كيف يمكننا مواجهة قذارة الحرب ومقاومة فيروس الحضارة الحالية؟

كيف يمكننا مواجهة قذارة الحرب ومقاومة فيروس الحضارة الحالية؟

تاريخ النشر : 22:04 - 2020/10/02

لا يمكن لباحث جاد عن آخر رائحة للأفكار القادرة على إبداع التغيير المطلوب أن يتناسى عمدا أصل الداء الكامن في توحش السوق المعولمة المنتجة لكل صنوف الفيروسات في كل المجالات. وهنا الإجابة الكاملة دون تفصيل، من صناعة وجود من فئة العدوان على الوجود وحياة "غير حية" لهذا الفيروس وصولا إلى احتضانه وحمله والالتصاق به، بل واللهث وراءه تبعية والعناية به غصبا وتمويل وتغطية حركته البغيضة إرادياً. ما يتطلب عند "أطباء الحضارة" الجادين عملا معمقا ومطولا لاكتساب المناعة الحضارية الكافية لحفظ الحياة عموما والصحة بخاصة. وكل ذلك مرهون بالتحرر الروحي والذهني والنفسي من معيقات تخلف الإنسان عن عقله الخاص به وتاخره عن نجدة نفسه وانقاذ ذاته، جماعيا لا فردانيا، من فخ الانسحاق الذاتي في الدرك الأسفل من قيم الحكمة في القرار والكرامة في خيارات الحياة.
يبدأ هذا التحرر الروحي بلا شك من تغيير طريقة الحياة. ولا ينتهي عند إبداع تحرر تنموي شامل بتباعد حضاري واضح مع كل مظاهر الارتباط العضوي بمولدات هذه النكسة الحياتية والبيوسياسية التي تمر بها البشرية.
قال الحكماء قديما: "الصحة هي الشعور بالسكينة في الجسم". ليست الأمور هكذا تماما. غير انه من الحكمة سلك هذا السبيل ومسلكية هذه الطريق. نعم، الحياة ممكنة للجميع بشرط واحد أوحد وهو تحصيل الشرط الضروري لكل هذا وهو الاستغناء الطوعي القطعي عن كل ما لا لزوم له. 
ربما يحتاج ذلك عصرا آخر يبدأ الآن أو "شعب مستقبل" يعيش بعضه معنا أو إنسانية عميقة وأكثر آدمية لم تفارق الروح البشرية مطلقا وإن بدا عكس ذلك غالبا. إلا أن كل الأمر يتعلق ببرنامج مكثف لعقل هذا العصر والعصر المقبل، برنامج "اصلاح عقل" لا ينتهي بمنعطف إنساني أو طفرة إنسانية تحقق السكينة الحضارية المبثوثة في جسد الكون.
إنها قذارة حرب لا فن فيها. وعلينا أن نواجهها بحرب الوعي على مصادر تدمير الحياة. ولا يتم ذلك مستقبلا إلا بالقضاء على القتل البطيىء في كل المستويات. ومن ثم القضاء على الانتحار بعيدا عن الجدل الكاذب حول الإعدام في حين ان المشكل يتعلق بالانتحار، اما بقتل الذات وإما بقتل الغير. وهنا لا حلول ولا عقوبات ناجعة لأنك لا يمكن أن تختار بين الإبادة الجافة قتلا وبين الابادة البطيئة بدعوى دعه يعيش حتى يموت أو حتى دعه يموت بطريقة أخرى.
بعدئذ، والأمر هنا ليس ترتيبا، تصفية إرث الإستعمار وإطلاق برنامج وطني شامل للانعتاق الروحي وللتحرر التنموي، من بناء شراكات استراتيجية جديدة تدريجية ومتنوعة بالاتجاه شرقا وجنوبا أكثر فأكثر إلى دعم المقاومة الإنسانية ضد كل هيمنة وعبودية واعتداء على الحياة وعلى الإنسانية إلى الوقوف الإنساني الشامل والجامع ضد العدو الصهيوني للقطع البشري النهائي مع النموذج الدموى الذي يخيم على قلوب البشر ويقاتلهم في أنفسهم، من مناعة أرواحهم حتى مناعة أجسامهم وحياتهم الجماعية دون فتن ودون اعتداء الكل على الكل.
هذا هو الأمل.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

في شهر أكتوبر: 2 أكتوبر تاريخ تحرير بيت المقدس أيام صلاح الدين الأيوبي.
16:12 - 2024/05/14
تعتبر مدينة المتلوي أوّل مدينة يصلها القطار ذلك أنّ السكّة الحديديّة مدّت إليها تحديدا يوم 19 أفر
09:29 - 2024/05/14
الجامعات الغربية تقول اليوم كلمتها من خلال الحراكات  الطالبية وليس غريباً أن تكون غزة التي تشهد أ
09:29 - 2024/05/14
استُكْمِلَ تنصيبُ المجلس الوطني للجهات والأقاليم بِمركزيته،  وأقاليمه،  وولاياته،  ومعتمديّاته،  
08:57 - 2024/05/13
قالها وزير الفلاحة مخاطبا فلاحا طلب منحه رخصة لحفر بئر فتعللت الادارة بانتظار اجتماع لجنة اسناد ا
08:57 - 2024/05/13
لقد استغل المرحوم علي البلهوان كل المناسبات (ابّان فترة الإستعمار) ليدعوا الناس إلى مواصلة النضال
08:57 - 2024/05/13
أعادت ملحمة «طوفان الأقصى» بعد مرور سبعة أشهر على انطلاقتها الاعتبار لمفاهيم التحرّر الوطني والعز
08:57 - 2024/05/13
نصبُوا خيامهم، ورفعوا أعلامهم، وأشهروا لافتاتهم بين تلافيف ساحات أعرق، وأشهر الجامعات الأمريكيّة،
08:57 - 2024/05/13