس حرمة القانون والمؤسسات ولتمريغ   هيبة الدولة تحت أحذية الهمجية.
عشنا ورأينا عربدة نائب آخر وانفلاته من كل الضوابط. هذا النائب اتخذ من تسريبات مزعومة أصلا تجاريا وراح مثل مخلب قطّ يوزّع ضرباته يمنة ويسرة. وحتى بعد أن استدعاه الأمن والقضاء وتمّ التنبيه عليه بضرورة الكف عن هذا العبث الذي ينتهك حرمة الأشخاص والمؤسسات وبالتوجه إلى القضاء المجال الوحيد للتحري والمحاسبة، فقد سد أذنيه وتمادى في نهج عربدته... لتطال ـ هرطقاته ـ هذه المرة رئيس الدولة بتهم وتهويمات جديرة بأفلام الخيال البوليسي الهابطة. وحين استدعاه القضاء العسكري ليحقق معه بما أن رئيس الدولة هو في نفس الوقت القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمعة المؤسسة العسكرية من سمعته، فقد «تبخّر» في الطبيعة ورفض الحضور... بل وأعطى لنفسه حق تكييف التهمة وتحديد الجهة التي يجب أن يمثل أمامها وما إذا كانت عسكرية أو مدنية.
كل ذلك والبرلمان الموقّر ينحاز إليه ويجاريه بدعوة وزير الدفاع لمساءلته وكأنما أصبح الوزير أو الوزارة هما المتجاوزان وعليهما تبرير توجيه الاستدعاء وليس النائب المنتصب عشوائيا على رصيف الحياة السياسية والذي يفترض أنه اعتدى على كل نواميس الدولة وعلى حرمة مؤسسة رئاسة الجمهورية ومن خلفها على كل تونسي وتونسية يبقى السيد قيس سعيد رئيسه علاوة على مشاعر قرابة الثلاثة ملايين الذين انتخبوه.
حبل تسيب النواب لم يقف عند هذا الحد بل إن «خيرات» هذا التسيب فاضت أيضا على «الهايكا» حيث أنها رتكبت «جرما» ليس مثله جرم على ما يبدو عندما لعبت دورها كهيكل تعديلي وتصدّت لإذاعة منتصبة عشوائيا في أحد الجبال بولاية بنعروس وتزعم التحدث باسم القرآن الكريم وهو منه براء بما يسهم في نشر الفكر المتطرف وفي توفير حاضنة للتطرف عشنا تأثيراتها على شبابنا الذي تدعش وتهافت على بؤر القتال في سوريا والعراق وغيرها... ونعيش تأثيراتها من فترة إلى أخرى مع شبابنا المهاجر في أوروبا مثل حادثة طعن الشرطية الفرنسية التي نفذها شاب تونسي ترعرع في حاضنة التطرف والإرهاب.
لم تقف العربدة عند تحدي قرارات الهايكا بل إن صاحبها وجد من الجرأة ما جعله يقاضي الهايكا ليصبح المارق عن القانون وممارس الانفلات هو من يلاحق المؤسسات ويطارد القانون في أروقة المحاكم... فهل بعد هذه الغرائب غرائب أخرى؟
واضح أن هذا النزيف من التسيب والانفلات ومن الاستهتار بحرمة الأشخاص والأسلاك والمؤسسات لن يتوقف ما لم تستعد الدولة هيبتها وما لم يستعد منطق القانون والمؤسسات علويته وما لم يتم الضرب بأيد من حديد على أيدي العابثين بالنظم وبالقوانين ومن يتوهمون أنهم فوق القانون وفوق المساءلة. هم نواب نعم، ولكنهم مواطنون وهي صفة تلزمهم باحترام القانون والمؤسسات مثلهم مثل أي مواطن بعيدا عن منطق التمسّك بالحصانة لأنه في نهاية المطاف لا حصانة لمن لا يحترم القانون ولمن يمارس العربدة والاستهتار إزاء الدولة ومؤسساتها...
وإلا عمّت الفوضى وساد الإفلات من العقاب... وتلك الضربة القاضية  لما بقي لنا من دولة.. ومن هيبة دولة.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك